القدس تريد الأفعال لا الأقوال

بدون مؤاخذة :

جميل السلحوت

[email protected]

مع كل الملاحظات على كيفية الاعداد والادراة والتنظيم والدعوات، وكيفية تشكيل اللجان للمؤتمر الشعبي الوطني للقدس الذي عقد في رام الله يومي 26 و 27 كانون الثاني الماضي ، والتي لم تستطع الخروج من عباءة سياسة المحاصصة والهيمنة التنظيمية التي لم تساهم في انقاذ اي شيء في القدس . فإن المرء يتذكر هنا الحكمة الصينية القائلة :" اذا اردت ان تخرب مشروعا شكّل له لجنة " فما بالكم ان المؤتمر خرج بست وعشرين لجنة قابلة للزيادة؟ . وفوقها مجلس ادارة مكون من اربعة عشر شخصا ، عدا عن المرجعية الرسمية .

وهنا لا يملك المرء الا ان يدعو الله ان ينزل شآبيب رحمته على روح امير القدس وفارسها الراحل فيصل الحسيني ، الذي ولدفي العراق- غريبا عن المدينة، ومات – في لبكويت - غريبا عنها ، الا انه حمل همومها وآلامها ، وأبى الا ان يدفن في أقدس بقعة فيها ، في راوق الأقصى المبارك، بجانب روفات والده الذي روى بدمائه ثرى القدس . فقد عمل الرجل بصمت وعلانية للحفاظ على عروبة المدينة حتى قضى نحبه ، فافتقدته القدس ، وافتقده المقدسيون ، وافتقده الشعب والوطن. والقدس ليست عاقرا ، فهي التي انجبت الراحل فيصل الحسيني قادرة على انجاب غيره . فهل أنجب المؤتمر الشعبي خليفة للراحل فيصل الحسيني ؟؟

وفي الواقع فإن مرحلة ما بعد فيصل ، ورغم أن القدس في وجدان وقلب كل فلسطيني غيور، الا أن القدس بقيت بدون مرجعية قادرة على التعامل الحقيقي والعقلاني مع قضية القدس، والظروف المفروضة على المدينة ، وجاء المؤتمر الشعبي لتعويم القضية، من خلال عدم حصر المسؤولية في شخصية واحدة نظيفة اليد ، نقية السيرة والمسيرة ، ومع الاحترام لكافة شخوص الأمانة العامة للمؤتمر الا أن هذا العدد الكبير سيكون تشتيتاً للجهود ، وضياعاً للمسؤولية، وتبرئة للذمم التي يجب أن تحمل هذه المسؤولية ، مع الملاحظة أن التوجه الذي ساد المؤتمر كان لتكريس وجوه بعينها ، دون حتى السماح بظهور وجوه جديدة مشهود لها بالنقاء والتفاني في العمل المخلص والدؤوب ، وكأن قضية القدس قضية غنائم يتم التسابق على اقتسامها .

ومع ذلك فإن القدس وما تمثله بالنسبة للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والاسلامية ، ولكل المؤمنين في الارض ، تستحق منا الكثير ، وتستحق عيوناً ساهرة وعقولا متفتحة وأيادي نظيفة ، وكلنا أمل وثقة في رئاسة المؤتمر وأمانته العامة، واللجان المنبثقة عنه بتكثيف الجهود وتوحيدها لتكون عوناً للقدس لا عليها ، وذلك من خلال وضع البرامج الطموحة والقابلة للتنفيذ، للحفاظ على فلسطينية وعروبة القدس العاصمة الروحية والسياسية للدولة الفلسطينية العتيدة ، كما أكد على ذلك سيادة الرئيس محمود عباس في كلمته الافتتاحية للمؤتمر .