الواجبات الوطنية الجديدة للفتحاوي
د. محمد يحيى برزق
إلى أي حد أكون مصيبا لو قلت أن الواجبات الوطنية للفتحاوي بعد توقيع اتفاقية أوسلو هي:
1- الاقتناع بأن كفاح الشعب الفلسطيني ضد الانتداب والعصابات الصهيونية كان عقيما وكلف الشعب الفلسطيني خسائر في الأملاك والأرواح وتسبب في كوارث النزوح واللجوء والبؤس والشقاء فهو يخالف قانون المتخاذلين المقدس "العين لا تقاوم "مخرزاً ".
2- إن كلمة "التحرير" الواردة في تسمية الحركة "حركة التحرير الوطني الفلسطيني", يجب أن تأخذ في ذهن الفتحاوي معنىً مخالفاً لمعناها في اللغة العربية، ومعناها في شعار فتح الخالد الذي يعبر عن استراتيجيتها: " حرب الشعب طويلة الأمد أسلوباً والكفاح المسلح وسيلة من أجل تحرير فلسطين.. كل فلسطين". هذه الكلمة يجب أن تسقط أو أن يعاد ترويضها و"بندقتها" لتقبل الانقياد لشروط أوسلو, كأن يكون تحرير الفلسطينيين من غبائهم المزمن المتمثل في طريقتهم في التعبير عن ولائهم وحبهم لفلسطين من خلال إصرارهم على مقاومة "إسرائيل" وحلفائها بنفس الطريقة التي تقاوم فيها العين "المخرز".. على رأي حسن عصفور في نظرية الذكاء والغباء, حيث يعجب هذا الداهية من المقاومة التي تستفز بأدواتها العبثية المتخلفة "شلومو" و يعطيه الذريعة أمام المجتمع الدولي ليفعل بالشعب الفلسطيني ما يشاء كأن يغلق "الحنفية" فنموت عطشاً.. متناسياً أن من يظنهم أقل ذكاء منه من رموزنا وقياداتنا لم يرفعوا الراية البيضاء، وما انفكوا على مدار أكثر من ستين عام, يقاتلون هذا الـ"شلومو" الذي لن تقتله قبلات الأذكياء، كما لن يخرجه من أرضنا تحالف العباقرة في رام الله مع "إسرائيل" ضد المقاومة.. الأمل الأوثق لشعبنا ليحرر نقسه من إلههم الجديد وولي نعمتهم "شلومو" الذي يحذرنا الأستاذ الملهم حسن عصفور في نظريته الفذة عن الذكاء والغباء من غضبه لأن حياتنا وموتنا بيده!!
3- على الفتحاوي الندم على تاريخ فتح العسكري ضد الاحتلال, فهو تاريخ مخجل من الجريمة والإرهاب ضد دولة "إسرائيل" المستقلة وذات السيادة يجب التبرؤ منه، ليس ذلك وحسب، بل والارتداد عليه، ومحاربة المقاومة بالتعاون مع كل الدول المحبة للسلام والحضارة والمعادية للإرهاب مثل "إسرائيل" وباقي الدول التي وقعت قرارات مؤتمر شرم الشيخ 1995 الذي قام المتآمرين فيه بتعريف المقاومة الفلسطينية على أنها إرهاب.
4- على الفتحاوي أن ينسى شعاراته وأغانيه الجميلة, التي كانت تشع طهراً وحماسة وعزماً على تحرير فلسطين.. كل فلسطين, فلقد اكتشف قادة فتح "الأذكياء" أن حقنا في فلسطين لا يتعدى 20% من الخريطة التاريخية، وأن استعادة هذه النسبة من فلسطين يجب أن لا تبتعد عن طاولة المفاوضات مع الإخوة الصهاينة النبلاء.. مهما طال الزمن.. تماماً كما ورد في شريط الفيديو الذي أرسله أبو إياد "صلاح خلف" رحمه الله إلى الكنيست، والذي قال فيه: ".. وحتى لا نخدعكم نقول: نعم، لقد كنا نعتقد أن كل هذه الأرض (فلسطين) لنا" وكلام على نفس الذبذبة لبسام أبوشريف.
5- الميثاق الوطني الفلسطيني "كادوك" قديم ويحتوي بنوداً همجية مثل الكفاح المسلح وإزالة "إسرائيل" وعدم الاعتراف بقرارات التقسيم.. تجعلنا نظهر وكأننا ضد الشرعية والقانون الدوليين أي خارجين على القانون لذلك يجب التخلص من هذا الميثاق.
6- "أوسلو" هي الحل الوحيد لإقامة الدولة الفلسطينية. لا يهم كيف تمت صياغة هذه الاتفاقية, من وراء منظمة التحرير، ومن وراء ظهر فتح نفسها، ولا يهم أن تعرض على المجلس الوطني، ولا يهم أن يرفضها كل الشعب الفلسطيني، وكل الشعوب العربية والإسلامية، وكل الفصائل بما في ذلك مقاتلي فتح أنفسهم.. المهم هو اعتراف "إسرائيل" وأمريكا وحكومات العرب بها. لا يهم إذا لم تعترف هذه الاتفاقية بالاحتلال، وأسمته نزاعاً حول أراضٍ لا صاحب لها, و أن تعتبر كل فصائل المقاومة بما في ذلك كتائب شهداء الأقصى ميليشيا غير شرعية يجب التعاون على تدميرها. هذا ما ترجمته السلطة الوطنية خلال ال 13 سنة المنصرمة من حجز كل فرص العمل والحياة للفتحاويين، وحرمان حماس وباقي فصائل المقاومة منها، ناهيك عن التعذيب في السجون والتعاون الأمني, وعلى الفتحاوي أن يتبنى هذه السياسة على أنها حق لفتح ولا غبار عليها!! وهذا ما بدأ بتنفيذه رئيسنا المحترم الذي انتخبه الشعب ليخفف عنه ويكون معه على عدوه, وهو العمل الذي أخفق في تنفيذه الرئيس الراحل ياسر عرفات لأنه رحمه الله أبى أن يعرّض شعبه لنار الحرب الأهلية الأكيدة إذا ما هو أصر على ذلك.
في الواقع أنا أتحدى كل الأذكياء والأغبياء في العالم وفي فتح على وجه الخصوص أن يضمنوا لنا أي طريقة يمكن أن نطبق فيها "أوسلو" دون أن ندخل في حرب أهلية!
إنها بمثابة حكم المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل على المقاومة وعلى رأسها حماس بالإعدام يقوم بتنفيذه جيش السلطة الفلسطينية الفتحاوي برضى ومباركة مصر وعرب شرم الشيخ.
7- على الفتحاوي أن يتحول إلى مجرد أداة تنفذ أوامر الحكومة التي تطعمه وتسقيه دون غيره في رام الله رغم مخالفتها في تشكيلها وتكوينها وأدوارها للدستور، وهذا حسب من شرّحوا الدستور لإظهار المخالفات الخطيرة التي ارتكبها الرئيس.. وهم شخصيات قضائية وحقوقية معروفة ومحترمة وعلى رأسهم السيد الفاضل ناهض الريس وزير العدل الأسبق حفظه الله.
8- على هذا الفتحاوي أن يقر بشرعية تصرفات حكومة "شالوم فياض" في حرمان كل من يذهب للعمل بقطع رزقه وضمان راتب كل أولئك الذين يمتنعون عن الذهاب للعمل والتزام بيوتهم.. على أمل إسقاط حكومة حماس، وهو نوع من العقاب الجماعي تتعرف إليه الإنسانية لأول مرة في تاريخها, فقط في غزة.
وأحب هنا أن أنبه القارئ الكريم إلى أن سياسة قطع الأرزاق كانت تمارس من قبل أمراء الأجهزة الأمنية التي طردت آلاف الموظفين بتهمة التعاطف مع المقاومة, وذلك قبل حدوث الحسم الحمساوي.
9- قتل الناس على الهوية وفي المساجد وعلى اللحية والضغط على مصر والدول الأوروبية لمنع كل الموارد المالية والإنسانية وإحكام الحصار الأكثر قذارة وحقارة لتعذيب الناس الذين انتخبوا حماس.. وحرق الجامعة الإسلامية على يد جنكيز خان والتتار الجدد في ثالث حدث تاريخي مماثل بعد إحراق مكتبة بغداد على يد المغول ومكتبة الإسكندرية على يد الرومان.
10-على الفتحاوي الجديد أن يرفع أي حرج عن نفسه ويمسح كل الحدود والخطوط الحمراء في حربه المقدسة ضد عدوه الجديد فيرتكب كل الجرائم بكل اعتزاز وثقة بأنها الطريقة الحديثة لتحرير فلسطين. وعليه أن يستعد "للاستشهاد" ضد حماس حتى بحزام ناسف وأن يدافع عن مؤامرة وطنيي رام الله التي سعت لتفجير حفل تكريم الحجاج، أو أن يتبرأ منها بنفس الكيفية التي استعملوها لنفي تهمة دحلان بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء حفظه الله عند معبر رفح, فيقول إنها مسرحيات تفبركها حماس للنيل من سمعة فتح.
11-على الفتحاوي أن يعيد اعترافه وولاءه لذات القيادات التي رفضها في الانتخابات متنازلاً عن عقله وقلبه وكرامته ليدافع عن سلوكهم ومنهجهم في التعامل مع "إسرائيل" والقضية الفلسطينية. يجب أن يوالي أبطال فتح الجدد في رام الله رغم الوثائق والأشرطة والإسطوانات المدمجة التي فضحت مدى انحطاطهم الأخلاقي.
لا أريد أن أكمل شريط الأسى على تنظيم فتح الطاهر كيف صار ضحية لزمرة من الخبثاء الذين يريدون من الفتحاوي أن يكون المسخ الأكثر فساداً وإفساداً.. ولا يمكن أن يخرجه أو يسقط فتحاويته أي شيء حتى لو كان يتناقض مع الشرف الثوري الذي كرسته العاصفة في مبادئها التي لا تختلف عن مبادئ حماس.
لكن ما هو العمل الذي إذا ما قام به الفتحاوي يكون خائناً لفتح؟
إن التعامل مع "إسرائيل" لا يخرجه من فتح!! والتآمر الأمني على قضية فلسطين لا يخرجه من فتح!!
إن ما يمكن أن يخرج الفتحاوي من فتحاويته بل ويعرضه للعقاب بتهمة الخيانة العظمى.. هو فقط التعامل مع حماس.
هل أنا مخطئ؟ أتمنى ذلك من كل قلبي..!!