صح النوم تلفزيون فلسطين

صح النوم تلفزيون فلسطين

خليل الصمادي

[email protected]

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض

 صح النوم " ليس اسم المسلسل السوري الشهير الذي عرضه التلفزيون السوري في الستينات وقام تلفزيون فلسطين باجتراره بعد نصف قرن مع ما اجتر من مسلسلات وأفلام هابطة ، وإن توافق عنوان مقالي مع اسم مسلسل دريد لحام  فهناك قواسم مشتركة بينهما.

المراقب المحايد لتلفزيون فلسطين منذ يوم أمس الجمعة اليوم الآخير من شهر شباط فبراير 2008 يجد انقلابا جذريا في التلفزيون من حيث البرامج والمذيعين والاتصالات، ولا شك أن هذا الانقلاب ما كان ليحدث لولا النقد الجارح الذي وجه لهذه المحطة اليائسة من قبل كثير من الإعلاميين والكتاب والصحفيين والمسؤوليين السياسيين فقبل انقلاب االجمعة الإعلامي  وفي خضم القصف الإسرائيلي لإهلنا في غزة، يجدُّ المرء في البحث عن الأخبار والتحاليل والمقابلات والتقارير هنا وهناك ،فلا شك أنه يجد ضالته في كثير من المحطات  العربية والأجنبية، لأن الحدث جلل والضحايا كثر ، والظلم   واضح كالشمس ، وأما تلفزيون فلسطين والذي يظن المشاهد أنه سيكون في قلب الحدث بسبب الانتماء والجغرافية والتاريخ والمصير والقرب،  إلا أن الغريب أنك ترى نفسك خارج الحدث بل خارج العالم أو الكون بل ربما  " قَلَبَ الحدث " بالفعل لا بالمصدر، فقد قلبت البرامج من سياسية إلى كل ما عدا ذلك  فالبرامج الرياضية ، والمسلسلات التاريخية، وبرامج المنوعات ومسرحيات عادل إمام ، وبرامج الأطفال كلها مواد أولية في برامج هذا التلفزيون، وحتى البرامج الدينية أضحت تأنيبا لحماس على حسمها العسكري ، وهذا ذكرني ببعض المحطات اللبنانية أيام حرب 1994 ومجزرة قانا فقد كانت هذه  المحطات مشغولة بـ" ياليل ياعين " واستديو الفن " وعلى الباب يا شباب" وما شابهها ، في الوقت الذي كان العدو الصهيوني يدك الجنوب ، ومحطات الكهرباء والجسور بكل ما أوتي من قوة ويقتل الأبرياء حتى في سيارات الإسعاف، على مرأى من العالم كما يفعل اليوم في فلسطين  ، قد تكون هذه المحطات خارج المسألة اللبنانية ولعل القائمين عليها  معذورون لأنهم ما كانوا يوما ما مناضلين أو منظرين للثورة و لأن محطاتهم بالأساس رسالتها واضحة في جذب السياح واختيار الفنانيين والفنانات وحتى في هذه الحال لم تسلم من النقد الجارح من قبل بعض الغيورين اللبنانيين وغيرهم .

 وأما تلفزيون فلسطين فهو ليس تلفزيون منوعات أو مسابقات أو محطة خاصة لعرض الأفلام القديمة، وفي اجترار للمسلسلات والمسرحيات المنتهية صلاحياتها بل هو تلفزيون سياسي ويعبر عن فصيل له باع وذراع في حركة النضال الفلسطيني ، فكيف يكون خارج اللعبة في الوقت التي فتحت به أكثر محطات العالم شاشاتها لتسليط الضوء على ما يجري في غزة  .

المهم قد يكون تلفزيون فلسطين قد عاد إلى صوابه وصار ينقل الحدث كما تفعل قناة الأقصى والجزيرة والحواروغيرها من المحطات  ولكن يبدو أن القرار اتخذ على عجل دون دراسة ، فسبحان مغير الأحوال فمن إعراض وإهمال إلى انفتاح على الحدث على مر الساعة وفي تعاطف مع أهلنا في غزة لم يسبق له مثيل ولكن يبدو أن الرسالة التي يريد تلفزيون فلسطين تمريرها قد وضحت منذ التعليق والاتصال الأول  فصناعة  الاتصالات ما زالت مهيمنة على بثه المباشر والرسالة التي يريدون إيصالها للناس باتت جد مكشوفة فأغلب المتصلين منذ إنقلاب اليوم الأبيض وكأنهم متواطئون فيما بينهم ويريدون إيصال الرسالة التالية : إنهم ضد القصف الإسرائيلي العشوائي ، وما ذنب الطفولة البريئة؟ ، وأن حركة حماس بإنقلابها الدموي هي السبب في ذلك ، وأن الصواريخ العبثية جرت على الشعب الفلسطيني الويلات والدمار ؟

 قد يكون هذا الرأي يمثل أقل من 10% من أعداد المتصلين حسب استطلاع العديد من مواقع النت ولكن أن تصل نسبة الاتصالات  التي تدين حماس أكثر من 95% فهذه الصناعة بعينها لاتخفى على طفل يقلب المحطات الفضائية .

على كل يبقى هذا الأمر في عرض صور ضحايا الأطفال وتصوير ألية البطش الإسرائيلي أفضل من عرض الهشك والبشك في وقت خجلت  تلفزيونات الفن من تقديم برامجها المعتادة  بسبب المحرقة الجديدة الموعودة من أولمرت  لأهلنا في غزة.