أشرف إنذار وأشرف اعتقال
محمد أبو تريكة ومحمد تاج الدين
علاء سعد حسن حميده
كاتب مصري بالسعودية
من منا لا يعرف محمد أبو تريكة أحد أشهر وأحرف لاعبي كرة القدم في مصر وأفريقيا والعالم العربي ؟
أبو تريكة أو الحاج محمد ابن مصر الإنسان الخلوق الملتزم يرفع اسم مصر دائما عاليا سواء في المحافل الأفريقية أو الدولية في كأس العالم للأندية ، وهو يقدم الأخلاق على الموهبة ، أو يمزجهما معا في شخصية واحدة تجمع بين التواضع الجم والمهارة الفائقة ..
عندما حصل أبو تريكة على الإنذار في مباراة السودان لرفعه قميصا مكتوبا عليه تعاطفا مع غزة .. تعاطفت معه كل قلوب العرب .. وأعلنت كافة الفضائيات في مختلف برامجها الرياضية والسياسية والاجتماعية أن الإنذار الذي حصل عليه أبو تريكة هو أشرف إنذار عرفه التاريخ الكروي للفيفا ..
إنه إنذار التعاطف الإنساني مع شعب أعزل مجوع تحت الحصار في ظلمات ليل قارص البرودة ..
تصرف أبو تريكة التلقائي وتعبيره عن شخصيته المصرية العربية الأصيلة التي لا تنفصل فيها همومها الشخصية عن هموم أمتها فلا تنسى في لحظة الفرح والمجد الشخصي أحزان الأخوة على الحدود ، جمع قلوب الإنسانية حوله ، وأثار في الوقت نفسه حفيظة أعداء الإنسانية الذين نددوا بتصرفه الراقي ، وطالبوا الاتحاد الدولي والكاف ( الاتحاد الأفريقي ) بإيقافه واستبعاده من البطولة الأفريقية عقابا له على إنسانيته ..
لكن أبو تريكة وجد من يقف معه من أبناء شعبه وأبناء أمته من إعلاميين ورياضيين وجماهير وانهالت برقيات وإيميلات التحذير من إيقافه على الاتحادين الدولي والأفريقي معبرة عن تضامن كل الشرفاء معه ..
محمد تاج الدين هو طالب جامعي مصري ، ارتدى قميصا مكتوبا عليه (كلنا مع غزة ) أراد أن ينزل به إلى ميدان التحرير في القاهرة .. تم اعتقاله من محطة مترو الأنفاق !!
شخصيا لا اعتراض لي على اعتقاله ، كما لم يكن لي اعتراض على إنذار أبو تريكة .. في الحالتين كان تصرف محمد أبو تريكة وتصرف محمد تاج الدين تصرفا مسؤولا ومحسوبا ، ولابد للتضحية في سبيل ما يؤمن به كلاهما أنه الحق أو الواجب ..
ولو مرت واقعة محمد تاج الدين دون عقاب ، فلن تكون لها فائدة ، فإن لم تكن تحمل في مضمونها معنى التضحية ورائحة المخاطرة ، فما المعنى منها ؟
ليس هناك مانعا في هذه الحالة أن يرتدي كل الشباب مثل ذلك القميص طالما أنه لا يعرض مرتديه في النهاية إلى أي نوع من العقاب ..
كل ما أردت أن أنبه إليه ، أن اعتقال محمد تاج الدين الطالب المصري البسيط هو أشرف اعتقال .. كما أن إنذار محمد أبو تريكة ابن مصر الأصيل هو أشرف إنذار ..
هل أطمع أن تتحدث بعض الفضائيات عن هذا الاعتقال الأشرف لتاج الدين والعشرات من رفاقه الشباب وطلاب الجامعات مطيبة خواطر أهلهم وذويهم بأن ما يتعرض له أبناؤهم هو أشرف اعتقال وأشرف عقاب ؟
أم ان ما لا تلتقطه عدسات الكاميرات يعد من المسكوت عنه في إعلامنا العربي ؟!
بالنسبة لي لا أطالب بالافراج الفوري عن محمد تاج الدين ورفاقه ، فسواء طالت الفترة أم قصرت فهي وسام شرف منحه الأمن المصري على صدور هؤلاء ..
كل ما أطالب به جماهير الكرة الغفيرة التي تخرج عقب فوز المنتخب الحبيب في البطولة الأفريقية في مظاهرات فرح ضخمة تسهر طوال الليل وتطوف الشوارع والأحياء دون أن يعترض سبيلها أحد ، يهتفون باسم مصر وزيدان وأبو تريكة ..
أطلب منهم أن يقتدوا بنجمهم المحبوب أبو تريكة ويرتدوا جميعا قميصه الذي كتب عليه : تعاطفا مع غزة ..
سيكون هذا أعظم احتفال بصعود مصر إلى دور قبل النهائي وتخطيها فريق أنجولا ، وسيحمل هذا التصرف الجميل كل معاني التضامن مع أهل غزة ، كما سيحمل رسالة أبو تريكة الإنسانية إلى العالم ، ويعرف الجميع أننا كمصريين لا ننسى أحزاننا وقت الفرح ، لأنه كما يقول المثل الشعبي :
الفرح فرحنا والحزن حزننا ..
فهل تفعلها جماهير مصر ليلة الاثنين القادم إن شاء الله ؟!