نوابغ الخارجية المصرية ردودهم دائماً سخيفة
أحمد الفلو /فلسطين
اعتاد موظفو الخارجية المصرية مثلهم مثل نظرائهم مسؤولو المخابرات والأمن والقوات المسلحة أن يتعاملوا مع الشعب الفلسطيني بلهجة التهديد والوعيد والاعتقال والتصفيات الجسدية للمجاهدين، ويبدو أن جميع هؤلاء لم يعد لهم عمل آخر سوى مطاردة أكياس الدقيق و حاضنات المواليد المتجهة إلى قطاع غزة ومنعها من الدخول للشعب الفلسطيني إرضاءً لسادتهم الصهاينة الذين يعبثون بالأمن القومي المصري ليل نهار من إدخال الجواسيس والمخدرات والمومسات اللاتي يحملن الإيدز لمصر إلى محاولات تعطيش الشعب المصري والاستيلاء على مياه النيل.
ولعل ما يثير السخرية والضحك أن يتقمص المتحدث باسم الخارجية المصرية دور المهدد بالويل والثبور قائلاً:«أنصح كوادر حركة حماس وبعض قياداتها من العقلاء بالكف عن استفزاز مصر، لأن الرد سيكون سخيفا وسوف يضعهم في مزيد من الحرج كما أنصحهم بأن يتوقفوا عن تحريض مشايخهم داخل القطاع ضد مصر وقياداتها ومسؤوليها، لأن تلك الأمور لا تؤخذ باستخفاف»، وهذا التصريح يحمل في طياته كماً هائلاً من الغباء والبلاهة وعدم معرفة معاني مفردات اللغة العربية وربما أقلها أنك إذا أردت أن تتوعد شخصاً ما فإنك تتوعده بردٍ حازم أو ردٍ صارم قوي وليس بردٍ سخيف، ولا بد أنه بحاجة إلى حضور دورة تقوية في اللغة العربية كي لا يتمادى في جهله بمعاني الكلمات التي يلفظها إضافةً لجهله بالعمل الدبلوماسي فيكون عرضة للسخرية والاستهزاء.
يقول الناطق باسم الخارجية المصرية «أعتقد أنه فهم الرسالة وتصريحاته الأخيرة، (أي الزهار)، تعكس إحباطه من عدم تجاوب القاهرة مع صيغ التحايل المقترحة»، ويقصد هنا بصيغ التحايل أي التعديلات التي تريد حركة حماس إضافتها إلى ورقة المصالحة المصرية، ويبدو أن حسام زكي هذا يعمل في مجال لا يمٌتّ بصلة للعمل الدبلوماسي فهو يتخيل أنه وسعادة أبي الغيط رقباء في الشرطة وعلى حركة حماس التنفيذ والتوقيع فقط حسب المبدأ العسكري (( نفّذ ثم اعترِض)) أو على طريقة ((يللا ياجدع انت وهو وقَّع بأه وخلصنا بلا فلستشين "فلسطين" بلا قرف)).
ونود هنا أن نوضح لحسام زكي أن أي صيغة أو وثيقة لتعزيز الاتحاد الأوربي كانت وما زالت تمر بمائة تعديل وتعديل قبل أن يتم إقرارها والتوقيع عليها وبعد عرضها على الدول الأعضاء في الاتحاد، والأغرب من ذلك أن تطلق الخارجية المصرية اسم ورقة المصالحة على الصيغة التي تمّت صياغتها بالخفاء أو العلن مع دحلان والأحمد والتي تحمل في طياتها وبنودها عوامل إبادة المقاومة، وهذا من وجهة النظر المتفاهَم عليها بين أبي الغيط ودحلان نوع من الفهلوة والشطارة على طريقة ((الثلاث ورقات)) التي ربما كانت من مستلزمات حصول أبي الغيط وزكي على وظائفهم في الخارجية و((فتّح عينك تاكل ملبن)).
ويبدو أن الممارسة الانتخابية الراقية التي وصلت حركة حماس بموجبها لقيادة الشعب الفلسطيني ومنذ اللحظة الأولى لم تحظ َبهوى مزاج النظام المصري الذي ينأى بنفسه دوماً عن أي ممارسة شعبية حرة ونزيهة ليضمن بقاءه على سدّة الحكم في ظل أجواء حالة الطوارئ، نظام يمشي على عكازين إحداهما هراوة شرطي والثانية قضيب حديدي في بوابة معتقل، ونحن هنا لا ندافع عن محمود الزهار الذي قدّم فلذتي كبده هدية لفلسطين وتعرّض هو شخصياً للقتل مرات عدّة على يد الصهاينة وسال دمه من أجل فلسطين وانتخبه الشعب وأحبه، هو الشهيد الحي، وهو الدبلوماسي ذو الطراز الرفيع الذي يعتز به أبناء فلسطين جميعاً وربما يقضي أبو الغيط دهراً ليتعلم الدبلوماسية من الزهار.
تحدث السفير حسام زكى في تصريحات خاصة لـ«الشرّ الأوسط»: «مع الأسف، إن محمود الزهار يعكس بكلامه عدم فهم آليات العمل المصرية في مجال السياسة الخارجية، وهو يتصور أن الحديث عمن يدير الملف يتم بأسلوب التنظيمات وليس الدول»، وهنا يتبادر إلى أذهاننا سؤال مشروع نتمنى أن يجيبنا عليه حسام زكي: " بماذا يفسر لنا هذا الحسام الزكي تواجد 450 عنصراً من عناصر دحلان في رفح المصرية منذ اللحظة الأولى للهجوم الإسرائيلي على غزة في 10/1/2009 م وكانوا يحملون البنادق وفي أيديهم البلطات والفؤوس لقطع رؤوس الحمساويين ليدخلوا بمعية الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة وبالتعاون مع الحكومة المصرية؟ فهل يمكن اعتبار سياسة "الفؤوس لقطع الرؤوس" تلك ضمن آليات العمل المصرية في مجال السياسة الخارجية ؟ وهل هذا هو أسلوب الدولة المصرية في إدارة الملف الفلسطيني أم هو أسلوب عصابات المافيا ؟ وهل تعتبر الخارجية المصرية اعتقال الفلسطينيين في مطار القاهرة ثم تعذيبهم وقتلهم من أجل معرفة مكان الجندي الإسرائيلي شاليط هو أسلوب دول ؟.
لقد كان أسلوب الحكومة الشرعية المنتخبة شعبيا الذي اتبعته في منتهى الأداء الدبلوماسي الرفيع في التعامل مع ما يقال عنه الشقيقة الكبرى مصر، فعندما استعادت حركة حماس الشرعية وسيطرت على مبنى المخابرات العامة وكشفت عن وثائق خطيرة تتعلق بتآمر دحلان أبو ريالة على أمن مصر تلك الوثائق تضمنت معلومات عن تورط دحلان في التعاون مع المخابرات الإسرائيلية والأمريكية بشكل منتظم في عمليات إغراق مصر بالمخدرات المهربة من إسرائيل عبر قطاع غزة، بالإضافة إلى ترويج مئات الآلاف من الدولارات المزيفة في المناطق السياحية بسيناء لضرب السياحة هناك، وأشارت أيضًا إلى دور دحلان ومجموعته في تهريب أعضاء من تنظيم القاعدة إلى داخل سيناء للقيام بعمليات ضد المنشآت السياحية المصرية هناك، وكشفت عن قيام دحلان بإعطاء أوامر لرجالة بالتنصّت على البعثة الدبلوماسية المصرية بغزة وعلى اتصالاتها مع القاهرة, وكذا التنصّت على الوفد الأمني المصري, بالإضافة إلى تورطه في خطف أحد أعضاء الوفد في غزة وهو العقيد حسام الموصلي في عام 2006، قبل أن يتم الإفراج عنه بضغوط مصرية، بعد ذلك كله قامت الحكومة الفلسطينية الشرعية بتسليم نسخ من جميع هذه الوثائق إلى السلطات المصرية عبر الطرق الرسمية المتبعة دبلوماسياً، وكانت النتيجة أن زاد النظام المصري من وتيرة حبه وغرامه لدحلان فهل هذا هو أسلوب الدول الذي يتحدث عنه حسام زكي ؟.
وبمقارنة سلوك التعامل الهمجي الذي تمارسه الخارجية المصرية مع السلوك الراقي الذي تمارسه حكومة حماس الشرعية فإننا نقول بكل صراحة أن موقف الحكومة الفلسطينية يتسم بالمسئولية والحكمة في الوقت الذي تتبنى فيه الخارجية المصرية أسلوب البلطجة والعصابات خاصةً وأنه لم يحدث في التاريخ الإنساني الدبلوماسي أن وزير خارجية دولة ما يهدد بقطع أيدي وأرجل أطفال من رعايا دولة مجاورة في حال شاهد حرس الحدود طفلاً يحمل علبة حليب أو كيس دقيق، بالضبط كما هدد أبو الغيط أطفال غزة، فهل يريد الناطق الرسمي للخارجية المصرية حسام زكي أن يقنعنا أن هذا السلوك المبتذل يندرج ضمن الأعراف الحميدة والراقية للدبلوماسية المصرية، وأن السيوف القاطعة التي يحملها سعادته لقطع لحوم أطفال فلسطين أولى أن تتوجه لقطع أيدي من يحاولون حجب مياه النيل لتعطيش وتجويع الشعب العربي في مصر.