تركيا والكيان الصهيوني وتحالف إسلامي جديد
محمد هيثم عياش
برلين /16/06/10 / تعتبر تركيا من اوائل الدول الاسلامية بل وربما في مقدمة دول العالم التي اعترفت بالكيان الصهيوني اثر اعلان الامم المتحدة بتقسيم فلسطين الى دولتين عام 1948 ومنذ ذلك الوقت فان العلاقات بين انقرة وتل ابيب تعتبر قوية بالرغم من التغييرات السياسية التي طرأت على تركيا .
ويؤكد خبير تركيا والشرق الاوسط اودو شتاينباخ بأن العلاقات التركية مع الكيان الصهيوني تعتبر هشة منذ اقامتها وانقرة اعترفت بالكيان الصهيوني مرغمة جراء خيبة أملها من العرب المسلمين الذين كانوا وراء انهيار دولة الخلافة العثمانية بالرغم من ان العَلَمانية كانت سائدة منذ الغاء مصطفى كمال أتاتورك دولة الخلافة عام 1924.
واعتبر شتاينباخ بندوة حول تطورات الاوضاع السياسية في منطقة الشرق الاوسط واحتمال ما سينجم عن هجوم فرقة من جيش الكيان الصهيوني على سفن الحرية التي كانت تريد ايصال مساعدات انسانية الى اهالي غزة يوم الثنين من 31 مايو المنصرم دعت اليها جامعة هومبولدت البرلينية ، ان هجوم فرقة جيش الكيان الصهيوني على عناصر سفن الحرية والذي كان معظم قتلى ذلك الهجوم أتراكا القشة التي قصمت ظهر البعير فتركيا ومنذ قبل استلام حزب العدالة والتنمية الاسلامي برئاسة رجب الطيب اردوجان وبالتحديد منذ استلام توركوت اوزال مقاليد السلطة بتلك الدولة تتطلع الى عودتها لاستلام دور هام في العالم الاسلامي فاوزال اعاد بلاده الى رابطة العالم الاسلامي ثم الى حصولها على عضوية منظمة المؤتمر الاسلامي ، ورئيس الوزراء التركي اردوجان يعتقد ان العالم الاسلامي بحاجة الى قوة للنهوض به من جديد وحصار غزة والحرب التي وقعت ضد ذلك القطاع يعود سببه الرئيسي الى فقدان حكومات عربية قوية باستطاعتها رفع الحصار عن ذلك القطاع بالقوة السياسية وغيرها اضافة الى ان اوروبا تحمي الكيان الصهوني وتدعم وجوده على حساب ماساة الشعب الفلسطيني الذي يعتبر ضحية النازية التي كانت وراء قيام دولة للكيان الصهيوني على ارض فلسطين الى جانب ضغوط الغرب على ايران ومعارضته حصول تلك الدولة على اسلحة نووية بينما يتغاضى عن امتلاك الكيان الصهيوني ترسانة نووية تعتبر اكثر خطرا على المنطقة باسرها من ايران . ويؤكد شتاينباخ ان بعض دول الاتحاد الاروبي وفي مقدمها المانيا التي تعارض حكومة المستشارة انجيلا ميركيل حصول تركيا على عضوية الاتحاد الاروبي جعلت من تركيا تتجه نحو تقوية علاقاتها بشكل اكثر مع الدول العربية وغيرها من الدول الاسلامية وفي مقدمتها ايران بالرغم من ان العداوة الموروثة بين البلدين فالدولة الصفوية الشيعية كانت وراء عدم توسعة رقعة دولة الخلافة العثمانية اذ كاد العثمانيون ان يسيطروا على فيينا لولا الحرب التي اعلنتها الدولة الصفوية ضد الدولة العثمانية .
ويؤكد خبير تاريخ الاسلام استاذ مادة العربية والاسلام في جامعة هامبورج جيرنوت روتر الذي عاش في البلاد العربية ردحا من الزمن ويستظهر القرآن الكريم ان تركيا التي قادت العالم الاسلامي وحافظت عليه لمدة اكثر من 400 عام كانت تريد دائما العودة الى قيادة ذلك العالم من جديد فالسلطان عبد الحميد الثاني / رحمه الله / رفض بيع فلسطين لليهود الأمر الذي أدى إقصاءه عن الخلافة وحاول اثناء استلامه منصب الخلافة التقرب الى العرب فهو كان يعتقد بأن العرب مادة الاسلام وبعزتهم يعز الاسلام وبذلهم يذل الاسلام فبالرغم من ان الدولة العثمانية قامت بتكليف حاكم مصر محمد علي باشا بالقضاء على الدولة السعودية الاولى بتأليب من معارضي الاصلاحات الاسلامية الا انها لم تكن معادية للحركة السلفية / التي يطلق الغرب عليها بالوهابية / ولما استطاع مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود / رحمه الله / الاستيلاء على الرياض وجهود بتوحيد المملكة ارسل السلطان عبد الحميد زعيم العراق طالب النقيب كوسيط للمصالحة بين الدولة العثمانية وآل سعود وتمت المصالحة وارسل الخليفة عبد الحميد الى الملك عبد العزيز وأبيه الوسام العثماني المرصع لهما وذلك بتأكيد من الدبلوماسي الالماني كارل أميل شابينجر فون شوينجر / 1877 و 1967 / الذي كان يعمل سفيرا لبلاده من دمشق والقاهرة اضافة الى عملهما كمراسلين لوكالة انباء الشرق التي كانت وزارة الخارجية الالمانية الذي شارك بمباحثات النقيب مع الملك عبد العزيز وأبيه عبد الرحمن / رحم الله الجميع / مضيفا بأن رئيس الوزراء التركي اردوجان يحاول من خلال علاقاته مع العرب حذو خطى السلطان عبد الحميد الذي يعتبره الكثير من المسلمين السلطان الشرعي .
ويرى خبير شئون السياسة العسكرية لحلف شمال الاطلسي / الناتو / قائد الجيش الالماني السابق كلاوس ناومان ان الخطر على اوروبا لا يأتي من قبل ايران فحسب بل من تركيا ايضا التي تتطلع حاليا الى قيام تحالف اسلامي لا يشمل فقط الدول العربية من خلال علاقات انقرة القوية التي تتطورت مع دمشق والرياض بل مع طهران ودول اسلامية اخرى فتركيا التي أزعجت اوروبا في القرون الوسطى وحتى بداية القرن العشرين تملك القوة العسكرية والسياسية والادبية لمضايقة اوروبا والعالم المسيحي من جديد معتبرا السعودية ودول اخرى في منطقة الخليج العربي مثل الامارات وراء دعم سياسة رجب الطيب اردوجان فالدولتين المذكورتين قامتا مؤخرا بمنح اردوجان وساما رفيعا لموقفه تجاه القضية الفلسطينية وخدمة العالم الاسلامي وتأييد انقرة لطهران بتطوير ملفها النووي يعتبر خطيرا للغاية . وأكد ناومان معارضته دخول انقرة الاتحاد الاروبي لان هيمنتها على اوروبا ستصبح اكثر من ذي قبل نظرا لثقلها السياسي الديني لدى مسلمي اوروبا وخاصة البلقان محذرا من استمرار حكومة اردوجان في حكم تركيا لنه سينجم عنها تطورات خطيرة على العالم على حد أقوالهم .