عندما يتحدث عضاريط مقاطعة عباس

أحمد الفلو /فلسطين

[email protected]

عندما كنت صغيراً كنت حينذاك أذهب مع أصدقائي كي أشاهد الدمى المتحركة والكراكوز والعرائس ، وكنا نضحك بكل براءة من أعماقنا على كلماتها وحركاتها و ننفعل مع نبرات صوتها، كل ذلك كنت أفعله هرباً من الأجواء الجدية و التثقيف العلمي والأدبي التي كان يفرضها المرحوم والدي ناهيك عن الدروس الدينية وحكايا الوصف الدقيق لجغرافية و ديموغرافية فلسطين وعلى الأخص (الطنطورة) البلدة  التي عاش فيها والدي  وأُخرِج منها بمأساة الوقوع في الأسر وهكذا كنت أجد القليل من الفرح والسرور بمشاهدة تلك الكوميديا البريئة.

ولكن بعد أن كبرت أصبحت في كل ليلة أشاهد على الفضائيات كوميديا هزلية حقيقية مأساوية الطابع لكن يتم تنفيذها على الواقع ويقوم بتنفيذها وليس بتمثيلها أشخاص يقال أنهم فلسطينيون، هم في منتهى المكر والخبث باستعراضات من إخراج صهيوني وإنتاج إسرائيلي، يقومون من خلالها بتسويق الهزيمة النفسية وتجميل  الاستسلام للعدو وبيع الدماء عبر أسلوب السخرية من المجاهدين والتندُّر على جوع أطفالنا وإطلاق التصريحات الكوميدية السوداء، حدث ذلك ويحدث كل يوم من خلال الحفلات الاستعراضية التي يقوم بها عبيد الصهاينة محمود عباس واللصوص والمرتزقة المحيطين به.

لعل ما شجعني أن أقول هذا الكلام هو تصريحات زعيم العصابة الفتحاوية قبل وبعد مجزرة أسطول الحرية، فبينما كان عباس يسعى بكل ما أوتي من دعم إسرائيلي مصري أن يكرِّس الحصار ويجعله أمراً واقعاً، بل أن يجعل من الحصار قدراً ومصيراً لكل فلسطيني يعزف عن انتخاب مرشحي فتح للمجلس التشريعي ورئيس فتح لرئاسة السلطة، وبمعنى أوضح أن الحصار والتجويع عقوبة من يحتقر منهج الخيانة ويأبى الانضواء تحت الحذاء الإسرائيلي، ومن وجهة نظر قيادة العار الفتحاوية فإن سفن كسر الحصار ((اللعبة السخيفة))، وكم سعى عباس خلال سنوات الحصار الثلاث السابقة إلى مقايضة الشعب الفلسطيني وفق معادلة (( عودة عباس مقابل الغذاء)) فكم هي الدناءة التي انحدر إليها عباس وعصابة فتح.

أما بعد المجزرة الفضيحة فقد أصبح أسياد عباس الإسرائيليين في موقف صعب فكان أول تصريحاته "أن المفاوضات الجارية لن تتأثر بتداعيات مجزرة أسطول الحرية" بينما صرح لص أراضي الأيتام القيادي الأحمد عزام "غزة ليست بحاجة إلى الأغذية والمؤن"، ثم تنبّه عباس إلى المنزلة المنحطة التي انحدر إليها فعمد إلى إلقاء النكت الطريفة من نوع "أنه سيمنح الجنسية الفلسطينية للمشاركين في أسطول الحرية" ، ثم يظهر أمام الشعب كالحمل الوديع بهدف إحراج حركة حماس بعد تعاظم الشعبية الفلسطينية والعربية والدولية فيقول "أنه يمد يد المصالحة لحركة حماس" كلمة حق أراد بها باطل ليغطي على دوره المتآمر في فرض الحصار بالتحالف مع النظام المصري ولعل موقف الصهيوني رياض الرمحي مندوب عباس في الأمم المتحدة يوم 8/11/ 2007 يؤكد ما نقول عندما رفض فك الحصار عن قطاع غزة.

وإذا كانت سلطة عباس قد حمّلت حركة المقاومة الإسلامية حماس مسؤولية المجزرة  التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الفرقان حيث اتهم الناشط الدولي في الحريات الجنسية نمر حماد مستشار محمود عباس" قادة حركة حماس بأنهم شركاء في الجريمة الإسرائيلية ضد غزة"، قال الألمعي الفذ عزام الأحمد في تصريح للجزيرة "إن الرد الأول على العدوان الإسرائيلي على غزة يتمثل بإعادة الوحدة وإنهاء حالة الانقسام السياسي والجغرافي" داعيا إلى تحرك فوري بهذا الخصوص، ويبدو أن مرتزقة سلطة رام الله عندما يشعرون بافتضاح تآمرهم فإنهم يبحثون عن أدوار مجانية لا تكلفهم شيئاً سوى العبارات اللفظية ويكون ملاذهم هو الدعوة للمصالحة التي طالما تآمروا عليها ولا ندري ما الذي يمنعهم من المصالحة والعودة إلى حضن الشرعية المتمثلة في الحكومة المنتخبة برئاسة المجاهد إسماعيل هنية، وهذه المصالحة تتحقق بمجرد سحب اعترافهم بالكيان الصهيوني والتوبة النصوح عن التعاون الأمني مع العدو، والنكتة المضحكة هي أنهم يعتبرون أنفسهم أنهم الشرعية.

لقد تمادى أولئك المرتهَنون في رام الله والقاهرة في مكرهم وطغيانهم { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} فاطر 43، ومع انكشاف أسيادهم الصهاينة والغضبة الشعبية العارمة ضدهم فلن تتمكن الدبابات الإسرائيلية بعد اليوم من حماية قصر المقاطعة ولا إنقاذ الجواسيس الفتحاويين, وإذا كان حسني مبارك من خلال فتحه لمعبر رفح يحاول تدارك سقوطه والتخفيف قدر الإمكان من العزلة عن العدو الإسرائيلي فإنه مخطيء لأن دماء الفلسطينيين ستلاحق كل من تآمر على مقاومة غزة وأطفال غزة، سوف تستمر أساطيل الحرية لفك الحصار البحري عن شعبنا وكي لا يكون أبناؤنا تحت رحمة بوابة رفح التي خنقتنا وقتلت مرضانا وجرحانا، ولن يجد محمود عباس وعصابته حتى دراجات هوائية يفرون بها من غضبة أبناء فلسطين الأحرار، أما هذه النكت السخيفة والممجوجة التي يطلقها عباس ومبارك فإنها لن تضحك أحداً بعد اليوم سوى حلفائهم الإسرائيليين، الله مولانا ولا مولى لهم والعالم مع شعبنا وضد عباس ومبارك.