نتنياهو يشعل النيران
جميل السلحوت
قبل أن يتم تثبيت وقف اطلاق النار في حرب اسرائيل الأخيرة على قطاع غزة، أقرّت حكومة نتنياهو المتطرفة أوامر بمصادرة أراض في الضفة الغربية، ومشاريع استيطانية جديدة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة وجوهرتها القدس العربية. وجاء ذلك مصاحبا للانتهاكات الاسرائيلية الرسمية المتصاعدة لحرمة المسجد الأقصى، وتقسيمه زمانيا تمهيدا لتقسيمه مكانيا، واليوم 27- 10-2014 أمر نتنياهو ببناء أكثر من ألف وحدة استيطانية في القدس المحتلة ومناطق أخرى من الضفة الغربية، ويأتي ذلك مصاحبا لمناقشة الكنيست الاسرائيلي لمقترح فيجلين نائب رئيس الكنيست الاسرائيلي "لسحب السيادة الأردنية الكاملة عن المسجد الأقصى". وبغض النظر عن موافقة الكنيست الاسرائيلي على الاقتراح أو رفضه، فان مجرد نقاشه يعني عدم احترام حكومة اسرائيل لاتفاقية الصلح المعروفة باتفاقية وادي عربة بين الأردن واسرائيل والموقعة قبل عشرين عاما بين البلدين.
ونتنياهو الذي ينفذ المشروع الصهيوني طويل الأمد والقائم على التوسع والحروب، يثبت أن حكومته ليست معنية بأيّ سلام في المنطقة، بل إنّها غير معنية باستقرار مؤقت، فما أن تنتهي من حرب حتى تشعل أخرى بطرق مختلفة، ولذا فهي ترى خطورة بالغة في النشاط الدبلوماسي للرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، و"جريمته" أنه يسعى الى تحقيق سلام دائم وعادل حسب قرارات الشرعية الدّوليّة، في حين أن حكومة نتنياهو تسعى لادارة الصراع لكسب الوقت من أجل تنفيذ مشاريعها الاستيطانية، وفرض حقائق على الأرض تمنع إقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف على الأراضي التي احتلت في حرب حزيران 1967. ولعل ما قاله سكرتير عام حركة"السلام الآن" الاسرائيلية، ياريف أوفنهايمر، إنّ "نتنياهو يضرم النار في المنطقة، ويصب الزيت على النار من خلال خدمته للمصالح المستوطنين فقط" يعبر بصدق عن النتائج المترتبة على سياسة حكومة نتنياهو الاستيطانية.
ونتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة ما كانوا ليجرؤوا على اتخاذ هكذا قرارات لولا ثقتهم الكاملة بخنوع النظام العربي الرسمي، والدعم الأمريكي اللامحدود للسياسة الاسرائيلية العدوانية والتوسعية، رغم انتهاك هذه السياسة ومؤيدوها للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، وللوائح حقوق الانسان التي تجمدها أمريكا عندما تصل عتبة السياسة الاسرائيلية.