بين المطرقة والسندان
حكاية مثل
"بين المطرقة والسندان"
سورية الشامي
كثيراً ما نسمع أمثلة وحكماً، إلا أن المتعة تكون أكبر وأشمل عندما نرى تطبيقاً عملياً واقعياً لما نقول أو نسمع من أمثال.
كذلك ما كان يحدث تماماً في درس الفيزياء أو الكيمياء، فبعد درس ممل بين المعادلات والقوانين والنظريات، يأتي الدرس العملي لنتعلم كيف يطبق الكلام المجرد على أرض الواقع.
"بين المطرقة والسندان" مثل سمعناه وتعلمنا منه، وأول ما يقفز إلى أذهاننا عند سماعه دكان حدادة صغيرة، مسودة الجدران، مغبرة الأركان، فيها حداد قوي مفتول العضلات، صلب القسمات، يحمل بيمناه مطرقة ضخمة، وتمسك يسراه ملقطاً طويلاً في نهايته قطعة حديد صغيرة محماة، يضعها وهو ممسك بها على سندان كبير، ثم يهوي عليها بمطرقته، وبين المطرقة والسندان تتشكل قطعة الحديد كما يشاء الحداد.
النظام السوري (المحترم جداً) يقدم لنا نموذجاً حياً لتطبيق هذا المثل على أرض الواقع، ولأنه منذ ولادته المشؤومة صنيعة أعداء الأمة، فقد استلقى على ظهره، رافعاً الأربعة، وباصماً بالعشرة، منفذاً لمخططاتهم، وراعياً لمصالحهم، وعلى رأسهم بالطبع أمريكا وإسرائيل.
ولأنه من أنجب التلاميذ في مدرسة الخيانة والذل، فقد نفذ على أرض الواقع أكثر بكثير مما طلب منه، ولا أريد هنا أن أدخل في تفصيلات القائمة الطويلة من السلب والنهب والإرهاب والسجن والقتل والتعذيب والتشريد وتصفية الخصوم وإقصاء الآخر، إلى خيانة الأمة وشق الصف والتدخل في شؤون الجوار و .. و .. وأؤكد أن ما حصل في الواقع أكثر بكثير مما كان يتوقعه منه الأسياد.
وككل ذنب وتابع ذليل، وبعد أن فتحت له الأبواب ويسرت له السبل، ليؤذي ويتمادى على من يريد، شط في غيه وضلاله وقذارته، حتى وصل به الحال أن صار يتطاول على أسياده، ليؤذي ويسرق ويتدخل هنا وهناك دون إذن أو استئذان، ظاناً نفسه الولد المدلل الذي لا يسأل عما يفعل.
وكما يتعامل المربي مع الولد الشرس المؤذي، فشدة أذن مرة، وعصا على القفا مرة أخرى، وحرمان من المصروف ثالثة، لعل أساليب التربية (الحديثة) تنفع مع هذا الآبق الخارج عن طوع سيده.
ولكن هيهات أن يستقيم من اعوج فكره، وهيهات أن يفهم من لا عقل له، وهيهات أن يتطهر من ولد ونشأ وشب في القاذورات، وهيهات أن يرعوي من لادين له ولا خلق، فشاع بين الناس ذكره رمزاً لكل دنيئة، وفاحت رائحة نتنه فزكمت حتى أنوف من علمه القذارة، وبات وصمة عار وصفة هوان حتى على أسياده ومن صنعوه، فقرروا التخلص منه ............(السندان).
ولأن النظام السوري البغيض، لا يعرف إلا الذل والتبعية، ليستمد قوته منها، وهو بين شعبه وبين جيرانه الضعيف الذليل المكروه المشؤوم، وهو العالم علم اليقين أن الملايين من الشعب السوري الحر الأبي تتضرع كل لحظة للمنتقم الجبار أن يزيل هذا النظام من الوجود، وأن يبدلنا به حكاماً صالحين شرفاء.
وبمنتهى الذل والانحطاط، كان البديل موجوداً عند هذا النظام الذي لايعرف الشرف ولا الوطنية ولا الكرامة، فأسلم القياد للنظام الإيراني الفارسي الحاقد، وفتح أبواب سورية الأبية لهم، لنشر فكر التشيع بين الناس، وأقول (فكر التشيع) ولا أقول (مذهب التشيع)، إذ حاشى للإسلام أن يكون من بين مذاهبه من يدعو لنشر الرذيلة وبث الحقد على المسلمين وسب الصحابة الكرام وتكفيرهم واتهام أشرف نساء المسلمين أمهات المؤمنين بأعراضهم.
وكالسرطان في جسم مريض منهك، استشرى النظام الإيراني في وطننا الحبيب، ولخدمة فكر التشيع أولاً وآخراً وليس لمصلحة البلد، نشأت مؤسسات دينة وحسينيات ومنشآت اقتصادية ومصانع ومراكز أمنية للتأهيل والتدريب، حتى وصل الأمر إلى ضباط في الجيش والاستخبارات بل حتى في الحرس الجمهوري ذاته.
ويوماً بعد يوم استشرى السرطان أكثر فأكثر، حتى وجد النظام الدنيء نفسه في قبضة من لا عهد لهم ولا ذمة، بعد صار اقتصاد البلد وسياسته وأمنه بل حتى أمن رئاسته بأيدبهم، يأمرونه فيطيع ويوجهونه فيسير، ضد مصلحة الوطن ودول الجوار، بل حتى ضد مصلحته هو لو تعارضت مع مصلحة أسياده الجدد، ناسياً هذا الغبي أنه هو ذاته بكل حقده ودناءته وطائفيته وكل سوءاته متخلق أصلاً في رحم التشيع ومولود منه ...........(المطرقة).
وبين المطرقة الإيرانية والسندان الأمريكي، يقبع هذا النظام الخائن الكريه، يتلقى الصفعات والضربات، ويتشكل حسب أهواء أسياده، وهو على كل حال لن يكون إلا سكيناً في خاصرة أخ أو خنجراً في قلب صديق، أو ساطوراً يمعن في وطننا الحبيب تقطيعاً وتحطيماً.
ونحن أمام هذا المشهد نتذكر المثل العربي القديم، (وأهل المثل ماتركوا شيئاً إلا قالوه) ... "البغل نغل، وهو لذلك أهل".