تحقيقات فينوغراد والفشل الإسرائيلي

جميل السلحوت

[email protected]

المتابع لما نشرته وسائل الاعلام من موجز لتقرير لجنة فينوغراد الاسرائيلية للتحقيق في نتائج حرب تموز عام 2006 بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله اللبناني، لا يحتاج الى كثير من الذكاء ليستخلص أن وصف التقرير للجيش الاسرائيلي ولقيادته العسكرية بالفشل الذريع عشرات المرات ، انما ينطلق من الحقيقة التي تعشش في رؤوس الاسرائيليين شعبا وقيادة عسكرية وسياسية ، والمتمثلة بان الجيش الاسرائيلي – وهو الجيش الاقوى في الشرق الاوسط –جيش لا يقهر وقادر على شن الحروب الاستباقية متى يشاء، وكيفما يشاء، وان يحسمها في ساعات او ايام قليلة بتدمير كامل للعدو ، وبدون خسائر او بخسائر قليلة جدا ، وان يدير هذه الحرب على ارض العدو ، وهذا ما لم يحصل في حرب تموز 2006 ، حيث ان الجيش الاسرائيلي تكبد اكثر من مائة قتيل ، ولم يستطع اسكات صواريخ حزب الله التي وصلت الى العمق الاسرايلي ، ودكت مدنا اسرائيلية، كانت في منأى عن ضربات الجيوش المحاربة لاسرائيل منذ نشوئها في العام 1948

وبالرغم من ان سلاح الجو الاسرائيلي – والذي اشادت اليه لجنة فينوغراد بآدائه في الحرب – قام بتدمير البنى التحتية في لبنان من خلال تدمير الجسور ، ومحطات توليد الكهرباء والاتصالات وغيرها ، وتقطيع اوصال لبنان كدولة الا انه فشل في تحقيق اهداف اسرائيل من الحرب ، والمتمثلة بتدمير البنية العسكرية لحزب الله خصوصا قدراته الصاروخية ، واطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين الاسيريين عند حزب الله ، بل وانهاء حزب الله كحزب له نفوذ شعبي وسطوة جماهيرية واسعة في لبنان ، تماما مثلما فشلت قوة القصف والتدمير من قلب الشعب اللبناني على حزب الله ، وما لم يذكره التحقيق او ذكره ولم ينشر لاعتبارات سياسية ان الحرب فشلت في تحقيق البدء بمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي اعلنته وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس في بيروت اثناء الحرب عندما قالت : " الآن بدأ تطبيق مشروع الشرق الاوسط الجديد "

ويلاحظ ان التحقيق الذي حمل الجيش وقيادته مسؤولية الفشل الذريع في الحرب خصوصا في الساعات الستين الأخيرة من هذه الحرب، والتي تمثلت في زج القوات البرية في مغامرة عسكرية غير محسوبة، مما اوقع فيها خسائر فادحة ، يلاحظ انه لم يحمل المسؤولية للقيادة السياسية المتمثلة بأولمرت وحكومته ، مما يشكل حفظ ماء الوجه لايهود اولمرت وباراك زعيم حزب العمل في حكومة اولمرت عندما هدد بالانسحاب من الحكومة في حالة تحميل اولمرت مسؤولية الفشل في الحرب ، وهذا بحد ذاته انقاذ لاولمرت من الذهاب الى انتخابات مبكرة كما يطالب بنيامين نتيناهو زعيم الليكود والاحزاب اليمينية الاكثر تطرفا في الساحة الاسرائيلية .

وبما ان نتائج التحقيق قد اثارت وستثير ردود فعل متباينة في الساحة الاسرائيلية على المستويين الشعبي والرسمي ، فإن النتائج نفسها ستشكل رافعة سياسية لحزب الله اللبناني ضد خصومه السياسييين فيما يعرف بفريق الموالاة فريق 14 اذار في لبنان ، وضد بعض المواقف الرسمية العربية التي اتخذت مواقف مناوئة لحزب الله في بداية الحرب .والتي كانت تنتظر النتائج المتوخاة اسرائيليا من الحرب لتكتب اعلان النعي لحزب الله محملة اياه مسؤولية ما جرى .