ماذا لو استقلت الأحواز بدعم من أميركا
عادل العابر - الأحواز
[email protected]
ذات مرة سألني أحدهم:
ماذا لو استقلت الأحواز بدعم من أميركا كما استقلت
كوسوفو؟
قلت له بإمتعاض:
سنكون تحت إحتلالها وستسرق معظم ثروات الأحواز.
تفرس في وجهي وقال:
وهل نحن لسنا تحت إحتلال إيران التي تسرق جميع
ثرواتنا؟!
وقد بات الأحوازيون افقر شعب بين شعوب إيران كلها
وهم يعيشون على أغنى أرض حيث البئار النفط التي أصبح عددها لا يُحصى.
قلت في تأفف:
ستبني أميركا قاعدة عسكرية في الأحواز وتبقى فيها
لأعوام طويلة.
ضحك بلا مسرة وقال:
وما أكثر القواعد العسكرية التي بنتها إيران في
بلدنا ولا تنوي أن تخرج منه بتاتاً! ومن طالبها بالخروج أتهم بمحاربة ولاية الفقيه
ثم محاربة الله وكان مصيره الإعدام!
قلت مزمجراً:
وسيهين الجنود الأميركيون الأحوازيين كما أهانوا
العراقيين في سجن (أبو غريب)!
قال مقتضباً:
ألم يتعرض أبناء الأحواز إلى أبشع الإهانات من
الشتائم والتعذيب والحفر بالمثقاب في صدورهم من جانب رجال الإستخبارات الإيرانية!
وما اكثر الإعدامات التي تعرض لها أبناء هذا البلد
المحتل من سنة 1925 إلى يومنا هذا وقد وصلت في عهد نجاد ذروتها!
ثم استفهم وهو ينظر إلى الأفق البعيد:
في أي دولة عربية لا تتواجد أميركا؟
في قطر أو في الكويت أو في السعودية؟
وهل سمعت أن الجنود الأميركيين أهانوا أحداً من
سكان هذه البلاد؟
أمّا في العراق، فالوضع مختلف تماماً، ومشكلته
تواجد رجال الإستخبارات الإيرانية على أراضيه.
ثم تطايرت من شفتيه خطابات الوعظ فقال:
ولذا على الأحزاب الأحوازية التي تنشط في أوروبا
وأميركا أن تمدّ جسور الصلة مع الولايات المتحدة ولا تكابر.
وليست أميركا الشيطان الأكبر كما نعتها الخميني،
فما رأيناه من الخميني و من الذين جاءوا بعده أثبت العكس تماماً.
وما الشياطين الحقيقيون إلا الذين جوّعوا وقتلوا
شعبنا الأعزل منذ عام 1925 إلى يومنا هذا.
اتسعت عيناي دهشة فسألته بصوت غليظ:
هل تريد من الأحزاب الأحوازية أن تصبح عميلة لأمراء
البيت الأبيض؟
قال بكل برود:
هذا كلام غير صحيح إذ أن العقل السليم يحكم باختيار
القوي (إن كان منصفاً) لدعم قضيتنا، وهذه معاملة وليست عمالة.
ثم أنت تعلم أن ما أقوله هو الوتر الذي يعزف عليه
معظم أبناء شعبنا، والنغم الذي يطرب له الكبير والصغير من الأحوازيين الذين أنهكهم
الإحتلال الإيراني.
ثم قلت لصاحبي المتأمرك:
الصحيح أن نطلب العون من إخوتنا العرب لا من
الأجنبي..
قال بعد أن ضحك طويلاً:
لا أمل من دعم حكام الدول العربية للأحواز، وقد علم
الجميع ما فعلت سوريا بالمناضلين الأحوازيين حيث سلمتهم إلى إستخبارات إيران فلاقوا
أشد التعذيب وربما الشنق.
ثم تابع بجدّ:
وما العيب لو تعاهدت مع دولة أجنبية قوية تدعمك
مقابل نسبة من النفط الذي لا تحصل على قطرة منه الآن؟
ألم يتعاهد الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم
مع غير المسلمين ليدافعوا معاً عن المدينة المنوّرة؟
قلت والزفرات تلاحقت من أعماق قلبي:
وماذا تقول عن موقف أميركا تجاه القضية الفلسطينية؟
حاول أن يجد جواباً يقنعني به لكنه استسلم فقال:
هذا عيب أميركا الوحيد الذي لا يستره أي متعذر مهما
جدّ، ولسنا غير مبالين مما يعانيه الشعب الفلسطيني الشقيق من إسرائيل.
فقلت ظافراً:
اقلع عما في رأسك إذن.
واعلم أن الشارع العربي بأكمله ضد أميركا وسيكون
ضدنا إن طلبنا العون منها.
وأدري أن كلامي هذا سيفتح ضدي أفواهاً غير قليلة من
العرب الذين لم يعيشوا في الأحواز فيذيقوا مرارة الظلم الذي ذقناه من الأنظمة
الإيرانية، فأقول لهم:
أولاً: إعلموا أن إيران أشطن من أميركا ألف مرة!
ثانياً: إعطوني بديلاً غير أميركا كي أتعامل معه
ليدعمني كي استقل!
وكذلك سيعترضني الكثير من أبناء الأحواز فأقول لهم:
لا تسلّوا سيوفكم ضدي ولا ريب أن قلوبكم مع ما أروم
إليه!
ثم قال خاتماً السجال:
فلو استقلت الأحواز بدعم من الولايات المتحدة، أقلّ
ما نكسبه هو:
مدارس وجامعات عربية،
صحافة وقنوات تلفزة عربية،
حرية الرأي،
نرتدي ملابسنا العربية دون أن تطاردنا الإستخبارات
الإيرانية،
نحصل على نسبة من نفط أراضينا، ونودع الفقر الذي
ألصق جلود الأحوازيين على عظامهم،
وعلى نسبة من كل الحقوق التي سلبتنا إياها إيران
بأكملها.
وفي اليوم المناسب نطالبها (أي أميركا) بالخروج من
أراضينا.
هذا إلى أن تتحد الأمة العربية، يومئذ سنكون جزءاً
من أمتنا في ولاياتها المتحدة،
وسوف ندمج علم الأحواز مع علم الأمة التي ستتكون
يوماً ما ودون أي مراء.
وإن الثورة في الأحواز لن تهدأ حتى النصر، دعمتنا
أميركا أم لم تفعل.
وسلام على أرواح الذين قبّلوا حبال المشنقة لأجل
الإستقلال.
قلت وقد رسمت جملته الأخيرة ابتسامة على شفتيّ:
هذا هو الكلام الصحيح، إن الثورة لن تهدأ، وسلام
على أرواح الشهداء.
قال بتأوه: