هولوكست غزة الأكبر !
هولوكست غزة الأكبر !
أ.د. حلمي محمد القاعود
كانت أم عمر الملتاعة تبكي بحرقة وليدها الشهيد على شاشة "الجزيرة" ، وكان شاب فلسطيني يلقن آخر يحتضر الشهادتين بعد أن فصل الغزاة النازيون اليهود ذراعه عن جسده في القصف العشوائي للمدنيين . كان الشهيد المحتضر يردد الشهادتين : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وكانت أشلاء الأطفال والنساء والشباب من حوله تتطاير وتتمزق مع قصف الطائرات النازية اليهودية .. في الوقت ذاته كانت شاشات " أهل الكهف " مشغولة بعودة الحضري حارس مرمى الأهلي من سويسرة، واستقباله في مطار القاهرة الدولي بوصفه الحدث الأهم والأعظم والأخطر في حياة العرب والمسلمين ، أما صحافة السلطة وصحافة رجال القروض الموالية لها فكان انشغالها بقضايا إستراتيجية كبرى مثل تعيين امرأة مأذونا شرعيا ، أو جراحة أبوتريكة في ألمانيا ، أو انفضاض لاعبي المنتخب عن حفل العوالم الذي أقيم تكريما له في الإستاد، أو عودة شمس البارودي من النقاب إلى الحجاب بعد أن بلغت سن القواعد من النساء ، أو خيانة الحضري للأهلي ، وعدم وجود بديل له ، أو صراعات ما يسمى حزب الجبهة على الزعامة والرياسة ، أو مشكلات الست الممثلة فلانة والسيد الممثل فلان ، أو ظهور شقيقة لممثلة يقال إنها ابنتها، أو اللعب بالورقة الطائفية لدى كتاب الختان والعادة السرية ،أو نصّاب أولاد الوزراء أو ....
لوعة أم عمر الفلسطينية غرست سكينا في قلبي ، وأصمتني وهي تنتحب على " عمر " الرضيع الذي لم يحمل سلاحا ، ولم يقاتل الغزاة النازيين اليهود ، ولم يعرف بعد أنهم قتلة آبائه وأجداده ، ولصوص وطنه ومقدساته ، ووحوش البشرية المعاصرين الذين يرتدون بزات عسكرية ، ويملكون أبواقا ماكرة خادعة كاذبة .. " عمر " لم يكن يعرف إلا ثدي أمه الكليم التي لا تملك غير الدموع والحسرات والنحيب الملتاع ، بينما آية الله الرئيس "محمود رضا عباس ميرزا" يقف ليقول للعالم مع وزير إعلامه : إن صواريخ القسّام الصبيانية العبثية هي سبب المأساة والنكبة والهولوكست !!
فخامة رئيس السلطة المحدودة التي لا وجود لها على أرض الواقع ، حريص على البيزنس الذي يقوم به نجله داخل الخط الأخضر مع قادة الهولوكست النازي اليهودي ( ويقدر بعشرات الملايين من الدولارات ) ، ولم يشأ فخامته أن يحدثنا عن سبب المأساة والنكبة والهولوكست في الضفة الغربية أو ما تبقى منها مع أن صواريخ القسام لم تنطلق من هنالك أبدا ؟! وفي الوقت ذاته يرسل رجال فخامة الرئيس إلى عناصر فتح في غزة تحذيرات للحماية وعدم المشاركة في مواجهة قادة الهولوكست النازي الأكبر ، كما سماها المجرم النازي اليهودي " ماتان فلتائي"نائب وزير الدفاع النازي اليهودي !!
كان الوزير النازي اليهودي المجرم " مائير شطريت " يطلب من حكومته النازية أن تختار حيا بأكمله في غزة وتزيله من الوجود ، كما طالب المجرم النازي اليهودي " يعقوب أدري " بتصفية " إسماعيل هنية " وقادة حماس الآخرين ، وطالبت أصوات نازية يهودية أن يدخل الجيش النازي اليهودي إلى غزة ويفعل الأعاجيب فيها ، مما دفع "يوئيل ماركوس " إلى أن يعلق قائلا بما معناه:
بعد المصيدة الأولى في لبنان أصبح لزاما على اليهود أن يحذروا من مصيدة دموية ثانية ( ها آرتس 13/2/ 2008م ) ، ورأى ماركوس أن المخرج الوحيد هو السير على خطا أنابوليس من أجل الوصول إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين طالما كان بوش في الحكم ، وإذا كان أبومازن ضعيفا فعلى أولمرت أن يدعمه بقوات دولية لغزة قبل أن تصل حماس إلى الضفة .. ولكن ماركوس فيما يبدو يحلم كثيرا ، لأن قومه لا يؤيدون السلام ولا يحبونه ، ولأنهم ببساطة شديدة عنصريون توسعيون أي نازيون ، يشعرون أنهم فوق العالم ، ويريدون كل العالم ، ويشجعهم على ذلك صمت العالم والعرب في المقدمة ، وتشجيع من صنعوا القاعدة اليهودية في فلسطين السليبة – أعني القوي الصليبية الاستعمارية المتوحشة في أوربا وأميركا.
لقد أكدت "عميرة هاس " ما قاله ماركوس في اليوم ذاته وفي الصحيفة نفسها ، وهي تعلق على المطالبة بإزالة حي من غزة ؛ بأن اليهود سبق وأن أزالوا مئات المنازل واستخدموا الجرافات في الإزالة ، وإقامة مستعمرات مكانها ، ولكنهم لم يغيروا شيئا من واقع المقاومة الفلسطينية.
وإذا كان اليهود الغزاة النازيون ، قد حققوا يوم السبت ( أول مارس 2008) إنجازا لافتا في الهولوكست الأكبر حيث قتلوا أكثر من ستين فلسطينيا على أرض غزة ، بينهم تسعة أطفال ، واستمرت طائراتهم تقصف جباليا ورفح وشرق غزة على مدى أربع وعشرين ساعة ، فإن الفلسطينيين ، ومواجهتهم للطائرات والصواريخ والمدافع النازية ؛ بلحمهم العاري أثبتوا أنهم أقوى من العدوان والقائمين به ، وأن المعتدين لن يحققوا أهدافهم مهما قتلوا ، ومهما كان صمت أهل الكهف العرب كثيفا وعميقا ورهيبا ، وأن المصيدة الثانية التي أشار إليها يوئيل ماركوس ، لن تفلتهم .
لقد وجد الهولوكست الأكبر حماية من واشنطن ( قبلة أهل الكهف ومصدر وحيهم ) لدرجة أن مجلس الأمن الدولي لم يستطع إصدار بيان شفهي يندد بالهولوكست الأكبر ، ولم يجد مندوب بنما ورئيس مجلس الأمن لشهر فبراير إلا أن يعبر عن وجهة نظر بلاده الخاصة ، حيث اتسق مع ضميره وأدان العدوان والهولوكست الأكبر .. أما "بان كي مون" ،الأمين العام للأمم المتحدة ، فقد تحول إلى ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية حين عدد قذائف القسام التي أطلقها المقاومون الفلسطينيون المحاصرون على المغتصبات اليهودية ، وأدان الضحية قبل أن يدين القاتل صانع الهولوكست الأكبر !وصل عدد شهداء الهولوكست على مدي خمسة أيام قرابة عشرين ومائة شهيد ، ينتظر أن يتضاعفوا في وقت لاحق بسبب الإصابات الخطيرة التي لحقت بمئات الجرحى والمصابين وهم الذين دمرت بيوتهم على رءوسهم ورءوس أهليهم !
وإذا كان هذا هوالسلام الذي يبشر به بعض العرب ويدعو إليه بعض الكتاب من أهل اليسار المتأمرك ، فإننا - نحن المواطنين المقهورين – لا نملك إلا الدعاء لأهلنا المستباحين في غزة والضفة ، بأن يلهمهم الله الصبر والسلوان والصمود حتى يأتيهم فرج الله من حيث لا يعلمون ، ونفوض أمرنا إلى الله في أولئك اليساريين المتأمركين الذين فقدوا كل فضيلة حتى فضيلة الحياء أمام مشاهد الدم والدموع والنحيب !
ويبقى السؤال الأكبر في ظل الهولوكست الأكبر : ما ذا سيفعل أهل الكهف ؟ وخاصة من احتلت أراضيهم ، أو صارت بلادهم وحدودهم تحت رحمة الغزاة ؟ إنهم يشترون سلاحا كثيرا ، ولديهم مئات الطائرات وألوف الدبابات وآلاف المدافع ، ولكنها كلها لا تعمل ، ولا يسمع لها صوت ، ولا ندري متى تعمل أو تحدث صوتا ؟بل لا نعلم لماذا يشتري القوم هذا السلاح أساسا ؟
هل يوافقون على إبادة مليون ونصف مليون فلسطيني في غزة بالهولوكست الأكبر ؟ هل يرون الغزاة النازيين اليهود على صواب ،والفلسطينيين الضحايا على خطأ؟
إن أصواتا في إعلام الغزاة النازيين اليهود أكثر إنصافا للضحايا وإدانة للغزو من بعض أهل الكهف المعاصرين . لقد وصف "أفي عيزر كلاينبرج" الدعوة إلى القصف والمحو والتفجير والتصفية وإعطاء الجيش النازي اليهودي فرصة للنصر بأنها لن تؤدي إلى نتيجة ، لأنه توجد مشكلات لا تحل بالمطرقة ، والصداع لا يحل بوساطة الضرب على الجمجمة ! ( يديعوت14 /2 /2008م).
في مقابل ذلك فإن مندوب فلسطين في الأمم المتحدة أدان حماس والمقاومة ، وآية الله عباس وقف مزهوا بشبابه وحذائه الغالي ( ثمنه عشرون ألف دولار !) ليغطي على الغزاة القتلة بتصريحاته العاقلة المهذبة التي تدين صواريخ القسام وتدعو إلى التسليم والانبطاح وتأمين الاحتلال والغزاة !! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قاطعوا وأنتجوا
الصليبيون الاستعماريون المتوحشون الذين لا علاقة لهم بالمسيح عليه السلام ،ولا بما جاء به من محبة وتسامح يستحقون أن نقاطعهم ، ولا نتأثر بما يقوله البعض عن عدم جدوى المقاطعة ، أو يلتمس لهم العذر بأن الأغلبية لا تعرف شيئا عن الدين ، فمن المؤكد أنهم يعرفون التعصب جيدا ، ويطبقونه دائما ضد الإسلام والمسلمين ، وفي الوقت ذاته يخافون جيدا على أحاسيس اليهود الغزاة النازيين، ولا يستطيعون النطق ضدهم بكلمة واحدة بدءا من الرئيس حتى الغفير .
ولتكن المقاطعة حافزا كي ننتج طعامنا وخبزنا وآلاتنا وسلاحنا ، ولا نكون رهينة في أيديهم ، ولتكن مقاطعة الدانمرك بداية لمقاطعة ممتدة تشمل كل من يسيء إلى نبينا الكريم – صلى الله عليه وسلم – ولنصبر ونصابر والله مع المحسنين .