القاعدة في غزة ...

بدأها شارون ورددها عباس!!

د. ياسر سعد

[email protected]

اتهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في تصريحات صحفية نُشرتها "الحياة" يوم الأربعاء 27-2-2008  حركة المقاومة الإسلامية حماس بمساعدة تنظيم القاعدة على التمركز في قطاع غزة, قائلا اعتقد أن القاعدة موجودة في الأراضي الفلسطينية وتحديدا في غزة, والذي جاء بالقاعدة ويساعدها على الدخول والخروج بالطرق المعروفة هو حركة حماس, واعتقد أن حماس والقاعدة حلفاء.

قبل يوم من اتهامات عباس, نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن اللواء رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يدلين خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست قوله إن عناصر من تنظيم القاعدة تسللوا إلى قطاع غزة بعد هدم مقطع من الجدار الحدودي بين القطاع ومصر, وكأن مصر تعج بأعضاء من القاعدة يتنظرون على الحدود الفلسطينية-الإسرائيلية!!!

اتهامات عباس ويدلين بوجود للقاعدة في غزة ليست أمر جديدا, ففي مؤتمر صحفي عقده في ديسمبر 2002 أعلن رئيس وزراء إسرائيل ارئيل شارون إن تنظيم القاعدة جند فلسطينيين وشكل خلايا في غزة لضرب أهداف إسرائيلية. الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفي تصريح للصحفيين من مقره الرئاسي المدمر في مدينة رام الله بالضفة الغربية وصف ادعاءات شارون بوجود عناصر لمنظمة القاعدة بأنها كذبة كبيرة جدا للتغطية على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.

ياسر عبد ربه والذي كان وزيرا للإعلام أشار إلى مؤامرة إسرائيلية قائلا: هناك عناصر من عملاء إسرائيل صدرت لها تعليمات من جانب الموساد بتشكيل خلية تحت اسم القاعدة في قطاع غزة من اجل تبرير الهجوم والحملات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة. أما وزير الحكم المحلي الفلسطيني وقتها صائب عريقات فقد قال إن شارون يحاول الربط بين المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال وتنظيم القاعدة تمهيدا لاجتياح غزة وإعادة احتلالها كليا ويبحث عن ذريعة ليقنع العالم بشن حملة دولية على الفلسطينيين.

من ناحيته أكد الدكتور نبيل شعث مسؤول العلاقات الدولية بالسلطة الفلسطينية ذلك انه تم اطلاع كافة الدبلوماسيين والقناصل الأجانب على إن إسرائيل حاولت تجنيد مواطنين فلسطينيين باسم تنظيم القاعدة. وقال شعث أنه تم شرح الموضوع للدبلوماسيين ومطالبتهم بالتحرك العاجل لوقف أي اعتداء إسرائيلي محتمل على القطاع أو الضفة الغربية تحت ذريعة تلك الادعاءات الزائفة. وأضاف شعث في مؤتمر صحفي إن تنظيم القاعدة  أصبح موضة العصر وان كل من تلتصق به تهمة الانتماء إليه يخسر قضيته سلفا, لذا فإن إسرائيل حاولت منذ البداية الربط بين النضال الفلسطيني المشروع ضد الاحتلال وبين اعتداءات  سبتمبر 2001 والتي استنكرها المجتمع الدولي.

مدير جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة رشيد ابو شباك قال في مؤتمر صحفي عقده في ديسمبر 2002 للرد على ادعاءات شارون: خلال الأشهر التسعة الماضية، حققنا في عدة حالات قام خلالها عملاء إسرائيليون بتجنيد فلسطينيين في قطاع غزة بحجة العمل مع تنظيم القاعدة. وكشف أبو شباك عن ثماني حالات لفلسطينيين كان ضباط مخابرات إسرائيليين يتصلون بهم ويوهمونهم أنهم من تنظيم القاعدة نافيا إن يكون هناك أي من أفراد القاعدة في المناطق الفلسطينية. وأكد أبو شباك أن بعض الحالات جاءت متطوعة لجهاز الأمن الوقائي لتكشف بمحض إرادتها عن اتصالات أجريت معها باسم تنظيم القاعدة بعد إن انتابتها الشكوك وشعرت إن المخابرات الإسرائيلية قد تكون وراءها وهو ما ثبتت صحته بعد المتابعة.

بعد أكثر من خمس أعوام من اتهامات شارون لغزة باحتضان القاعدة, يعود ابوعباس ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ليكررا نفس الاتهامات بطريقة لافتة ومصادفة محزنة. العجيب أن رد حماس على اتهامات عباس وفهمها لها, يكاد يكون مطابقا لردود المسؤولين الفلسطينيين مثل عبد ربه وعريقات وشعث على اتهامات شارون منذ أكثر من خمس سنوات, الاتهامات غرضها تشويه المقاومة وتهدف إلى التغطية على الجرائم الإسرائيلية والتمهيد لاجتياح إسرائيلي. رجال عباس في السلطة اتهموا المخابرات الإسرائيلية بفبركة تلك الأكاذيب والعمل على نشرها, والآن يكررهم رئيسهم وبطريقة فجة!!  

لمصلحة من يقدم عباس هذه الخدمة المجانية لحكومة اولمرت؟ ولماذا هذا التشدد والتعنت في شروط اللقاء الفلسطيني والرفض المطلق لكل الوساطات العربية؟ وفي أي مربع تقف سلطة رام الله ولمن تنتمي؟! قصة الفبركات الإسرائيلية القديمة والتي كررتها سلطة عباس, تبرهن أم موضوع القاعدة والإرهاب تستخدمه أطراف دولية كأداة سياسية لتنفيذ أجندتها وأهدافها, وهذا أمر يستحق أكثر من وقفة وتحليل.