هنية، دع عباس يغرق لا تلقي له طوق النجاة
أحمد الفلو /فلسطين
بعد التحولات السياسية التي شهدتها القضية الفلسطينية فإن شعوراً مريراً بالخيبة انتاب عباس وشلة الجواسيس واللصوص من حوله أظهر هؤلاء رغبتهم اللجوء إلى ما يُسَمّى التكتيك الفتحاوي المعتاد، والذي يتلخص بلعبة رعناء هي التآمر المستمر على الخصوم حتى إذا ما شعروا بتفوّق الخصم فإنهم يطلبون المهادنة والصلح بهدف لملمة جهودهم والاستعداد لحَبْك مؤامرة جديدة في الخفاء، متوهمين أنهم دائماً الأذكى والأمهر في صناعة المكر السياسي دون غيرهم من البشر، وربما بقي هذا النهج من التفكير الطفولي ملازماً العقلية الفتحاوية منذ نشوء حركة فتح إلى يومنا هذا حتى أنه بات سياسة ثابتة للتعامل ليس بين فتح وخصومها بل بين قيادة فتح وبين كوادرها وقد تم ممارسة هذا الأسلوب من أجل تنصيب العديد من الانتهازيين واللصوص في مراكز الصفين الأول والثاني لقيادات فتح.
بعد أن اختطفت حركة حماس الأضواء على الساحة العربية والدولية كونها حركة تحرر ومقاومة شريفة وأضحى مجرد دعم ومساندة غزة وحكومة المقاومة فيها تشريفاً لكل أحرار العالم فهي آسرة قلوب الناس المظلومين، في الوقت الذي نلاحظ فيه أن العار والخيانة يقفزان إلى أذهان شرفاء العالم بمجرد ذكر سلطة فتح وأزلامها، و بما أن تلك السلطة تفخر باستمرار التعاون الأمني والتفاوض العبثي مع العدو الإسرائيلي دون توقف ودون نتيجة وكذلك إتّباعها سياسة اعتقال المقاومين واغتيالهم، فإن ذلك يعني دون مواربة أن سلطة فتح قد رهنت مستقبلها السياسي بما قد ينزل عليها من قطرات شحيحة من بقايا عصارة القيح الإسرائيلي النتن.
إن الفتحاويين يفاوضون العدو على كمية الامتيازات والمنافع التي يمكن أن يتمتعوا بها في حال منحتهم إسرائيل كياناً مسخاً تابعاً لها، وفي ذات الوقت يطرحون مبادرات المصالحة مع حركة حماس من أجل تحقيق هدفين رئيسين : أولهما تلميع الوجه الصدئ لحركة فتح في ظل الظروف الراهنة التي أحاقت بتلك الحركة وجعلتها مستوعباً لكل من أراد أن يتقيأ قرفاً من الصهيونية وعملائها، وثانيها أنها لا تعدو كونها محاولة لركوب الموجة الجماهيرية المتصاعدة لحركة المقاومة الإسلامية و الحصول على حصة من تلك الجماهيرية تحت مظلة المصالحة المزعومة، وهذا التكتيك الفتحاوي يكشف عن تخلّف وغباء سياسي متجذّر في العقلية الفتحاوية لأنه من غير المعقول أن تمنح حركة حماس منجزات عظيمة دفعت ثمنها دماءً وشهداء للفتحاويين هكذا مجاناً لهؤلاء الجواسيس، ولنتساءل ما الذي يجبر حركة حماس على القيام بدور طبيب تجميل للوجه القتحاوي القبيح؟.
وقد يقول قائل لا بأس أن تضحي المقاومة الإسلامية من أجل الوحدة الوطنية، وهذا الكلام مردود على قائله دون شك لأن وحدة الشعب الفلسطيني قائمة وهي الآن في أزهى أوقاتها والشعب الفلسطيني بمجمل قطاعاته يقف مع المقاومة ويساندها سواء في الضفة الغربية أو الشتات أو قطاع غزة، والأزمة السياسية القائمة في الساحة الفلسطينية معلومة للجميع وواضحة جداً وهي بكل صراحة مشكلة مستلمي الرواتب أو من يُسمّون متفرغو تنظيم فتح وهؤلاء عندما يتصدون لحركة حماس فإنهم في الحقيقة يدافعون عن مخصصاتهم المالية التي يتقاضونها مقابل عمل لا شيء أو مقابل النوم والطعام وهم جالسون في المقاهي أو في منازلهم و يتراوح راتب أحدهم من ثلاثة آلاف دولار وحتى عشرين ألف دولار شهرياً كل حسب مرتبته وحسب حظوته عند ياسر عرفات سابقاً وحسب قربه من محمود عباس حالياً، يضاف إلى ذلك الراتب الخاوات والرشاوى والاختلاسات والمقاولات الوهمية.
إن ارتهان المتفرغين الفتحاويين للرواتب كان له انعكاسات خطيرة جداً على الساحة السياسية لأن هؤلاء يشكلون طبقة يقدر تعدادها بحوالي مائة وعشرون ألفاً من المتفرغين الفتحاويين ويضاف إليهم متفرغو جبهات وأحزاب اليسار ودون أن ننسى الحرس الرئاسي والأمن الوقائي قطاعات الأمن الأخرى أيضاً، ولعل أول هذه الانعكاسات السلبية قد تجلّى في عرقلة أي مسعى لحكومة منتخبة من أجل الإصلاح والقضاء على الفساد وكذلك الصدام الحتمي بين طبقة مستلمي الرواتب وبين رجال المقاومة لأن المتفرغ النائم يريد أن يأخذ بينما المقاوم المسلم يطمح للعطاء وبذل الروح، فكيف للأمور أن تستقيم دون أن تسيطر المقاومة الإسلامية على الضفة الغربية؟.
ومن سنن التاريخ الكونية أن من يصنع الأحداث هو من يحق له أن يقرر ويفرض على الآخرين مشيئته وحكمه و هو الذي يكتب التاريخ، والحكومة الشرعية في غزة الآن هي التي توزع أوسمة الشرف وأكاليل الغار على كل من ضحّى لإنقاذ الشعب الفلسطيني وهرع للمساندة، بينما بدأ الفتحاويون يشعرون بقرب نهايتهم حيث لم يعد هناك مبرر لمكوثهم على رقاب شعبنا المجاهد بعد اليوم، ولولا تواجد الدبابات الإسرائيلية في محيط قصر عباس لما بقي لحظة واحدة في السلطة لكن العدو الصهيوني يبقي على عباس وأزلامه من أجل إنجاز عمليات بيع الأرض والتفريط بالحقوق، بعد ذلك سيتخلى عن تلك المجموعة الساقطة، ومآلنا هو أن نناشد القائد المؤمن إسماعيل هنية ألاّ يصالحهم أبدا فينقذهم من السقوط الحتمي وليدعهم يقعون في شر أعمالهم ويقطفون سوء نواياهم ولينقذهم أسيادهم الصهاينة.