أزمة الانتخابات العراقية... حلول واقعية
د. هدى حمودي
قبل أن يتلاشى الخيط الأخير من نور الديمقراطية، وقبل أن نأكل أصابعنا ندماً على الدكتاتورية، تعود الديمقراطية إلى الواجهة من جديد ومعها شكوك العراقيين في إمكانية تحقيقها بعد قوافل التضحيات البشرية والخسائر المادية التي أهدرت بين الفساد والإرهاب وسوء الإدارة.
في اليقين أننا من الشعوب الحية التي تناضل من أجل الأهداف السامية، بل أصبحنا نعاني من التضخم في الحرية والوحدة والكرامة والشرف والاستقلال والديمقراطية.
الا أننا اليوم نعاني الجوع والفقر والجهل والقتل والدمار بسبب هذه الأهداف السامية، فأصبح لدينا قوافل من المظلومين في المعتقلات والمكلومين والثكالى والأرامل والأيتام والمهجرين واللاجئين، بينما كنا نرتقب الرخاء بعد سقوط الصنم، وكنا نحلم في ناطحات السحاب، وهي تحف بساحة التحرير وحديقة الأمة، أو على مقربة من ضريح الحسين وأخيه العباس عليهما السلام.
ولم نكن نسمع عن اغتصاب الرجال حتى في السجون الاسرائيلية، أو نسمع عن التعذيب حد الموت، حتى لأبطال حركة التحرير الفلسطينية، الا أننا نتغاضى عن ذلك ونقول أنه مخاض الديمقراطية ذلك الحلم الذي ننتظر ليعيد البسمة إلى الناجين من مغامرات الدكتاتورية، فتبتسم شفاه الأرامل والأيتام، وينهض شهداء المقابر الجماعية ليلعنوا الدكتاتورية.
وإلى الطائفة السياسية أقول ليس لكم فضل علينا في كل ذلك، فقد كنتم تنعمون في المهاجر وتقتطعون عيشكم من موارد العراق، ونحن نعاني الحصار والظلم والجوع والموت المجاني، مع احترامي لمن تحمل ظروف الحصار، ولم يتشرف بركوب الدبابة الأمريكية، لذا أحرص منكم على الديمقراطية، وبعضكم اختار الخنادق المعادية ليلقي بقذائف الموت ومنشورات الترويج لقطع الطريق على الديمقراطية ...ورغم كل ذلك كان وليد المخاض ديمقراطية فتية تتقاذفها أهواء الحاكمين.
جاء المخاض بقائمة فائزة، ولكن لا يحق لها تشكيل الحكومة ولا نعرف لماذا. ظهرت شخصيات قيادية الا أنها لن تتولى لأن الولاية حكر على أجندات.
أنا أريد أن أحذر من التلاعب بإرادة الجماهير، وتحت أي مسوغ، وأقول إن علاوي رئيساً للوزراء لأنه رئيس الكتلة الفائزة، فهو استحقاق انتخابي، ودولة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي هو زعيم المعارضة التي ستقلب السلطة التشريعية على رؤوس المستبدين والمفسدين، لتثبت لنا أنها كانت مظلومة، وأنها أدت ما عليها وزيادة، ثم يكون الهاشمي رئيساً للجمهورية، حيث لا يحق لكردي لم يرشح لأنه كان بناءاً على نصائح مراكز استطلاعات الرأي العام، ولم يحصل على أي صوت ليأتي ويقول أين حصة الأكراد، لأنه وصيٌّ عليهم.
ولا يحق لإياد السامرائي أن يكون رئيساً لمجلس النواب لأنه سنيّ، بل من هو أحق منه فيها إما النجيفي وإما الجعفري، فهما قد حصلا على أصوات ناخبين كبار.
كما لا يحق أن يكون على زندي نائباً لرئيس الجمهورية، فيما يكون عادل عبد المهدي بعيداً عنها.
ثم لا ينبغي أن يكون العيساوي بعيداً لأن العراقية أخذت منصباً مهماً واحداً هو رئاسة الوزراء.
يجب أن توزع المناصب حسب عدد الأصوات التي حصل عليها المرشحون، وأن يكون معيار آخر حاضراً وهو التجربة الماضية، فلا يحق لسلام الزوبعي أن يطلب منصباً وقد فشل كثيراً في الأداء والعطاء، كما لا ينبغي أن نحرم من طاقات الهاشمي وقد حصل على 210 ألف صوت في موقع رئاسة الجمهورية، وقد كان الرئيس الفعلي لمجلس الرئاسة، وقد كان متميز الأداء في الإدارة والاقتصاد والعلاقات الخارجية، ليتولى الموقع كرديّ لا يقوى على المشي، ولم يحصل على أي صوت.إذن لماذا نبكي على الديمقراطية.
لقد زاد إعجابي كثيراً بالنائب عمر عبد الستار الذي رفض أن يكون عضواً في التعويضية رغم ترشيحه لذلك، موضحاً أن لا يريد مقعداً لا يستحقه.
متى يقول طالباني لبرهم صالح أنت أحق الكورد في تمثيلهم داخل الحكومة المركزية بما يعزز الديمقراطية، ويحترم مشاعر الأغلبية العربية التي ترغب برؤية كوردي مستقل وغير متعصب.
وما دامت المعايير الديمقراطية هي التي تحكم فضلاً على الكفاءة والتجربة والممارسة فما الذي يمنع أن يكون رجل سياسي معتدل صاحب جذور تأريخية في العمل السياسي، وله خبرة وشهادة عالية في مجال الاقتصاد، فضلا على الانحدار العسكري من أن يكون جزءاً من الحكومة المقبلة، طالما كان الوضع الأمني والاقتصادي يتطلبان الخبرة العسكرية والاقتصادية؟. أنا أعتقد أنه لا ينبغي للديمقراطية أن تكون تنظيراً مجرداً.