ستة وعشرون عاراً على النظام
مجزرة حماة..
محمد صالح حمزة
ستة وعشرون عاماً وشباط يحمل جراحاته النازفة ويدور على المنظمات الدولية: هيئة الأمم.. منظمات حقوق الإنسان.. الجامعة العربية.. منظمة المؤتمر الإسلامي.. المحكمة الدولية.. الخ الخ، ولكنه مردود بالأبواب.. فلا يجد حتى من يستمع إلى شكواه أو ينظر في مظلمته أو يعده مجرد وعد بأن يدرس قضيته.. فالعار الذي يتلبس النظام ما يزيد على ربع قرن كالح أسود لا يقتصر على هذا النظام وحسب.. فإن المنظمات الدولية والإنسانية والنخب والشخصيات وأصحاب الضمائر قد نالت الجريمة من ماء وجوههم دون شك أو ريب.. إن تجاهل هذه الجريمة النكراء طوال هذه السنين المؤلمة الموجعة حتى النخاع ليس له مبرر بأي حال من الأحوال.. ولن يتجرأ أحدٌ على تبرئة المذكورين من المشاركة بصورة أو بأخرى- في هذه الجريمة البشعة. وإنه لمما يفطر الكبد ويصدع القلب أن السكوت على هذه المجزرة لا يزال حتى الساعة مستمراً وتقترفه هذه الشخصيات والمنظمات ودعاة حقوق الإنسان.. لذا فإن المجزرة وهي تحمل على كاهلها العام السادس والعشرين لتؤكد على:
- أن هذه الجريمة المرتكبة بحق الإنسانية لن تسقط بتقادم الأيام وكر السنين وأنها معلقة في عنق الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي تقطر دماً وألماً وقيحاً حتى يتحمل مسؤوليته بكل رجولة ويقدم على إحقاق الحق والاقتصاص من الجاني وإنصاف الضحايا..
- وإن الذين يصرحون تصريحات غريبة منافية للعدل ومصادمة للضمير من قبيل: طي صفحة الماضي.. أو عفا الله عما مضى.. أو أو إلخ، مهما حسنت نياتهم ومهما كانت غاياتهم في الإصلاح ولملمة الصفوف وإنقاذ الوطن.. الخ، إلا أنهم لا يملكون تفويضاً من أهل الضحايا لا شفهياً ولا خطياً بالتنازل عن الدماء والأعراض والأموال والأعمار التي هُدرت في الغربة التي تكوى بها حياة هؤلاء الناس الذين عضتهم المجزرة بنابها وسحقتهم بثقلها وناءت على صدورهم بكلكلها المقيت الثقيل.. ناهيك عما هو معروف عند أهل القانون والأعراف والحقوق بما يسمى: "الحق العام" الذي يقتضي الاقتصاص من المجرم حتى لو تنازل - جدلاً- صاحب الحق عن حقه.. وهو ما لم يحصل ولا ينتظر له أن يحصل بحالٍ من الأحوال..
- وإن النظام الذي ارتكب هذه الجريمة الخسيسة ما يزال حتى الآن مستمراً في عدوانه ووحشيته وتنكيله وسعاره الذي طمى حتى نال من كل من حوله ينهش في هذا ويلغ في دم ذاك ويغتال يمنة ويسرة.. بنهم عجيب شاذ نيروني النزعة ساديّ السلوك والممارسة.
وبدلاً من أن يضع المجتمع الدولي - بكل مؤسساته - حداً لهذا الوحش المنطلق من عقاله باندفاعِ شرسٍ أعمى.. نسمع بين الفينة والفينة عن صفقة.. أو تفاهم!! أو مساومة وضيعة تقوم بين النظام وهذا الطرف أو ذاك.. الأمر الذي يشجع هذا النظام على ارتكاب كل الموبقات والفواحش بشعورٍ من الأمن والاطمئنان وظهره إلى الجدار...
- إن إصرار الكيان الصهيوني على بقاء هذا النظام والحيلولة دون إسقاطه عبر المحكمة الدولية التي تحقق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري يرحمه الله.. ليؤكد على سوء هذا النظام ورضى الصهاينة عنه خير مؤشر - بل هو شر مؤشر- على فضيحته وعمالته وتحقيقه لمصالح أعداء الأمة الأمر الذي يكفي وحده لإدانة هذا النظام والعمل بكل الجهد لاجتثاثه وإراحة الأمة من شروره وعمالته وفساده وإفساده وتخريبه للبلد والمنطقة كلها..
- إن تقديم سورية بكاملها للوحش الفارسي تحت غطاء التشيع يسحب – بجدارة - الأهلية من هذا النظام للبقاء في السلطة ومحاكمته على تفريطه بالبلد وتقديمه لقمة سائغة للمد الفارسي يفتك بأخلاق البلد وثوابته ودينه وشرفه تحت ذرائع المتعة أو ثارات الحسين رضي الله عنه أو غير ذلك من الحجج التي يتلطى خلفها الفرس بأحقادهم التاريخية السوداء المتربصة التي ابتدعت (ديناً) خليطاً من أفكار متنافرة باطلة ظاهرة الزيف والتلفيق حتى حوّلوا - بشهادة أهل شامة الدنيا- مقام السيدة زينب رضي الله عنها إلى ماخور تفوح منه رائحة (المتعة) القذرة ناهيك عن انتشار الشذوذ والمخدرات وغيرها من الموبقات التي لا حصر لها لأن فتح أبواب السوء والشرور منزلق خطير وهوة عميقة الغور من يضع، أو توضع، رجله على أوله لا يملك إلا المزيد من الانحدار والارتكاس والسفول وهو بالضبط ما مكّن النظامُ أبناءَ فارس منه في عاصمة الأمويين الذين حملوا راية التوحيد إلى مشارق الأرض ومغاربها..
- وإن هذا النظام مثل السرطان يتعاظم حجم سوئه وأذيته في كل لحظة.. الأمر الذي يوجب على الأسوياء أياً كان موقعهم المبادرة فوراً ودون تردد أو تأجيل إلى محاصرة هذا الوباء واستئصاله قبل أن يفتك في المنطقة كلها ولا ينفع عندئذٍِ الندم أو اللوم أو الحسرة..
- وأن هذه الذكرى السادسة والعشرين للمجزرة لا ينبغي بحال من الأحوال أن تمر كغيرها بأن نتوجع على المصابين أو نترحم على المغدور بهم.. ثم نطوي الصفحة بانتظار عام جديد وذكرى تالية.. فإن مثل هذا السلوك هو الذي شجع النظام على مزيد من التجبّر والأذى والفتك بكل من وما تطاله يده وهي مع الأيام تطال الكثير وتنداح في جميع الاتجاهات حاملة الموت والفساد والدمار أينما حلت وحيثما توجهت. فالمطلوب، إذن، من المنظمات العربية والإسلامية والإقليمية والدولية ومن الشخصيات السياسية والفكرية والأدبية.. الخ التكاتف للوقوف في وجه هذا الوباء الفتاك واستئصاله وإنقاذ البلد والمنطقة من شروره.. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.