بين نكسة 67 ومجزرة أسطول حرية غزة وفلسطين

د. جبر خضير البيتاوي

الأنظمة العربية

 بين نكسة 67 ومجزرة أسطول حرية غزة وفلسطين

د. جبر خضير البيتاوي

[email protected]

[email protected]

أ. مساعد في قسم اللغة العربية/ كلية الآداب

جامعة النجاح الوطنية

لقد أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مذابح ومجازر وجرائم ضد الشعب الفلسطيني منذ إنشائها، وآخرها ارتكابها مجزرة الهجوم على أسطول حرية غزة وفلسطين.

وهذه الأفعال المجرمة لم تكن لتحدث، لولا دعم دول الغرب الأمريكية،للدولة العبرية وسكوت أكثر المؤسسات الرسمية العربية، بل وتواطؤها معها.

إن كل المتتبّعين لمسيرة معظم الأنظمة العربيّة وعلاقتها بفلسطين الإنسان والأرض، منذ نهاية حقبة الاستعمار البريطاني والفرنسي لبلدان العرب والمسلمين، يدركون بأنّها تقوم بدورين خطيرين وكلت بهما، وهما قمع الشّعوب وإذلالها، والقيام بحراسة دولة إسرائيل من جانب آخر.

فحينما احتّلت بريطانيا العجوز فلسطين سنة 1917م. بعد نهاية الدّولة العثمانيّة، عملت جاهدة على تهيئة الظروف لتسليم فلسطين لعصابات اليهود، الهاجانا، وشتيرن، والأرجون وغيرها، تمثل ذلك بالوعد المشؤوم باحتلال فلسطين وسرقتها، وإعطائها لهذه العصابات.

وظهر ذلك جليّاً بإقامة المستعمرات اليهودية لهم، والقيام بعمليات نهب الأرض، وتدمير المدن والقرى الفلسطينيّة بالاشتراك مع هذه العصابات عبر مدّهم بالمال والسّلاح، وفتح أبواب الهجرة. إنّ عمليات الإبادة الجماعيّة لقوّات الاحتلال البريطاني ضد الفلسطينيين، مهدّت الطريق لعمل المجازر والمذابح ضدهم.

وظهرت أدوار مرعبة لهذه الأنظمة ضدّ شعب فلسطين، بالطّلب منهم عدم القتال، وعملت مسرحية سميّت بحرب 1948م. تمّ على أثرها تمكين اليهود من احتلال ثمانين بالمئة من أرض فلسطين. ولم تكتف بذلك، فقامت بحراسة هذا المحتل البغيض لمدة عشرين عاماً على حدود فلسطين الجغرافية والتاريخ، وأكملت هذه الأنظمة مسرحيّة فاضحة، سميّت حرب حزيران 1967م، لتكمل تسليم القدس وبقية فلسطين وغيرها.

ولا زالت تقوم بحراسة هذه الدولة المصطنعة، وهذا الدور المشين أصبح معروفاً ومكشوفاً لجميع الشعوب. قال تعالى: "إنّ الله لا يصلح عمل المفسدين".

ففي الوقت الذي قامت بريطانيا بعمل وعد بلفور لإعطاء فلسطين لليهود، يظهر بلفور عربي آخر ليؤكد على أن هذا الوعد مشترك. وفي كل يوم تقوم هذه الأنظمة بإعطاء وعود قولية، عبر السّلام المزعوم، وفعليّة عبر مناصرة اليهود والأمريكان والبريطان وأعوانهم ودعمهم سياسيّاً وعسكريّاً واقتصاديّاً، ووقوفهم معهم في كل المحافل والأصعدة.

كما أنّ هذه الأنظمة وتابعوها تضخ أكثر من عشرة تريليونان من الدولارات لتقوية أمريكيا وحلفائها اقتصادياً؛ في حين تهدد الصين أمريكيا بسحب استثماراتها التي تقدر بحوالي تريليونين من الدولارات الأمريكية، الأمر الذي تعتبره أمريكيا كارثة محققة لها.

إنّ كلّ المخلصين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين لم تعد تنطلي عليهم هذه المؤامرات والمكائد والخدع، ولا منظمة الأمم الظّالمة والمشبوهة، ولا حقوقها البائدة، ناهيك عن انتهاء دور الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي في الساحة الدوليّة، وهم يدركون أن هذه الأنظمة ربطت مصيرها مع محور الظلام والفساد، إنّهم أنظمة الفساد القابعين على صدر هذه الشّعوب التي تطلّع ليوم الخلاص من السجانين الأباعد والأقارب.

وفي الوقت الذي نرى فيه الطلائع المخلصة من هذه الأمة تعمل جاهدةً لإنهاء هذا الاحتلال الغاشم في العراق وأفغانستان وفلسطين؛ نرى محور الأشرار بدأ يترنح، والأمناء على مصير الأمم أدركوا واجبهم، بمجابهة كل المستبدين، ومعهم كل أحرار العالم. ليعيدوا للأرض ضيائها. وللبشريّة إنسانيّتها المفقودة، وحريتها المسلوبة. فالزمان يعمل لصالحنا لا لصالحهم.