الأبعاد الخفية وراء محرقة غزة

الأبعاد الخفية وراء محرقة غزة

م. زياد صيدم

[email protected]

كما قلت سابقا سأكتب لاحقا في هذا الموضوع لأنه يعد في جوانبه الخفية من أخطر القضايا التى تنعكس مباشرة على الأوضاع الفلسطينية وترمى بضلالها على الوضع العربي عامة .

فالتحول  الجذري في العقيدة الدموية الصهيونية من مرحلة التفكير إلى مراحل التنفيذ يستوجب علينا جميعا أن نتوقف مليا عنده وأن لا نمرره بشكل عاطفي أو متباكى يطلب الرحمة من مجتمع دولي يوازن قتل الطفولة البريئة في المساكن الآمنة مع أولائك المرتزقة الهلوعين من الطرف الآخر لمجرد شعورهم بالفزع والهلع وقد توقفت كثيرا حول وجوب ولزوم أن نتفكر جيدا حتى نصل إلى أعماق التفكير الدموي وما هي أهدافه الحقيقية وأبعاده الخفية ؟؟ وما ذا يتوخى منه لاحقا في زمن متقدم فأعدائنا الحقيقيون أدهى أنواع البشر وأكثرها ذكاء وتخطيطا لاسيما وإنهم يظهرون الهزيمة أمام الإعلام الدولي ويتباكون من الرعب والهلع والخوف من صواريخ بدائية عشوائية محلية الصنع أشبه ببدايات صنع الصواريخ في الأفلام الوثائقية وهذه حقيقة ولكنهم استطاعوا فعلا التسلل كالعادة إلى عقول العالم وعمل مقارنة ناجحة بالرغم من عدم حقيقتها الفعلية وبالتالي تبرير ما سيقومون به لاحقا من حرق لأجساد الطفولة من الرضيع حتى الفتية وهذا ما حدث فعلا تساندهم بعض وسائل الإعلام العربي واسعة الانتشار كفضائية الجزيرة اللئيمة التى تعمل على  إظهار تلك الأجسام  الاسطوانية الطائرة وكأنها صواريخ حقيقية موجهة تصيب أهدافها وتدمرها ولا اعلم لماذا يحدث هذا !! ولأي غرض ؟ هل هو في خدمة شعب فلسطين أم تبريرا لهول ما سيحدث لاحقا حيث ما تلبث أن تتابع تلك الفضائية الحدث المأساوي لحظة بلحظة بشكل يؤكد بأنها شاركت في صناعة الحدث من بدايته فهل هو كما توحي بأنه لمجرد السبق والمادة المثيرة منذ البداية وحتى النهاية !!! و حتى لو بررت عملها بان جهات فلسطينية تستدعيها لنقل الصورة فلا يتوجب عليها فعل ذلك وهم الأعلم بمصائب  تبعاتها إعلاميا فيما بعد أكثر من تلك الجهات الساذجة بلا تفكير معمق !! فاني لا أجد لها أي مبرر إطلاقا غير المشاركة في أحداث الجريمة لاحقا وتبريرها دوليا على اثر تضمن التقارير الدولية لوثائق مصورة مأخوذة من فضائية الجزيرة حيث تشارك نفسها في صناعة الأحداث.؟؟ و لكنها مؤلمة و قاتلة للأسف.

عودة إلى لب الموضوع وبرؤوس أقلام حتى نبين ونستنبط ما قد يكون خافيا على البعض من الجماهير والمثقفين عندنا خاصة أو في عالمنا العربي عامة.

إن الكيان الصهيوني يعلم حقيقة سكان قطاع غزة علم اليقين فهو المحتل للقطاع  قرابة 30 عاما وما يزال يتحكم بمعرفته للمواليد وإعطاء رقم الهوية لهم ومراقبة أجوائه ليلا نهارا وقد درس عن كثب تفكير الجماهير وسيكولوجيتها فعلم بأنهم يملكون قنبلة مدمرة لهم على مر السنين القادمة ألا وهى القنبلة البشرية والزيادة الطبيعية وكذلك طبيعة تكوين الأسر وتفاخرها بتقديم الشهداء بمعنى أنها مفرخة  مستمرة للمقاومة فلم تتأخر الأسر عن تقديم شبابها طواعية لمقاومة المحتل في أكبر وأطول ثورة وازتها أيضا أطول انتفاضة بالحجارة لجيشها بالرغم من القتل والتكسير الذي مورس على مدار 7 سنوات متواصلة والتي سميت بانتفاضة الأقصى الأولى ودخلت قاموس اللغة العالمية باسم انتفاضة بأصلها العربي ومعناها.

لهذا كان  يجب عليهم قتل هذه الروح المتقدة والمتوهجة في أجيال الجماهير المتعاقبة فالأطفال هم شباب الغد فمن يحمل حجرا ومن يرفع علما اليوم حتما سيحمل قنبلة ويمتشق بندقية غدا وهذا ما يحدث حقيقة فكان لزاما على عقل بني صهيون أن يضرب بعنف هذه الروح المتجددة فكان أن حول سياسته من النظرية إلى موضع التنفيذ فقام بحرق الأطفال الرضع والفتية والأمهات في داخل مساكنهم  فأوقع قرابة 50 شهيدا فيهم يمثلون ثلث الشهداء في يومين فقط وهذا حسب تفكيرهم سيضرب في الأعماق ومن الجذور روح  التحدي والصمود للأجيال الفلسطينية الصاعدة رغما عن الظروف الصعبة والقهر والحصار المتواصل فكان لزاما عليهم إخراج مخططاتهم الشيطانية في تدمير هذه الروح الجهادية في قلوب وعيون الأطفال التى ترى وتكبر على حب الوطن السليب والتصميم على تحريره فهم حملة الأعلام والرايات في المسيرات والمظاهرات وهم من واجه الدبابة بالحجر والرصاص بصدورهم العارية الضعيفة لهذا كان يجب سحق هذه الثقافة العالية للفداء والتضحية في أعماق نفوسهم ومنذ الصغر فوجدوا الطريقة فى دب الفزع والخوف والرهبة فيهم فهم وأحلامهم لم يعودوا أمنين في مساكنهم وبين أحضان أمهاتهم فكان الحرق للأم وأبنائها الصغار سواسية أو كما أسموها هم أنفسهم بالمحرقة.

من هنا وكإستراتيجية مرعبه للأجيال الواعدة وهى كما يقال الضرب واقتلاع جذور النزعة الطبيعية للمقاومة في مجتمعنا بقتل الطفولة وإرهاب المقاومة في مهدها ومن جذورها الغضة لهذا ولكوننا شعب وجماهير حية وواعية يجب أن نتوقف مليا عند هذا الأمر وألا نسمح بأي حال من الأحوال أن تكون نهجا لهم وسياسة تنفذ واقعيا وإنما لتبقى في أدراجهم وحبيسة في عقولهم العفنة لا تبرح مكانها ولكن كيف؟؟؟ هذا ما وددت أن أشير له في مقالتين سابقتين ولن أمل في طرحها فما حدث مهول وخطير وذلك حتى نصل سويا إلى أجوبة حاسمة بتفكر وتدبر..؟؟

 فلماذا تفاجأ قادة  الصهاينة وعلى صفحات جرائدهم بالفرحة التى عمت قلوب الأطفال بالذات ؟؟  الذين خرجوا في وحدة كاملة لم نراها منذ الانقلاب الخطأ وفداحة تداعياته على جماهير غزة فكانت الرايات كلها تتزاحم ( كما أفادني الأطفال أنفسهم ) بكل ألوان الطيف الفلسطيني  محمولة بسواعدهم الطرية عالية خفاقة بروح ومعنويات عادت إليهم جنبا إلى جنب في كل أرجاء قطاع غزة بعد ورود الخبر الذي أشفى صدورهم بالثأر لهم ولطفولتهم المحروقة والمتفحمة بنيران عدو لا يرحم  أثر عملية بطولية نادرة في قلب القدس قام بها الفدائي الفلسطيني المجاهد علاء  أبو دهيم  الذي كان في الانتفاضة الأولى ما يزال طفلا يحلم بالحرية ويحمل بيده الصغيرة مقلاعا به حجر فلما اشتد عوده حمل ثأر أطفال المحرقة وحلم شعب بأكمله ومضى مغردا تزفه الملائكة في الجنة بإذن الله .

فهل علموا بأن الدماء تجر دماء والسلام يجر سلام... فسلاما عليك أبا هشام .

 إلى اللقاء.