بخصوص الموقف الأخير من قطاع غزة

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من الإخوان المسلمين

·   لا نحسب أن أحدا قد نسى أن الفلسطينيين فى الضفة والقطاع تعرضوا لحصار ظالم فى أعقاب الانتخابات التشريعية التى جاءت بمنظمة حماس إلى السلطة، وتم تضييق الخناق حول قطاع غزة فى أعقاب ما حدث بين منظمتى فتح وحماس، وظل الحصار يضيق حول الشعب الفلسطينى فى القطاع لدفعه للتمرد على حركة حماس وإسقاطها، وبالتالى إسقاط خيار المقاومة للاحتلال الصهيوني، وترك الفلسطينيين تحت رحمة الصهاينة يحرمونهم من كافة حقوقهم المشروعة، وأبسط مقومات الحياة، وللأسف فقد شارك فى هذا الحصار الخانق كل القوى العالمية الباغية بل ومعظم الحكومات العربية حتى وصل مليون ونصف مليون فلسطينى إلى شفا الموت جوعا وبردا ومرضا، إضافة إلى الموت نتيجة الغارات الصهيونية الوحشية المستمرة، الأمر الذى دفعهم منذ فترة إلى اقتحام الحدود مع مصر استغاثة بإخوانهم المصريين من أجل كسر طوق الحصار القاتل، وبالفعل تجاوب معهم أفراد الشعب المصرى وأمدوهم بما يحتاجونه من طعام وشراب ودواء، مؤثرينهم فى ذلك على أنفسهم رغم ما بهم من خصاصة، وتعاونت الحكومة المصرية مع شعبها فى بداية الأزمة، إلا أنها عادت لإغلاق المعبر وبناء سور عازل على الحدود وتكثيف الوجود الأمنى هناك والتضييق على الحركة عبر المعبر، والأدهى من ذلك انطلاق الأبواق الإعلامية والتصريحات الرسمية بأن الأمر يهدد السيادة المصرية فضلا عن أن هناك اتفاقيات دولية تحكم قضية فتح المعبر، وتشيع أن حماس تريد أن تستولى على أجزاء من سيناء وتحاول تصدير مشكلاتها إلى مصر، وبالتالى فقد كان الهدف من هذه الحملة الإعلامية القضاء على التعاطف الشعبى المصرى تجاه إخوانهم الفلسطينيين وتصويرهم على أنهم أعداء يعملون ضد مصلحة مصر، فى الوقت الذى يسعى فيه نفس الإعلام على تصوير الأمريكان والصهاينة على أنهم حلفاء لمصر، فى محاولة لمحو الذاكرة، وقلب الحقائق والموازين .

·  ولكى لا ننسى ينبغى التذكير بالحقائق التالية :

1.  الكيان الصهيونى قام على أنقاض دولة فلسطين العربية المسلمة، فى احتلال استيطانى عنصرى يستهدف طرد كل الفلسطينيين من أراضيهم .

2.  هذا الكيان كيان توسعى عقائدى يرمى إلى إقامة دولة صهيونية من النيل إلى الفرات، ثم الهيمنة على كل مقدرات المنطقة .

3.  أنه كيان إرهابى عدوانى لم تسلم من عدوانه كل الدول العربية المحيطة به بل وصل عدوانه إلى تونس وهدد بعض قادته يوما ما بتدمير السد العالى لإغراق مصر، كما أنه الآن يهدد بالعدوان على إيران .

4.    هذا الكيان مدجج بكل الأسلحة الفتاكة بما فيها أسلحة الدمار الشامل .

5.  هذا الكيان هو المتسبب فى إشعال كل الحروب فى المنطقة منذ تأسيسه وبالتالى فقدت هذه المنطقة من العالم استقرارها وأمنها، وهو ما أدى إلى ضعفها وتخلفها الاقتصادى والتنموى نتيجة الإنفاق الضخم على وسائل الدفاع .

6.  هذا الكيان المغتصب وحاميته الكبرى أمريكا يقومان بتفتيت المنطقة وإثارة النزاعات بين دولها بل بين القوى السياسية داخل البلد الواحد .

7.  رغم توقيع معاهدات سلام بين بعض الدول العربية وبين هذا الكيان إلا أنه لا يزال يخترق هذه الدول وينتهك أسرارها عن طريق العملاء والجواسيس .

·   واليوم تتكرر المأساة الإنسانية فى قطاع غزة ويضيق حبل الحصار على عنق أفراده، ويبلغ الضغط عليهم مبلغه، ويوشك القطاع أن ينفجر من جديد، ولا ريب أن علينا نحن المسلمين والعرب جميعا والمصريين بصفة أخص واجبا بحكم الاتصال الجغرافى، هذا الواجب يفرضه الدين والعروبة والوطنية والأمن القومى والشعور الإنسانى، وهو أن نسعى لإنقاذ هؤلاء الأخوة من خطر الموت الذى يتهددهم، ولا سيما وقد صرح أحد المراقبين الغربيين أنهم يعيشون فى ظروف أسوأ من أى سجن فى العالم .

o   ولذلك فنحن ندعو الحكومة المصرية أن تتعالى على الخلافات السياسية وأن تتجاوب مع مقتضيات الواجب ومع الإرادة الشعبية لكسر الحصار ورفع المعاناة عن أهل القطاع وذلك عن طريق فتح المعبر مع ضبط إيقاع حركة الدخول والخروج، ولا نطلب منها أكثر من هذا لعلمنا بالظروف الاقتصادية التى تمر بها، وأن تترك للجهود الشعبية المستعدة لاقتسام اللقمة والشربة وقارورة الدواء وعبوة الوقود مع إخواننا الفلسطينيين، وألا تعير الضغوط الأمريكية والصهيونية اهتماما، وإلا كنا مشاركين فى جريمة القتل للشعب الفلسطينى الشقيق .

o   كما نطلب من الصحفيين والإعلاميين أن يتقوا الله وأن يذكروا الحقائق وأن يقدموا المصالح القومية العامة على مصالحهم الشخصية، وأن يكفوا ألسنتهم وأقلامهم عن الصامدين المجاهدين الصابرين المستضعفين الذين يمثلون حائط الصد وخط الدفاع الأول فى مواجهة المشروع الأمريكى الصهيوني (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه"

والله يقول الحق وهو يهدى إلى سواء السبيل ؛

محمد مهدي عاكف

المرشد العام للإخوان المسلمين

القاهرة في : 6  من ربيع الآخر 1429هـ

12 من إبريل 2008م