من يقف وراء الأعمال الإرهابية في اسطنبول

محمد فاروق الإمام

الموساد الصهيوني

محمد فاروق الإمام

[email protected]

ما يجري في تركيا اليوم من أعمال إرهابية تستهدف العسكريين والأمنيين الأتراك وذويهم هو محاولة مكشوفة ومفضوحة ليست بعيدة عن أصابع الإرهاب الصهيوني الذي تلقى ضربات موجعة من تركيا التي كانت إلى ما قبل حقبة حزب العدالة والتنمية، الذي اختاره الشعب التركي بملء إرادته في انتخابات حرة وشفافة ونزيهة ليدير عجلة السياسة التركية والحكم فيها داخلياً وخارجياً، يصول ويجول في طول الخريطة التركية وعرضها وينشئ الخلايا الإرهابية النائمة، وقد عودتنا الدولة العبرية عدم احترامها لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية والإنسانية حتى مع حلفائها الغرب وأمريكا والشواهد على ذلك كثيرة وكثيرة، بموجب الاتفاقيات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياحية التي أقامها مع تركيا خلال ما يقرب من ستين عاماً، وما قبلها كانت للأصابع الماسونية فعلها المؤثر في تأسيس جمعية (تركيا الفتاة) وجمعية (الاتحاد والترقي) وجمعية (وطن) التي أطاحت بالسلطان العثماني (حمل كتاب الخلع إلى السلطان عبد الحميد اليهودي عمانويل قرصوه) ثم إلغاء الخلافة الإسلامية في اسطنبول.

نعم إنني لا أغالي إذا قلت أن وراء ما يجري اليوم في اسطنبول والمدن التركية من أعمال إرهابية أصابع صهيونية – مهما تلونت الواجهات - تهدف إلى الانتقام من الحزب الحاكم اليوم في تركيا لأسباب كثيرة منها عداء اليهود لحزب العدالة والتنمية الحاكم لتوجهاته وجذوره الإسلامية، ومحاولته التمازج بين الدين والعلمانية بما يكفل للشعب التركي العودة إلى الأصالة الإسلامية والأخذ بالحداثة والعولمة وبناء قاعدة اقتصادية متينة واستقلال القرار التركي، والابتعاد عن التحالفات التي تسلخ تركيا عن محيطها الإسلامي والعربي، وغلق البوابة التركية في وجه المخططات والأجندة الأمريكية والصهيونية التي كانت إلى الوقت القريب تجعل من تركيا قاعدة لتنفيذ أجندتها ومخططاتها العدوانية في المنطقة والعالم.

إنني لا أتهم بل أؤكد أن أصابع الموساد هي وراء هذه التفجيرات الإرهابية في اسطنبول وغيرها، ولليهود تاريخ حافل بمثل هذه الأعمال الإرهابية ونجاحات كبيرة في استغلال الصراعات الداخلية في أي بلد تريد إشغاله بنفسه أو إعاقة التنمية فيه أو تأليب الشعب على حكومته الوطنية.. ألم يكن اليهود هم من أججوا الفتنة بين جماعة الإخوان المسلمين والحكومة المصرية في أربعينيات القرن الماضي حيث كانت العصابات الصهيونية تقوم بإحراق دور السينما والمنشآت الحكومية المصرية وتدعي في أن الإخوان هم من يقومون بها لتزيد الهوة والجفوة بين الجماعة والحكومة المصرية؟!

أليست عصابات الشتيرن والهاغنا اليهودية هي من قامت باغتيال مندوب الأمم المتحدة في فلسطين (فولك بيرنادوت)، واغتيال عدد كبير من ضباط وجنود الجيش الإنكليزي، وفجرت المستودعات العسكرية البريطانية، وأحرقت مقرات المندوب السامي البريطاني في فلسطين  ووجهت أصابع الاتهام إلى الحركة الوطنية الفلسطينية التي كانت تسعى إلى الاستقلال بوسائلها العسكرية المتواضعة، قياساً بما كانت تملكه العصابات الصهيونية، لتحرض القوات الإنجليزية إلى القيام بالمزيد من إجراءات العنف والقمع ضد الحركة الوطنية الفلسطينية وملاحقة الوطنيين الفلسطينيين والتضييق عليهم ودعم وتسهيل الهجرة اليهودية إلى فلسطين؟!

الدولة العبرية تريد اليوم الخروج من عنق الزجاجة التي وضعتها به الحكومة التركية أمام العالم بعد ارتكابها مجزرتها البشعة في أسطول الحرية وعلى متن سفنه ناشطون إنسانيون من نحو أربعين دولة مختلفة المشارب والتوجهات والاعتقاد جمعتهم روح الإنسانية ومثلها العليا، والتي كانت تحمل مساعدات إنسانية (طبية وغذائية) إلى أهلنا في غزة، بهدف كسر الحصار الصهيوني الجائر والظالم عنه ولفت انتباه العالم إلى ما تفعله الدولة العبرية العنصرية المارقة بحق شعبنا الفلسطيني من تمييز عنصري فاق ما كانت تفعله حكومة جنوب أفريقيا العنصرية بالشعب الأفريقي أهل البلاد الأصليين.

من هنا فإني أحذر الإخوة في تركيا من الوقوع في الفخ الصهيوني والانجرار بعيداً وراء أهداف مفتعلة بيد صهيونية تريد إشعال فتيل الكراهية والثأر بين الأتراك والأكراد الذين يعيشون معهم في وطن واحد منذ مئات السنين وأكثر، تجمعهم العقيدة والعيش السلمي المشترك، وأنه إذا ما وجدت بعض الفئات الضالة التي باعت نفسها للعدو الصهيوني واندفعت لتنفيذ أجندته لتقاطع مصالحها مع مصالحه، فإن هذا لا يعني أن الأكراد بملايينهم الخمسة عشر يؤيدون ما تقوم به هذه الفئات الضالة، وأن على حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم أن يسرّع من العملية السلمية مع شركائه الأكراد في الوطن وفق المعايير الإنسانية والوطنية والديمقراطية التي تبناها قادة هذا الحزب لقطع الطريق على الصهيونية وهذه الفئات الضالة المأجورة.. واشد على يد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في رده على انتقادات المعارضة التي تحمل الحكومة مسؤولية تصاعد أعمال العنف انطلاقا من مشروع (الانفتاح) السياسي على المجموعة الكردية التي تعد نحو 15 مليون شخص من أصل 73 مليونا هو عدد سكان تركيا:

إن (من يعتقدون أن المشروع الديمقراطي انتهى مخطئون)، مؤكدا (أننا لن نتخلى عن الديمقراطية رغم كل الاستفزازات).