ماذا يتوجب عليّا فعله للتوبة
لو كُنتُ أنا الدكتاتور أو أبي أو أخي؟..لا سمح الله
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
(سالني أحد المُتابعين مُستنكراً علي تعييري للأسرة الحاكمة بالدكتاتور حافظ أسد ؟ وماذا عساهم أن يفعلوا وهو كبيرهم ؟ وهم ولدوا وتربوا في أحضانه ؟ فقلت بكل بساطة كما فعل موسى عليه السلام ببلاط فرعون الطاغية الذي ربّاه ، فجابهه وواجهه وتحدّاه ثُمّ أعدّ العدّة لإزالته فنصره الله . ولكن هنا بشار سار على نهج أبيه فزاد الطين دماءاً ، وزاد البلاد دماراً ، وكثر الفساد وتضاعف الفقر وزادت الهيمنة الإستخباراتية الإرهابية ، ونُصبت محاكم التفتيش ، وجُزرت الرؤس الأبية ، وأُهينت الأنفس الحرّة الكريمة ، ولم يُشارك إلا في الخراب . وسألني ماذا كنت ستفعل لوكان حافظ أسد أباك : فقلت لاسمح الله ، ولكن إذا شاء الله ذلك حينها سأشعر بالخزي والتعاسة ، لما ارتكبته يدا أبي الآثمة من مجازر بحق شعبنا السوري الحبيب وشعوب جيراننا الأعزّاء، وكنت سأستحي من الإنتساب اليه وأنا انظر الى الجماهير وهي تحتقرني لمجرد معرفتها أنني أنتمي اليه ، ولن يكون لي من مخرج حينها إلا أن اتبرا منه ومن نسبه وأفعاله ، واسعى الى الناس لُمراضاتهم عساهم يقبلونني بينهم من باب ولا تزرو وازرة وزر أُخرى ، وهذا اقل شيء ممكن أن افعله ، ولو كان اخي لاسمح الله ، لتبريت الى يوم الدين من أُمي وأبي اللذان انجبا هذه النبتة الشريرة ، التي زرعت الدمار والخوف في كل مكان ، ولو كان إبني لاسمح الله ، للعنت نسلي الى يوم الدين ، ولكانت بطن الأرض لي خير من ظهرها ، ولو كانت تربطه بي صداقة أو معرفة لذهبت الى الأدغال كي لاارى من احد يُذكرني به ، هذه هي حقيقة شعورنا نحو هذا المُتوحش ومن عاونه على الجريمة ، وهذا مايجب أن يفعله الأبناء والأقرباء مع أمثاله براءة كاملة منه ومن جرائمه ، ليسلم الأقرباء ويكونوا مقبولين عند الناس ، وحينها فقط لايُحملهم أحد مسؤلية مافعلت اُصولهم )
وفي التاريخ الإسلامي وجدنا صوراً من هذه النماذج الحيّة، فهذا عُمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعوا المسلمين في المدينة عند وقوع أسرى لقريش عند رسول الله صلى الله وعليه وسلم ، أن يُجهز قريب كل صنديد وطاغية بنفسه عليه ، وهذا أُبي بن رأس النفاق يتبرئ من أفعال أبيه عبدالله بن أُبي، والأمثلة أكثر من أن تُعد وتُحصى ، لمن وجد في مثل هذه البيئة الموبوءة التي لايشفع له أمام الناس إلا أن يتبرأ من مُحيطه المُلوث وينطلق نحو الخلائق بقلب مفتوح وعقل راجح
ولا شك أنّ الأبناء أو الأقرباء ليس لهم ذنب بما فعله المُقربون من المجرمين، ولكنهم يتحملون الوزر إن لم يتبرأوا من هذه الأفعال ، وإلا فهم مثلهم ،ولو أُتيحت لهم نفس الظروف لقاموا بنفس أعمالهم ، وهذا مايجب التنبه اليه ، ووخز الضمير ليكون على الدوام صاحياً يقظانا ، ونحن ليس عندنا مشكلة مع الجيل الثاني أو الثالث إن أقروا بمثل هذه المبادئ ، ولكننا نُحملهم المسؤولية إن هم سكتوا أو استمروا على نهج أبائهم ، كما هو الحال مع بشار حين سار على نهج أبيه ورفض ايّ تغيير ، بل لربما زاد عليه في بعض المحطات ، ولذلك فهو يتحمّل وزر أبيه ونظامه ووزر كل طاغية أتى على وجه الأرض، وهو ليس أكثر من صورة طبق الأصل عن أبيه ، وبالتالي عليه أن يخضع لمُحاكمة الشعب
ومثله يتحمل المسؤولية بقية أبنائه من ماهر الى بشرى اللذان بيدهما الآن زمام القبضة الحديدية التي تفتك بشعبنا ، وكل الأعوان والمُحيطين والمؤيدون له ، وكما جاء في الخمر بلعن صاحبه وحامله وشاربه وحتى الناظر اليه ، والأمر أشد عندما يتعلق بالدماء وانتهاك حقوق الناس وإذلالهم ، والساكت عن الحق شيطان اخرس ، وبالتالي تقع مسؤلية التعبير ورفع الصوت بوجه الطغاة على كل انسان في وجه الأرض ؛ وكل بموقعه ، وكما جاء في معنى الحديث الشريف أنّ أقل الإيمان انكار الباطل بالقلب ، والأفضل منه اللسان والقلم ، وأفضلهم التغيير باليد والإعداد الجيد والتخطيط للتغير بأقل الخسائر
وسألني آخر ماذا لو كنت انت الطاغية والقاتل والدكتاتور ، ولم يتوفاك الله ، وأُزيلت منك كل الصلاحيات ، ولم تستطع أن تفعل أيّ شيء في الوضع الراهن مثل دوبا وطلاس وأختريني وبختيار وغيرهم ، فقلت : لاسمح الله ، ولكنني كنت سأنطلق الى الناس إذا صحا ضميري ، لأكشف لهم عن خبايا النظام وجرائمه كلها ، واتواصل مع القيادات المُعارضة لأكون شاهد ملك بعد أن اعترفت بخطأي ، ولأتعاون معهم لنصل الى المحكمة الدولية لتسليم جميع من تلوثت يداه القذرة بدماء شعبنا الحبيب ، وحينها فقط أرتاح ، وحينها يعفوا الناس عنّي ويصفحو، وحينها فقط أكون قد برأت ذمّتي امام الله والعباد ، كما فعل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما تاب ودخل بالإسلام ، وندم عمّا قدّمت يداه في الجاهلية ووأده ابنته ، فانتصر للمسلمين والإنسانية ، وكان نادماً الى آخر حياته عمّا سبق ، مع أنّ الإسلام يجبّ ماقبله ، والتوبة تمحو الخطايا ، ولكنها التوبة النصوح ولا سواها.