قهقهة القرود المختبئة

كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

لست هنا بصدد الذود بالدفاع عن الإدارة الحالية للموانئ العراقية, ولا أريد استعراض خطوات الإبداع والتفوق في مسيرتها الذهبية القديمة, التي ازدهرت بها في زمن الأستاذ الكبير مزهر الشاوي, ولا أسعى لتجميل تلك الصورة الزاهرة أكثر مما هي جميلة ورائعة, ولا أنا من الذين يحاولون كسب رضا الوزراء والحكومات, فأنا وبعض رجال الدولة على خلاف دائم, ويسعدني الإفصاح عن هذا الخلاف والتفاخر به في كل مناسبة, حتى صرت معروفا برصد هفوات التشكيلات الحكومية, وكشف كبواتها من خلال الكتابات النقدية الساخرة, مستخدما اسمي الصريح, ومن دون حاجة إلى التستر بالأسماء المستعارة, ومن دون حاجة إلى التبرقع بالوجوه الزئبقية الجاهزة, ولا أخشى في قول الحق لومة لائم, ولا غضبة جاهل, وأدعو لمحاربة الفساد والظلم على رؤوس الأشهاد, وهذا هو شعاري واختياري, وهكذا وجدت نفسي مضطرا للتصدي لقهقهة القرود المنفلتة والسعادين التائهة, التي راحت تتقافز هذه الأيام في الحدائق الخلفية للموانئ العراقية, وراحت تسيء لتاريخ الموانئ وسمعتها, وتمارس هواياتها البهلوانية غير المتوازنة في الافتراء والتلفيق, تتستر خلف الأسماء الوهمية, لتبث سمومها عبر مغاليق البريد الالكتروني وخباياه, تنشر أكاذيبها في المنتديات, وتمارس الضجيج والقهقهة.

سلكت هذه القرود البشرية المنتوفة الحواجب المسالك الرخيصة لإظهار شجاعتها الهلامية من وراء حواجز الانترنت, وسعت لتصفية حساباتها مع إدارة الموانئ بأسماء مستعارة يتخذونها كغطاء لبث سمومهم على الأستاذ (محمود صالح عبد النبي), ورئيس المهندسين (حميد الحسيني), وقاموا هذه الأيام بحملات تشهير رخيصة استهدفتني شخصيا, واستهدفت المرحوم (شاكر قاسم), من خلال ممارسة الكتابة تحت أسماء وهمية, ليعبروا بذلك عن إفلاسهم الأخلاقي, وكأنهم على حد قول النابغة الذبياني (وجوه قرود تبتغي من تجادع),   

لاشك أن الانترنت هو الغابة المفضلة لهذه القرود, فهو الفضاء الرحب, المفتوح المساحات, المتسع الآفاق, حيث لا حدود فاصلة بين الصح والخطأ وفق المنظور الديني والأخلاقي, وهكذا وجد فيه ضعاف النفوس ضالتهم في الإفلات مما يحسبوه قيودا عليهم, فأتاح لهم ذلك متنفسا (كما يعتقدون) لاستحالة أن يظهروا بأسمائهم الحقيقية, حتى لا يفتضح أمرهم, فالبريد الالكتروني يتيح لهذه القرود المتظاهرة بالشجاعة البوح بما يستبطنونه من حقد وضغينة, والتصريح به من دون خوف من الملاحقة القانونية أو الإدارية, وظنا منهم أيضا في أنهم في مأمن من كشف هوياتهم وأماكنهم.

أنا (مثلا) من وجهة نظر هذه القرود المنتوفة الحواجب شخصية كارتونية, ساقتني رياح الصدفة, فجعلتني مديرا للتفتيش البحري, ثم مديرا لميناء خور الزبير, ثم معاونا للمدير العام. ثم مرشدا بحريا متميزا بمهاراتي الملاحية في المسطحات المائية العراقية, وقد شنوا عليّ هجومهم هذا في الخفاء رغم مغادرتي المواقع الإدارية منذ بضعة أعوام, ثم شنوا هجومهم المباشر على الأستاذ (شاكر قاسم) رغم انتقاله إلى جوار ربه منذ أعوام, وشككوا بقدرات هذا الرجل الذي كان (رحمه الله) رمزا من رموز العفة والنزاهة والشرف والاستقامة, ثم انتقصوا من قدرات السيد حميد الحسيني الذي كان (رحمه الله) من رؤساء المهندسين المتميزين بالكفاءة العلمية, ومن المتسلحين بالمواهب الهندسية والإدارية. فغرقوا في أوحال الكراهية, وغاصوا في مستنقعات التخبط والثرثرة الفارغة.

أي شجاعة هذه التي يختبئ فيها الإنسان خلف دروع الأسماء المستعارة, ويلوذ بالهويات المزيفة ؟؟, وأي شجاعة تظهرها هذه الفئة المختبئة في العتمة, في الوقت الذي لم يتردد المعارضون لسياسة الموانئ من إطلاق التصريحات العلنية والاحتجاجات المتكررة, فنظموا المظاهرات, وواجهوا المدراء وجها لوجه, وطالبوا بحقوقهم الحالية والمستقبلية, فنالوا احترام الجميع.

ان هذه الممارسات الصحيحة هي التي يتعين على الشجاع القيام بها, اما الذين لبسوا جلود القرود المنفلتة, والذين آثروا الاختباء في الظلمة, والافتراء على الأحياء والأموات, فنقول لهم: اظهروا إلى السطح, تحرروا من عقدة الخوف, وعبروا عما يجول في نفوسكم من دون خوف أو تردد, وإلا فلن يسمعكم احد, ولن يكتب لكم النجاح.