هل هناك ثأر بين الصحف المصرية
القومية والفلسطينيين؟
خليل الصمادي
[email protected]
عضو اتحاد الكتاب والصحفيين
الفلسطينيين/ الرياض
لا شك أن الصحافة كانت من قبل سيدة
الإعلام حتى ثورة الاتصالات الحديثة التي توجتها الفضائيات والأنترنت إذ تفوقت
عليها وجعلتها في المرتبة الثالثة مما جعلتها تفقد بريقها الذي كان يصنع الرأي
العام.
وبالرغم من أن كبريات الصحف التي أنشئت
منذ أكثر من قرن حاولت إنعاش نفسها فوضعت لنفسها مواقع على الشبكة العنكبوتية إلا
أن هذا البحر المتلاطم من ملاببن المواقع جعلها تضيع فيه،
ويكابر كثير من رؤساء التحرير إذ يدعون
بأن صحفهم توزع بعشرات الألوف، بينما لا توزع إلا بالمئات ولولا الدعم المقدم لها
من الحكومات أو الجهات الداعمة لأغلقت من أمد غير بعيد من يوم انتشار الفضائيات،
ولا شك أن الدعم الذي تلقاه هذه الصحف يصب في تنفيذ أجندات أغلبها من قبل من لا
يروق لهم الديمقراطية والحرية والمساواة بالرغم من تشدقهم بأنهم يسعون لذلك.
والمتتبع لبعض الصحف العربية يجدها
بالرغم من احتضارها ما زالت تنفذ سياسات غريبة عن أهداف الأمة ، فعلى سبيل المثال
لا الحصر إذا تبعنا أشهر الصحف المصرية والتي تسمى الصحف القومية يجد العجب العجاب
في وقوفها ضد كل ما هو معبر عن آمال وطموحات الأمة ففي القضية الفلسطينية على سبيل
المثال يجد أنها تقف في الخندق المعادي للقضية الفلسطينية ولبس هذه الحملة الشرسة
وليدة اليوم أو أنها سحابة صيف عابرة نتجت عن خلاف في وجهات النظر أو عن رد اعتبار
لموقف ترتب عليه الرد السريع كما يحدث في أكثر البلدان ، ولكن المتتبع، في تاريخ
الصحافة المصرية منذ بدء المشكلة الفلسطينية يجد العجب العجاب لا كم كلها بل من
بعضها ، ففي عام 1948 دأب الكثير من هذه الصحف في تشويه القضية فبرزت مقالاتها
في أخبار ملفقة عن الشعب الفلسطيني إذ اتهمت الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني ببيع
أرضه لليهود، وأن منهم من تعامل مع عصابات الاحتلال ، ومنهم من غدر المتطوعين
العرب وغير ذلك ، وقد شكا كثير من المؤرخين من ظلم الصحافة فالأستاذ المرحوم كامل
الشريف يقول في مقدمة الطبعة الثانية من كتابه الشهير " الإخوان المسلمون في حرب
فلسطين " وساهمت الصحافة المغرضة بنصيب وافر والتي حاولت أن تنال من هذا الجهاد
البريء ، لتظهره للناس في صورة مظلمة على أنه بداية لحركة ثورية كبرى أريد بها
إضرام حرب أهلية في مصر، وإغراق شعبها الآمن في لجة من الدماء" ويقول في موقع آخر "
والشعب المسكين يقف مذهولا من هذه ، ولا يكاد يفقه معناها فهو يستقي معلوماته من
الصحف المغرضة ، والأقلام المأجورة ، ويطالع كل يوم أنباء العثور على أسلحة
ومفرقعات ..."
وامتلأت أعمدة الصحف المصرية المرتبطة
بالاحتلال الإنجليزي بأخبار وأكاذيب ملفقة شوهت به جهاد الشعب الفلسطيني ، وادعت أن
الفلسطينيين يهربون من المعارك بينما المتوعون العرب يدافعون عنهم!! وغير ذلك من
التقارير الملفقة التي دلت على ارتباط هذه الصحف بالمخطط المعادي للأمة منذ عهد
بعيد.
وإذا تركنا حرب 1948 وانطلقنا إلى محنة
الفلسطينيين في الكويت يوم اجتاح الجيش العراقي الكويت نجد أن هذه الصحف نفسها وقفت
في الخندق المعادي للشعب الفلسطيني فانبرت تكذب وتختلق الأخبار التي تثير الإخوة
الكويتين ضد الفلسطينيين ومن هذه الأخبار الملفقة التي كتبن بالبنط العريض في
الصفحات الأولى " الفلسطينيون في الكويت يساعدون الجيش العراقي في احتلال الكويت
"،" العشرات من الحواجز الفلسطينية تتمرس في شوارع الكويت "،" طلائع جيش التحرير
الفلسطيني القادمة من بغداد تعتدي على الكويتيين" ، "قوات أبو العباس تحتل المباني
الكويتية " " الفلسطينيون في الخليج يخرجون في غزة والضفة ابتهاجا باحتلال الكويت
"، وغيرها من الأخبار الملفقة حتى يخيل للقارئ أن الفلسطينيين بالفعل هم الذين
احتلوا الكويت، ولا شك أن مثل هذا الأخبار الملفقة ساهمت في تأجيج الحقد بين
الشعبين الشقيقين .
وأما في أيامنا هذه فالمتابع لهذه
الصحف نفسها يجدها لا تفتأ عن اختلاق الأخبار الكاذبة عن أهلنا في غزة وربما بالغ
بعض الكتاب المـأجورون حتى رد مشكلات مصر كلها للشعب الفلسطيني من احتلال سيناء إلى
المجازر اليهودية في حق الجنود المصريين، وإلى قصف المطارات المصرية، وإلى نكسة
حزيران بالجملة، وربما زلزال القاهرة الشهير في تسعينات القرن الماضي كان بتحريض
من الفلسطينيين !!، لقد بحثوا عن حقائق فلم يجدوا خلال هذه الفترة بل عجزوا عن
تسجيل حالة مشينة واحدة من هؤلاء الجياع الذين انطلقوا إلى رفح والعريش يشترون
الطعام والشراب والوقود والكساء من حر مالهم ، لقد وقف المراقبون مذهولين من هذه
التربية والأخلاق الرفييعة التي اتسم بها المحاصرون فلم يشكُ منهم أي مصري من سكان
رفح أو العريش أو شبه جزيرة سيناء والغريب أن الشكاوى وإختلاق الأخبار تأتي من
الغرف الدافئة من القاهرة من الفنادق الفارهة أو من الشقق والمكاتب المحصنة
المرتبطة بمراكز البحوث والدراسات الأمريكية والغربية التي تنفذ رسالتها ضد
الأمة ودينها وعقيدتها خدمة للمشروع الصهيوني الكبير ،والغريب أن الأخبار التي
يطلقونها لم تعد تنطلي على أحد أيعقل أن يحاول الفلسطينيون اختطاف جنود مصريين !!
أو ضرب صواريخ على الأراضي المصرية أو نشر الإيدز ووووو غيرها من الأكاذيب التي ذهب
وقتها ، يظنون أنهم ما زالوا رؤساء تحرير الصحيفة الواحدة ومديري القناة الواحدة
لقد نسوا أنهم في عالم الفضائيات والجزيرة والأقصى والحوار والأنترنت والتي تدحض
أقوالهم ، لقد ذهب عهد الخمسينات والستينات يوم كانت تلفق التهم وتنشر ويصدقها
المساكين على أنها حقائق دامغة، إنهم لا يسيؤون فقط إلى أنفسهم بل يسيئون إلى
صحفهم التي تراجعت مبيعاتها على حد قول أحد هم إلى أقل من 700 نسخة .