متى تمزق الحركات الإسلامية والأنظمة العربية
أحمد موفق زيدان
عشية السابع عشر من نيسان ذكرى الاستقلال السوري يظل التساؤل الكبير المطروح وسط شرائح المجتمع السوري هل سيطول ليل المقاطعة العربية و الإسلامية للشعب السوري،من أجل مصلحة شريحة سلطوية ، وهل يطول تغليب مصالح فئوية وآنية مع شريحة محتلة لسوريا، سرقت نيسان الإستقلال أولا بإعلان ميلاد البعث المأفون في نفس الشهر الذي ولدت فيه سوريا الاستقلال ، وسرقته ثانيا بعد حصول الاستقلال فانقلبت على رواد الاستقلال وأبطال الغوطة، وانقلبت على طموحاتهم ومراميهم من نضالهم، هل كان أبطال الغوطة يدور في خلدهم أن صعاليك من البعثيين والطائفيين و الحشاشين هم من سيتربعون على عرش بني أمية ويفاوضون ويقامرون بمصير شعب سوريا، طاردين أحرارها وأبطالها وأهلها الحقيقيين ...
التساؤل المطروح للأنظمة العربية أنه كفى مساومات مع نظام طائفي بغيض رهن سوريا كل سوريا لآيات قم وطهران، ويسعى إلى رهنها مستقبلا لعصابات الموت الطائفية التي تعيث فسادا في عاصمة الرشيد يحدوها حقدها الدفين على عواصم بني أمية وبني العباس، تحت شعار رفعها رئيس وزراء الحكومة العراقية المنصبة من قبل الاحتلالين الأميركي والإيراني " المعركة ضد الأمويين متواصلة".
نقول على الأنظمة العربية أن تتوقف قليلا، وتوقف معها مهزلة المساومة، وتغادر سوق النخاسة التي ترتاده من أجل بيع الشعب السوري لصالح النظام الطائفي ، على هذه الأنظمة أن توقف رسائلها لهذا النظام المتضمنة بأن عليك أن تتنازل في لبنان والعراق وغيرهما أو بعضهما مقابل إطلاق يدك في ذبح وضرب وتشييع سوريا، فهم صمتوا منذ البداية حين وفروا له الغطاء في دخول لبنان على يد والده المقبور عام 1976 فأعمل قتلا وذبحا وسجنا للشعب الفلسطيني،ثم فتح أبواب لبنان ونوافذها لموسى الصدر وحراس الثورة الإيرانية ليمكنوا إيران من وضع يدها ورجلها في سوريا ولبنان، وهذه الأنظمة صامتة، بذريعة الحكمة والتروي والتضامن العربي،أو بذرائع أخرى نجهلها ...
على هذه الأنظمة أن تدرك أن السرطان لا يقاوم بالأسبرين ولا يقاوم بالمسكنات، وإنما لا بد له من علاج بالكيماوي وعلاج بعملية جراحية تنزع الخلايا السرطانية المعتملة في الجسد السوري والتي تسعى إلى التمدد والتوسع على حساب الجسد العربي والإسلامي...
إن الرسائل التي ترسلها بعض القوى العربية والإسلامية والغربية حتى إلى النظام بأننا رضينا لك أن تعيث فسادا في سوريا لكن ارحمنا في غيرها أو بعض غيرها، هذه الفكرة خطيرة على مستقبل المنطقة،وليتذكر هؤلاء بأن هذا النظام حين رأى التهديد التركي جدي في مسألة عبد الله أوجلان رضخ صاغرا في ليلة ما فيها ضوء قمر كما يقال، وهكذا ينبغي أن تكون الرسائل، فهو نظام قمعي أمني طائفي لا يفهم إلا هذه اللغة... وسيجد أصحاب هذه النظريات مخاطرها لاحقا، مخاطر ستطال أنظمتهم وتركيبتهم الفكرية والعقدية والمذهبية في أوطانهم وحينها ولات ساعة مندم ...
هل كان على الشعب السوري أن ينتظر اغتيال شخصية بمستوى الرئيس رفيق الحريري ليهتم العالم العربي والعالم كله بمأساته وبما يجري له، وإن كان هذا العالم على ما يبدو على استعداد لأن يضحي بكل الشعب السوري وحريته وكرامته في سوق الصفقات الرخيصة والنخاسة، وذلك على مذبح ما يدعونه حريات حقوق الإنسان والديمقراطية ونحو ذلك من الكلمات الرنانة التي لا معنى لها في عالم القوة والمصالح، ولا وجود لها إلا في المؤتمرات والتصريحات ...
ربما يتفهم البعض حرص بعض الأنظمة على إبقاء حبل الود مع النظام السوري، بسبب تشابكات وتعقيدات الوضع العربي ومصالح كل طرف لدى الطرف الآخر، لكن ما يستغربه المرء هو حرص الحركات الإسلامية والوطنية في العالم العربي على الدفاع عن هذا النظام بسبب وبدون سبب، فحين تعتقل دجاجة في أقصى الأرض تهب المؤتمرات العربية والشعبية والإسلامية للدفاع عنها تحت لافتة الإسلام المتسامح والوجه الحضاري للأمة، غير أن هذا الوجه الحضاري مغيب تماما عن هذه المؤتمرات والحركات حين يزج هذا النظام بخيرة أحرار سوريا من إعلان دمشق في أقبية السجون،وحين يغيب الدكتور ياسر العيتي ورياض سيف والبني وفداء الحوراني وعارف دليلة وآخرين كثر في غياهب السجون دون أن يرف لهذه الحركات والمؤتمرات جفن ورمش، ربما خشية أن يتهمها النظام أيضا بالوقوف في صف الرجعية والتآمر والإمبريالية، أية مهزلة هذه وأي سخف هذا ....
لقد ضنّ هؤلاء ببيان يندد بحملة الاعتقالات، عجيب هذا المنطق، عجيب أمر هؤلاء، لا أدري لماذا هذا اللعبة المزدوجة ولا يزالون يمنون أنفسهم بأن الأسد هو الذي سيحرر لهم الأقصى، متناسين أولا أن أجداده من طالبوا فرنسا بعدم الرحيل عن سوريا عشية الاستقلال، ووقع جده سليمان الأسد على عريضة وقعها كبار شيوخ الطائفة العلوية تطالب فرنسا بعدم الرحيل، وقبل هذا تعرض البطل صلاح الدين الأيوبي إلى محاولة اغتيال آثمة في جبال فرقته وهو في طريقه إلى تحرير بيت المقدس...
بقي أمر عجيب آخر وما أكثر عجائب من يتعاملون مع هذا النظام ويغطون عليه جرائمه وآثامه، وهو أن بعض قادة هذه الحركات بدأ بوصف سوريا بالأسد على غرار ما يفعله أزلام وقادة حزب البعث المأفون وكأن سوريا ولدت مع بعثهم ولم تكن شيئا قبل ذاك التاريخ، ولا أدري ما فائدة أن تخرج حركات وطنية وإسلامية إن كان إعجابها بالبعث والأسد وصل إلى هذا الحد ولماذا تفرقة الأمة، فلماذا لا تحل نفسها وتندمج في بعث الخيانة والاستبداد وبيع الجولان وقتل أبطال المخيمات الفلسطينية، فلعل هذا الطريق هو الطريق إلى تحرير الأقصى ، لا ندري وفوق كل ذي علم عليم ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!....