سورية الأسد ... وولاية الفقيه

وما خفي  كان أعظم

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

في بطولة كأس العالم لكرة القدم والتي تجري في جنوب أفريقيا الآن , شد انتباهي اليوم مدرب الإرجنتين مارادونا

والسبب في ذلك , عندما عين مدربا للمنتخب الأرجنتيني , والنتائج الهزيلة التي قدمها الفريق الإرجنتيني بالتصفيات أثيرت شكوك كثيرة عن إمكانية المدرب الجديد , ولكن ماضي هذا المدرب والذي قدم خدمة كبيرة لبلده في مجال كرة القدم , جعلت كل الإنتقادات التي وجهت إليه تذهب هباءا , والسبب حب الشعب الإرجنتيني لبطلهم مارادونا

في وطننا العربي حكامنا قدس سرهم , من الخدمات التي وهبوها لشعوبهم بدون مقابل , جعلت مكانتهم عالية في نفوس الشعب , ولا يمكن تعويضهم عن تلك الخدمات إلا بوهب البلاد كلها لتكون ملكا للقائد

ففي سورية حظها أن يمتلكها زعيم كنيته الأسد, واختصرت سورية كلها لتصبح (سورية الأسد)

وبعد موت الأب الخالد , حل محله ابنه الخالد , وبقيت سورية لم تتغير ملكا لأسد

واختصر الشعب السوري كله , برجل واحد يفكر عن الجميع , وينفذ مايريد والمجتمع السوري بكل أطيافه غبي لايفهم شيئا , إلا بما يتناثر من عقل الرئيس معرفة ما يوهبها لشعبه , أو مفكريه وفلاسفته ومثقفيه

تعود المجتمع على هذا الملك , وخضعوا لجبروته بالدم والقهر والجلد والتعذيب , ولم تبق عائلة سورية إلا أصابها شر ما من قبل العهد القديم والجديد

فما الذي تغير في سورية بعد ذلك العهد الأسدوي العتيق ليحل محله الأسدوي الجديد

أول استلامه وبيمين القسم وأنه قادم من عالم متمدن , وطبيب بشري , وهمه نشر المعلوماتية في سورية الأسد , وإعطاء الحرية للشعب والذي حرم منها سنين طويلة

فرح الناس بتلك الوعود وعقدت الجمعيات والندوات المدنية في سورية تبحث عن أطر للتقدم , ورفع الظلم عن العباد , وسيطرة القانون ومحاربة الفساد , ليعطى الدور للمجتمع في اشتراكه الفاعل في النهضة والتطور

وعندما وجد النظام أن الحراك الشعبي الحر والبعيد عن القيود , سوف يفقده مكانة الإختصار للوطن السوري بسورية الأسد , عدل عن قراره السابق , ولكن كانت الفائدة منه للنظام , عرف إلى حد كبير من هم الشخصيات التي يمكن أن يكون لها تأثير على الملكية الفردية للنظام , وعاد للقبضة الحديدية , وكان أن جعل ربيع دمشق شتاء دمشق , وإعلان دمشق في زنازين تحت الأرض

وجرت اغتيالات علنية لأشخاص مهمين , الخزنوي وغازي كنعان وزير الداخلية السوري , والذي كان يسعى لحل مشكلة المنفيين وخصوصا الذين كانوا يعيشون في العراق

فهل قدم النظام الأسدي الخير لسورية ولشعبها وما زال يقدم , حتى تختصر سورية كلها بسورية الأسد ؟

أحاول جاهدا منذ زمن بعيد , منذ أن استلم حزب البعث في سورية سنة 1963 واختصر الحزب بعدها بعائلة الأسد

مالذي جناه المجتمع السوري على المستوى الداخلي والخارجي؟

فعلى المستوى الداخلي الذي جناه المواطن السوري

الحياة تحت قانون الطواريء وملحقاته , وعشرات الآلاف ممن فقدوا وقتلوا باسم هذه القوانين , والمشردين بالآلاف , والفساد والفقر والتدهور والهروب من سورية لدول العالم , والوقوف على أبواب مفوضيات الأمم المتحدة للتسول والشحاته

وعلى مستوى العلاقات السورية والعربية تدهورت العلاقات كثيرا في ظل النظام الأسدي الصاعد ,(طبعا فهم أشباه رجال)

وزادت معاناة الشعب السوري , واشتدت الأمور الرقابية على المواقع الألكترونية , وحجبت معظمها إلا الفاسد والمفسد في تلك المواقع فهو مسموح

وكل رجل شريف وحر ينادي بإصلاح من زاوية ما , يحول لمحاكمة عسكرية , في أنه يوهن نفسية الأمة ويضعف الشعور الوطني

والذي اختصرها النظام (أن تنادي باللحمة الوطنية ومحاربة الفساد , فقد أوهنت نفسية الأمة , أو أن تنادي بالحرية وتكتب مقالا تشير فيه إلى مساويء الإستبداد , فقد أضعفت الشعور الوطني )

لأن سورية الأسد عليك أن تقبلها كما هي لاكما تحلم به أنت أيها المواطن

ولم ينج من الإعتقال والإذلال لامفكرين ولا مثقفين ولا علماء ولا محامين , وحتى أعضاء مجلس الشعب

ورجال قانون وشيخ القضاة هيثم المالح , ومهند الحسني , ومفكرين وسياسيين  , رياض سيف , ميشيل كيلو , علي العبدالله , وفداء حوراني , وغيرهم الكثير , والذين تمت تصفيتهم في السجون

ولم تنج الفتيات في سن الورود من الإعتقال والتعذيب , ولا أحد يعلم مالذي حصل ويحصل للفتاتين آيات أحمد , وطل الملوحي

وفوق كل ذلك تطل علينا هذه الأيام نغمة جديدة

فعليك أن تحب مايحبه الزعيم وتكره مايكرهه

فلا يجوز لك أن تنتقد صديقا له , أو من يحبه هو كما حصل للمناضل علي العبدالله بعد أن أمضى مدة محكوميته سنتين ونصف , أقيمت عليه دعوى أخرى , لأنه وجه نقدا لحسن نصرالله , ولم يخرج كلامه عن النطاق الغير مألوف , وإنما كان تساؤله مشروعا

هل حسن نصرالله بطل قومي , أم أنه يسعى إلى ولاية الفقيه ؟

مع أن نصرالله قالها علانية , أن له الفخر في أن يكون منضويا تحت ولاية الفقيه

ولا أعلم هل أصبحت سورية الأسد سورية الخامنئي , أم مازالت سورية الشام؟!