رؤية السيد بوش إلى أين ؟.

م. زياد صيدم

[email protected]

لقد آمن الشعب الفلسطيني  عبر مسيرة نضاله المريرة بدءا بالانتداب البريطاني وثوراته الأولى مرورا بتفجيره لثورته المسلحة قبل أكثر من أربعه عقود مرورا بانتفاضته الأولى والثانية آمن بالحرية وبالسلام العادل وثوابته الوطنية الراسخة ، فمن أحق منه  بعيش كريم في دولته المستقلة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وهو آخر الشعوب المحتلة قاطبة على وجه المعمورة،فهو شعب ما يزال تحت النار والحصار لم يستثنى أطفاله في بيوت انتهكها الرصاص ودمرتها المدافع والصواريخ الآثمة ومع هذا يقف شامخا وصامدا كشجر الزيتون بعمر السنين..

إن عملية السلام المتعثرة جراء صلف وخداع صهيوني و التى توجت مؤخرا بوعد من السيد بوش لجعل عام 2008 عام الدولة الفلسطينية المستقلة وتم عقد مؤتمر انا بليس لتدشين خطوات تحريك معينة  وآليات معدة على خلفية زحام من المفاوضات المضنية هنا وهناك مع دولة الاحتلال الإسرائيلي على أمل ببلورة هذا الوعد وتحويله إلى مسار سياسي كما فهمتها السياسة الفلسطينية وعملت جاهدة لتحقيقها إلا أن الإدارة البوشية لم تحرك ساكنا باتجاه الضغط على ربيبتها إسرائيل، وكأن لا مصلحة لأمريكا بحل لقضية فلسطين  أو كأنها لا يربطها وجود مصالح هامة ومصيرية  بالمنطقة العربية وأعنى هنا مصادر النفط والسوق الاستهلاكية والاستثمارات الفظيعة في بنوكها التى تُرجحها دوائر مختصة بأكثر من  (2.6 تلريون $ / سنوي ).. بل وذهبت ربيبتها دولة الكيان الصهيوني بعيدا في عرقلة وضرب عرض الحائط بكل ما تمخضت عنه جميع اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات  في كامب ديفد والعقبة وشرم الشيخ حيث وجدنا عكس ما هو مطلوب وينادى به دوليا وعربيا  فقد تمادت دولة الاحتلال عقب انا بوليس  بإنشاء وتقديم عطاءات لبناء مستوطنات جديدة وتوسيع القائم منها  وأبقت على كل حواجز فاصلة بين قرية وأخرى ومدينة وحى في الضفة الغربية المحتلة مما دفع السلطة الوطنية الفلسطينية إلى إعادة تذكير السيد بوش بوعده القديم بتحقيق تقدم ملموس وتليين الجانب الصهيوني الذي من فرط تبجحه  واستهتاره لم يلتفت إلى مبادرة العرب ضمن حدود عام 67 لحل شامل وسلام دائم وهذا تأكيد من أن الإدارات المتعاقبة في أمريكا لا ترغب جديا بإيجاد حل عاجل لقضية فلسطين وذلك لإبقاء الوضع على ما هو عليه بل ذهبت في احتلال العراق وتدخلات وتهديدات في دول إقليمية متاخمة لفلسطين بغية تشتيت لب الصراع وجعله ثانويا بدل أن يكون في صدارة الأحداث وبالتالي عدم  التركيز أكثر عليه، وهذا ما يعرف بتشتت المسارات لأغراض تمييع لب القضية فبالنسبة لهم إن تقليل الأهمية هو بحد ذاته تقليل في الطموحات والسقف الذي يبنى عليه الجانب الفلسطيني والعربي والذي توحد بمبادرة عربية متجمدة بوشيا (نسبة إلى السيد بوش) وإدارته ذات الروتين الواحد والنكهة الواحدة والكيل بمكيالين تجاه قضايانا العادلة سواء في فلسطين أو في منطقتنا العربية....

شهور أربع على انتهاء مدة ولاية السيد بوش ولم يتحرك بعد ؟؟؟ لجعل وعده - أو رؤيته كما يحلو لهم تسميتها لعدم رغبتهم في الإبقاء عليها !!- حقيقة بالرغم من تحرك دءوب فلسطيني وعربي وآخره مؤتمر القمة العربي وتأكيده على مبادرة السلام التى ما تزال معلنه بالرغم من عدم الاكتراث العملي لها من قبل الجهات المعنية وهى إسرائيل وأمريكا وبالتالي فالمجتمع الدولي وقف ساكنا حائرا معطلا لا يستطيع فعل أي شيء نظرا لتعطل مجلس الأمن  نتيجة للهيمنة الأمريكية عليه بلا منازع وتفرد أمريكي بالورقة الخاصة بالشرق الأوسط.

فها هو الأخ الرئيس أبو مازن في أمريكا اليوم طالبا تفعيل الوعد من واعده السيد بوش نفسه فالجانب الفلسطيني صادق النوايا لأنه يعلم حقيقة الأوضاع  الداخلية والعربية والعالمية جيدا وللعلم وعلى المستوى السياسي الداخلي الفلسطيني هناك اتفاق كامل بين جميع القوى دون استثناء على حدود عام 67 تقام عليها الدولة المستقبلية كما تأكد من حديث قوى المعارضة الفلسطينية مؤخرا  وبهذا تكون بعض الحجج قد أزيحت من أمام وفدنا الفلسطيني المفاوض فهل يفي بوعده السيد بوش ؟؟ أم يلجأ إلى سياسات الإغراق والتمييع للقضية كعادة أسلافه مرتكزا على ضعف عربي جامح وتشتت فلسطيني داخلي وانحلال في القوى العالمية الأخرى المساندة  وهذا ما نميل إليه فنحن كأقلام حرة لن نغير من رأينا طالما لم يتحقق شيئا عمليا وحقيقيا وملموسا على ارض الواقع.

فهل تكشف الأيام القادمة صحة ما نرمى إليه من كون السيد بوش حقيقة قد باش بنا  ؟؟ أم يكون هناك نوع من أمل قد طال انتظاره ومفاجأة لطالما انتظرناها كشعوب قد ملت الكذب والدجل والنفاق في كل مكان وزمان !!

ولكن ليعلموا بأننا شعب قد طفح كيله، ولم نعد نمتلك شيئا نخشى عليه أو نخاف منه، فأطفالنا تُحرق والحصار خانق والأوضاع مقززة تبعث على الغثيان، وآمالنا تراجعت، ولكن عزائمنا صلبة وتصميمنا على مواصلة طريق الحرية أكيد وثابت بل وساطع كنور الشمس، وما لنا غير قول الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود : فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا  .

إلى اللقاء.