إيران ... ونحن ... والآخرون

إيران ... ونحن ... والآخرون

م. هشام نجار

اعزائي القراء

 تعيش منطقتنا العربيه هذه الأيام حاله غير مسبوقه يميزها الفشل في تحديد رؤيتها المستقبليه لدرجة لا يستطيع معها أي حاكم عربي ان يبين لنا من هو عدونا الرئيسي ومن هم اصدقاءنا وماهي رؤيتنا لمستقبلنا سياسيآ وإقتصاديأ على المدى المنظور . ويعود ذلك الى سبب جوهري هو اننا كعرب تخلينا عن بوصلتنا وسلمناها لربان غريب كل همه ان يوجهها لتحقيق اهدافه , فرضي معظم حكام العرب بدور لا يتعدى عن حملهم لبوصلة الربان بينما يقوم هذا الربان بتوجيه إبرة البوصله للوجهة التي تحقق اهدافه فقط محاولآ إقناعنا بأن اهدافنا ورؤيانا السياسيه ونظرتنا لتحديد اعداءنا واصدقاءنا هي واحده ومشتركه مع الأمريكيين

اعزائي القراء

ابرة الربان الأمريكي الإسرائيلي تتجه اليوم وبحريه الى عدة جهات كلها موجهة ضد آمالنا كأمة عربيه وإسلاميه .إحدى هذه الجهات التي وجهت إليها إبرة البوصله كانت إيران,هذا التركيز على إيران أوجد رأيين متباينين حيال الأمه الإيرانيه , فإنقسم الرأي العام العربي الى فئتين

الفئه الأولى: ترى إيران باللون الأسود فقط, وهذه الفئه ليست متجانسه فيما بينها ويمكن تقسيمها الى ثلاث مجموعات

المجموعه الأولى: وهي مجموعة الغرباء المقيمين على ارضنا واقصد بهم  جماعة الإسرائيلين والأمريكيين وهي المجموعه الرئيسيه التي تحاول تسخين المنطقه او تبريدها وفق مصالحها

المجموعه الثانيه: وهي تمثل معظم حكام دول الخليج مضافآ إليهم حكام مصر وهؤلاء الحكام يرون ان مصلحتهم تكمن بالإعتماد على امريكا طالما انهم يشعرون بعجزهم على مقارعة إيران وهؤلاء الحكام يعملون بتنسيق تام مع المجموعه الأولى  

المجموعه الثالثه: وتمثل شريحه شعبيه هامه لا تتفق مع المجموعتين السابقتين الا من حيث موقفها من إيران بل تقف موقفآ سلبيآ واضحآ من حكام المنطقه ناهيك عن إظهار عداوتها الصريحه للإحتلال الأمريكي للمنطقه . هذه المجموعه  لديها حساسيه من إستغلال إيران لتوجهاتها الوطنيه لمد مذهبها الشيعي في البلاد العربيه ذات الأكثريه السنيه

أما الفئه الثانيه: فترى إيران باللون الأبيض وهي مجموعات شعبيه واسعه لديها قناعه من أن معظم حكام العرب قد سلموا مقاليد امور بلادهم الى المحتل الأمريكي  فتحولوا الى اشباه حكام مسلوبي الإراده فباعوا فلسطين وشعبها وسلموا لإسرائيل بان تكون رقمآ هامآ في المنطقه تقرر مصيرها نيابة عنهم ,وبنوا قناعاتهم على ان ايران قدمت افعالآ مشهوده وليس كلامآ لخدمة القضيه الفلسطينيه بدعمها للمقاومه بشقيها الفلسطيني واللبناني وكذلك سوريا حيث دفعت عن الأخيره ديونها العسكريه لروسيا في الوقت الذي إمتنعت فيه الدول الخليجيه عن ذلك بناءآ على طلب امريكي

اعزائي القراء

ما تبقى من مقالتي هذه سأحاول ان ابين خمس مواقف إيرانيه تجاه أمتنا العربيه بعضها إيجابي جدآ بل دورها مشكور فيه وهوموقف يمثل اللون الأبيض ومواقف أخرى تعود إلى ضعف حكامنا وخياناتهم وهو موقف يمثل اللون الرمادي وبعضها سلبي يتمثل بترويج الفتنه في العراق لبقاء نفوذها فيها عن طريق عملائها وهو بلا شك موقف يمثل اللون الأسود

أعزائي القراء

  في السياسه ليس هناك لون اسود وآخر ابيض فقط وان بناء العلاقات بين الدول إعتمادآ على هذين اللونين هو امر خاطئ .الدول تحكمها مصالحها اولآ وهي المقدمه على كل مصلحة أخرى

 الموقف الأول : ماذا يمنع على سبيل المثال من ان تحصل المقاومه الفلسطينيه واللبنانيه على دعم إيراني اذا توقف الدعم العربي عنها تمامآ , وماهو المبرر لبعض حكام العرب للصراخ مستنكرين على حماس حصولها على حقها بالسلاح من أية جهة في الوقت الذي منعوه عنهم. إنه لأمر مخجل حقآ, ولو انهم قدموا لها الدعم المناسب ماليآ وعسكريآ لما توجهوا اصلآ الى إيران . فهذه النقطه تعتبر بقعة مضيئه محسومه اليوم وغدآ ومرحبآ بها  من إيران ولا مجال لإستغلالها من قبل بعض الحكام العرب وخاصة من اولئك الذين جاهروا بحبس اهل غزه وراء الأسوار بل منعوا عنهم كل أسباب العلم والغذاء والمعالجه والدواء ,فشتان بين حكام إيران وبين حكام مصر الذين طاب لهم الإنبطاح وإثبات وجودهم بالكلام والصياح 

 الموقف الثاني: ولكن بالمقابل ماذا عن ورود أنباء متواتره عن إستغلال إيران لمواقفها الوطنيه وخاصة قضية دعم المقاومه الفلسطينيه وذلك لتمرير مخطط  نشر المذهب الشيعي في بلادنا العربيه ذات الأغلبيه السنيه؟

اعزائي القراء إن أي تحفظ من طرف شعوبنا العربيه هو تحفظ مشروع في حال توثيق هذه الحالات ومفاتحة النظام الإيراني بها. وبالرغم من عدم ملاحظة ذلك على نطاق واسع الا اني اجد فيما اورده  فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي منذ حوالي عام عن محاولات بعض آيات الله الإيرانيين بإحداث إختراقات بين افراد في بلادنا العربيه هي بمثابة حقائق نظرآ لما يتمتع  به فضيلته من ثقه بين أبناء الأمه الإسلاميه. وبالرغم من ان الحكومه الإيرانيه نفت ضلوعها بالقيام بمثل هذا العمل ولكن كان من المفروض على حكام إيران ان  يسدوا  باب الشبهات . ويخطرني  مثالآ يتلخص بزيارات مكثفه من الإخوه الإيرانيين الى عاصمة الأمويين دمشق من اجل زيارة مقام السيده زينب رضي الله عنها حفيدة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بشكل تصبح منطقة المسجد الأموي بل دمشق كلها منطقة إيرانيه بعاداتها الدينيه وادعيتها  الغريبة عن ابناء شعبنا وبعض منها تتعارض مع اصحاب المذهب السني ابناء البلد  

 اعزائي القراء إن مثل هذه التصرفات هي افعال مثيرة للحساسيه وليس لها فائده إيجابيه واحده تقرب بين الشعبين . ودفعآ لكل سوء فهم بين الشعبين السوري والإيراني ان تنشر هذه الزيارات على مدار العام وان تقنن إذا اقتضت الضروره ذلك ,فهي ليست اصلآ من الدين في شيئ واني آمل من الحكومتين السوريه والإيرانيه الإتفاق على تنظيم هذه الزيارات لتقليل سوء الفهم من جهة وإغلاق باب التأثير السلبي المتبادل بين المذهبين من جهة اخرى وبذلك تسقط  كل ورقه من يد اولئك المروجين لإساءة العلاقات بين الشعبين المسلمين .هذا مثال واحد من مجموعة امثله قرأت عنها, وإني الفت بجديه نظر الإخوه الإيرانيين لتداركها حفاظآ على وحدة صفنا الإسلامي 

الموقف الثالث: هو إحتلال الجزر العربيه الثلاث في الخليج حيث تعتبر هذه المسأله هي إحدى منغصات  العلاقات الإيرانيه العربيه وحلها هو ان تعاد هذه الجزر لأصحابها فهو حق قانوني صريح لا لبس به . ولكن  لدي تصور مشروع هو أن بريطانيا التي كانت المشيخات العربيه واقعه تحت إحتلالها أطلقت يد إيران للتصرف في المنطقة والاستيلاء على هذه الجزر تحقيقا للمصالح الغربية المرتبطة بأمن الخليج - والتي تفترض وجود قوة اقليمية تحل محل بريطانيا - دون أن تعلن بريطانيا عن ذلك جهرا رغم تأييدها لذلك خفية وطيلة فترة حكم شاه إيران. وكذلك لم نسمع سوى صوتآ خافتآ من حكام المنطقه تتعرض لهذا الإحتلال في عهد شاه إيران ولو بشكل خجول لماذا؟ لأن الشاه كان وكيلآ للأمريكيين والبريطانيين في المنطقه , اما اليوم فقد صارت المطالبه بهذه الجزر مطلبآ أمريكيآ وبريطانيآ اليس هذا امرآ يدعو للعجب ؟ وإعتمادآ على دعم الأمريكيين لحكام الأمارات إرتفع صوت المطالبه بالجزر التي تبرع بها البريطانيون والأمريكيون لإيران الحليفة لهم في ذلك الوقت؟؟ وعلى حكام الأمارات ان يطالبوا الصديق الأمريكي الذي يثقون به ! بتحرير هذه الجزر لإنها هي السبب المباشر بالإحتلال ... وأحب ان اشير إلى إن من يطالب بجزر إحتلتها إيران رسميآ منذ اربعين عامآ عليه ان يطالب بتحرير كامل التراب الأماراتي والذي دنسه الإحتلال الأمريكي والذي سقط مع كافة دول الخليج تحت الإحتلال الأمريكي منذ ان ساعدت هذه الدول على إحتلال العراق ام ان الولايات المتحده هي ابن القابله او الدايه كما يقال في المثل الشعبي 

الموقف الرابع:  تعتبر التدخلات الإيرانيه في العراق اهم المواضيع واكثرها حساسية. فإيران لعبت دورآ سلبيآ مع الأسف محاولة السيطره على هذا البلد العربي بسنته وشيعته. إن إعتماد إيران على قله مذهبيه ثبت تاريخها الأسود مع الإحتلال ومليشيات مشبوهة ومجازر تقوم بها ثم تنسبها الى خصومها وسجون سريه  صار امرها مكشوفآ. وهنا يتطلب من إيران موقفآ شجاعآ تحتفظ بعلاقة جيده مع ابناء العراق المخلصين في قيادة العراق العربي المسلم دون تدخل في  شؤونه  فحاجتهم لحلف إيراني مع العرب كل العرب اهم من مكسب رخيص في العراق يتأتى عن طريق مليشيات مجرمه

الموقف الخامس: ويتعلق ببرنامج إيران النووي , هذا البرنامج حق مشروع لإيران وعلى الحكام العرب ان يدعموه ,فدعمهم لإيران في حقها بإمتلاك برنامجها النووي هو دعم لبرامجهم . وإن الإصطفاف وراء الأمريكيين هو خذلان لأنفسهم. إن الشعوب العربيه تتمنى ان يكون لكل دولة عربيه مفاعل خاص بها طالما ان عدونا الأول والأخير إسرائيل يمتلك سلاحآ نوويأ قادرآ على تدمير العرب ثلاث مرات, فماذا تنتظرون ايها الحكام؟  اعزائي القراء هناك خدعة امريكيه اوروبية تمني دول الخليج ببناء مفاعلات لهم . هم من يقوم بتركيبها, وهم من يقوم بتشغيلها ,وهم يحددون طرق إستعمالها, وهم وحدهم من يغذوها  باليورانوم المخصب وهم الذين يتقاضون ثمنآ لخدماتهم تزيد اضعافآ مضاعفه عن اية خدمات مشابهة تأتي من دول اخرى. فإن كان كذلك كما نقرأ فأفضل لكم ان تلغوا مشاريعكم ايها الحكام وتوفروا عليكم اموالكم 

ايها العرب إدعموا برنامج إيران ثم إبنوا مشاريعكم النوويه بإمكانياتكم  وإستخدموها لحماية مصالح امتكم . فلن يأتيكم من الغرب سوى قيود جديده

اعزائي القراء ختامآ اقول لكم لن نستطيع ان نحصد من علاقاتنا مع الآخرين كل ما نطلبه فهذا هو منطق السياسه, فالحكمة تقول خذ من الآخرين ماتستفيد منه واعرض عليهم الممكن لكي تحصل منهم على الممكن

اخوتي واخواتي إن شيطنة الآخرين هي صناعة امريكيه , فلا تنجذبوا لشيطانهم. أيها العرب اليوم تنشر إسرائيل غواصاتها في بحركم ,غواصة واحدة منها ستقيم بضيافتكم بصورة دائمه, واليوم تنصب امريكا رادارآ دائمآ على اراضيكم فتحمي إسرائيل وتزيد من وقت الإنذار لها الى عشر دقائق بدلآ من دقيقتين فمتى تدركون أن إيران ليست عدوكم بل ستبقى إسرائيل عدوكم فإحملوا بوصلتكم بأيديكم ووجهوها بإتجاه إسرائيل حتى ولو حصلتم منها على سلام كاذب وهذه مصر امامكم مثالآ فهي اول من صالح دولة الصهاينه ومازالوا

يتآمرون على سرقة نيلها

وانتم ايها الإيرانيون فلقد اوردت لكم بعضآ من اخطاءكم تجاه العرب فإن كنتم جادين بصداقتنا والتحالف معنا فراجعوا اخطاءكم عندها ستجدون الترحيب اللائق بكم 

مع تحياتي