زيارة بوش لبلدان الخليج

الصفقة و التداعيات الآسنة...

د.صالحة رحوتي

[email protected]

تواتر حديث من الرئيس بوش عن الخطر الإيراني أثناء زيارته لدول الخليج مؤخرا... و لعله التابل رآه بوش ذاك الضروري من أجل حسن تهيئة وجبة بلدان الخليج قبل الإجهاز عليها...

و قد بدا المُثير للعجب ذلك التنبيه المتكرر، و الذي تردد صداه في كل صحاري الشرق الوسط حين أصر بوش على إطلاقه في كل هنيهات الزمان، و حتى في كل مساحات المكان التي وطئتها أقدامه أثناء تلك الزيارة.

و يزداد كَمُّ العجب كلما تُذُكِّر بأن أمريكا ما عادت تنوي حربا على ذلك الخطر المُنبَّه إليه و الكامن بالقرب منها هي دول الخليج...

فلماذا كان التنبيه إذا؟

و لماذا الجعجعة حول الموضوع؟

ما دام المعلوم للجميع هو أن إيران ذلك "الخطر" كما يسميه بوش، و ذلك المتفاقم أوار شره قد أطلقت أيديه في الشرق الأوسط من قبلها هي أمريكا...في العراق و في لبنان و في سوريا على الأقل...

و ما هو القصد يرام من وراء كل ذلك؟؟؟

هو الإرهاب لتلك الدول جمعاء، و ذلك حتى تقايض ما ينفع أمريكا بما يمكن أن يدرأ عنها زخات الخوف أو حتى تلكم الهجمات من الفزع المتناسل من ذاك البعبع المفترض المُتواطَأ معه إيران...تلك الفزاعة التي أعلن رئيسها من على منبر قناة الجزيرة بأن حديث بوش عنها و عن الخطر المهدد منها ما هو إلا من قبيل الكلام العابر غير المعتد به و المواكب لفترة الانتخابات الأمريكية... 

إذ هي دول الخليج ـ و قد تشربت المغزى ـ يمكن أن:

ـ تُنَاوِل الآن طواعية:

* ـ زيادة في إنتاج النفط تفرج عن الاقتصاد الأمريكي من ضيق دهاليز ارتفاع أسعار الذهب الأسود.

* ـ اقتناء للسلاح يساهم في تحريك دواليب صناعة الأسلحة هنالك في أمريكا... صفقات بملايير الدولارات...و سلاح دفاعي فقط لا غير، و لا يمكن أن يستعمل للهجوم على حلفاء حقيقيين في المنطقة...

* ـ إذن بالتدخل من أجل تقليم أفنان الهوية، و ذلك بإتاحة الفرصة للخبراء للتسلل إلى مناهج التعليم و التربية من أجل اجتثاث جذور "للإرهاب" يرونها فيها كما يقولون..

* ـ إعطاء للضوء الأخضر بالتواصل مع الأقليات المذهبية في إطار تفعيل الديموقراطية و حقوق الإنسان...

* ـ سماح بالانحشار في المنظومة الثقافية و الفكرية السائدة من أجل إحداث تغييرات اجتماعية مقصودة...قضية المرأة نموذجا...

ـ و تتناول صاغرة:

* ـ حفنة من السلاح قديم أنتج أحدث منه...و تُوزع حصص منه على الكل في المنطقة جلبا للربح، و حتى حرصا على عدم اختلال ميزان للقوى حددت معاييره بمساعدة تلك الولاية الأمريكية الشرق الأوسطية.. إسرائيل...

* ـ و باقة من وعود بالمآزرة حين هبوب عاصفة ذلك الخطر الموعود...

ثمن بخس أو هو المنعدم مقابل كم هائل من الأعطيات...و لذا فالقيم تُنحى ليجوز الكذب من أجل المصلحة ،و يراها المتدين بوش كامنة للوطن في منعطفات كل زمان و مكان...

و هكذا و على هذه الشاكلة أبرمت الصفقة و انفض السامر...

ـ غادر بوش منتشيا بالغنيمة ظفر بها...

ـ و بقي العرب فرحين بأنهم ما زالوا الحلفاء، فارغي الأفئدة و في بعض أغوار العقول منهم يتردد صدى أسئلة لم تجرأ على التسلل خارجا لكي لا تثير زوابع، ثم و لا يمكن أن تفعل تلك الزوابع إلا أن تملأ الأعين بالتراب فتسوء الرؤية و تتعثر المسيرة أكثر فأكثر...

أسئلة هي من قبيل:

* ـ و لما هي إيران ذاك الكيان الغول المُرْعَب منه كما حدَّث بوش بذلك، لمَ تلك الأظافر منها تنشبها ـ و يمكن أن تطول أكثر مستقبلا ـ لَمْ تُقلَّم بعد كما ما فُعل بعراق صدام و أفغانستان طالبان...؟؟؟

* ـ أ هو الكيل بمكيالين...و هي وحدها أمريكا من يعرف كنه هذا التمييز فيه ذاك الكيل...؟؟

* ـ أتنقصها القوة هي أمريكا لكي تفعل؟؟؟

* ـ أم تنقصها القناعة بإدانة إيران؟ و هي الدولة التي ارتكبت حتى جرم الاعتراف بامتلاك الطاقة النووية، تلك التي خُربت الدولة المجاورة لها العراق من أجل مجرد شك فقط بوجود أماكن لإنتاجها...

و يبقى هنالك سؤال واحد فقط لربما لم يُعط حتى الفرصة ليُنتج نفسه فيها تلك الأغوار و لعله:

·  ـ أ هي الرغبة في ترك ذلك الخطر الحليف يتعاظم شأنُه، ثم و يُتنادى حوله من أجل حسن ترويض الجيران؟؟؟

على كل حال فمهما لم يُطرح ذاك السؤال عظيم التبعات، لعل هو ذلك الترويض ما حصل فعلا...و كان نتيجة لمسرحية سمجة تُووطئ على تقديم الفصول منها، ثم و تهافتت عقول العرب على حسن استيعاب ما ورد فيها رغم رداءة التمثيل و الإخراج...