ظلام غزة وظلم العرب

ظلام غزة وظلم العرب

خليل الصمادي

[email protected]

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض

وأخيرا نفذ اليهود وعودهم بقطع امدادات النفط عن غزة الجريحة، وعاشت غزة أمس في ظلام دامس ، وهذا ليس بعيدا عن دولة الكيان الصهيوني فهي تتلذ في معاناة الأخرين بالرغم من ادعاء السامية والحضارة والإنسانية.

ولكن الغريب أن ترى ذوي القربى يشاهدون أحبابهم في غزة يقتلون قتلا بطيئا ولا مجيب ولا متحرك اللهمَّ إلا استنكارات  خجولة هنا وهناك على شاشات المحطات الفضائية، إنه ظلم وظلام  ، وصدق فيهم قول الشاعر:

 وظلم ذوي القربى أشد مضاضة    على النفس من وقع الحسام المهند

، قد يقول قائل : ما الحيلة في فك حصار غزة ما دام حكامنا لا يحركون ساكنا؟

أقول : نعم الحكام مضغوط عليهم ولا يستطيعون تحريك ساكن، بفعل الظلم الجائر، وهذا الظلم منكر لا يرضى به الحاكم ولا المحكوم وكم يتمنى الكثير من الحكام وأصحاب القرار و أهل الحل والعقد من  المسلمين أن يفك الحصار ، ولكن كما قيل " العين بصيرة واليد قصيرة"  ، ولكن قد تسطيع الشعوب تغيير هذا المنكر بأضعف الإيمان وقد يجد الحاكم المبرر أمام  قوى الاستكبار والتسلط  إذا تحرك ونصر  المستضعفين من خلال ما يؤمن به الغرب ويتبجح به ليل نهار.

 إنَّ أضعف الإيمان  أن يرى العالم الذي يؤمن بالديمقراطية والحرية وحق الشعوب في التظاهر ،غضبات مضرية  وصرخات قوية من  العرب والمسلمين منددين بهذا الحصار الجائر .

لا شك أن مثل هذه التظاهرات السلمية تفعل الشيء الكثير، إنها تشكل رأيا جماهيريا يعتد به في الدول التي تؤمن بالشعوب وحريتها ، لم أنس التظاهرات الإسلامية التي قامت من أجل الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم إذ هب المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها دفاعا عن نبي الله ، لقد أربكت هذه التظاهرات العالم كله وصار يحسب ألف حساب لمشاعر المسلمين ومقدساتهم وبالرغم من عدم اعتذار الدانمكارك علنا ؛ مكابرةً إلا أنها  تلقت درسا لن تكرره ثانية ولا غيرها من الدول ، ولو سكت المسلمون على الرسوم المسيئة لرأينا الآن الآلاف من الحاقدين يبثون رسوماتهم وأفكارهم وسخريتهم  وضلالاتهم على المسلمين ، لقد عرف الغرب أن الشعوب صاحبة القرار والشرعية عبرت عن استيائها بغضب عارم أعقبه مقاطعة اقتصادية كانت ناجحة في بعض البلدان.

أصبحت شعوبنا واقعية وترضى بالقليل القليل لا أحد يصرخ اليوم :وامعتصماه ، بل يصرخون ، واطاقتاه، وافكَ حصاراه، وا فتحَ معبراه ، وا إرسالَ دواه ، وا إدخالَ حجاج وامعتمراه.

لا شك أن الغضبة لرسول الله لا تعدلها غضبة، ولكن دماء أطفال غزة تزهق ومرضى ينتظرون الموت لعدم توفر الأجهزة الكهربائية التي تعالجهم كأجهزة غسل الكلى وأجهزة تنفس الأكسجين وأجهزة العمليات وغيرها.

ألا يستحق أهل غزة وقفة مضرية ونزارية وعدنانية وقحطانية من أجل الدماء التي تزهق ليل نهار ولا سيما في الدماء التي ستسيل أمام أعيننا إذا بقي التيار الكهربائي مقطوعا ، إنه القتل المبرمج القتل اللا إنساني الحقير الذي يعجز اللسان عن وصفه .

ولا شك أن إزهاق دم مسلم أشد من  هدم الكعبة

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ( ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً ) رواه ابن ماجة وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب.

وفي الحديث أيضاً: ( لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون من قتل المسلم )، وقد ذكره الشيخ العجلوني في كشف الخفاء.

وحتى زوال الدنيا أهون على الله من قتل مسلم ،فقد ورد في الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم ) رواه الترمذي وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح سنن الترمذي.
كلي أمل أن تتحرك الشعوب العربية الإسلامية والصديقة وغير المنحازة من أجل نصرة الثكالى واليتامى والصابرين في غزة فيكفينا أننا نعيش في ظلام أخلاقي بالرغم من الأنوار والطاقة حولنا  وإخوتنا في غزة يعيشون في ظلام الطاقة لأنهم يدفعون ضريبة  النور والحرية ضريبة تمثيل الشعب حقيقة لا زورا وبهتانا.