"حطلّع..اللي خلفوه"!!
"حطلّع..اللي خلفوه"!!
أ.د. حلمي محمد القاعود
يبدو والله أعلم أن جهاز الدعاية الرسمي في مصر صار ملكية خاصة لبعض رجال القروض ومن والاهم ؛ لذا يحق لهم الظهور على شاشاته ، وتصفية الحسابات الشخصية ، واستخدام معجم " سوقي " ، ولغة هابطة ، وألفاظ بذيئة ، دون أن يعترضهم أحد ، أو يوقفهم أحد .. في الوقت الذي لا يخجل فيه بعض أبواق النظام البوليسي الفاشي من المجاهرة بأن هذا الجهاز محظور على من تراهم السلطة لا يسيرون في الركب الاستبدادي غير المظفر !
كان فاجعا وصادما ومؤلما أن يظهر رجل قروض طائفي متعصب ليشعل نار الغضب والفتنة على شاشة التلفزيون المصري ، ويهدد من يخالفه أو يضايقه بأنه " حيطلع دين اللي خلفوه " !!، دون أن تعترض المذيعة التقدمية المستنيرة ، أو تنهره أو تزجره ، أو تقطع عليه الإرسال هي أو من يجلس في غرفة التحكم حرصا على مشاعر الشعب المسلم المتسامح من سماع هذه البذاءة التي وصلت إلى درجة الوقاحة ، في الوقت الذي قامت فيه هذه المذيعة في شهر رمضان الماضي ، بالتعامل غير اللائق مع عالم أزهري جليل ، وحاول الرجل أن يحتوي فظاظتها وغلظتها ، ولم ترفق به مع أنه في عمر والدها ، ويستحق الاحترام لما يمثله وينتسب إليه .. ولكن تملقها الرخيص لأعداء الإسلام وخصومه دفعها أن تقاطع الرجل الفاضل وتزجره على مدي حوارها السخيف ودفاعها عن صعاليك الأدب وأدعياء الفكر الذين لم يجدوا حائطا واطئا غير الإسلام يقفزون من فوقه ويستهينون به باسم حرية الفكر والإبداع !
رجل القروض الطائفي المتعصب ليس في حاجة إلى شاشة التلفزيون المصري ، ليبيع من خلالها بضاعته البذيئة ، فلديه قناته التي تستبيح قيم المجتمع المسلم وغير المسلم جهارا نهارا ، وبمساندة من شركة النايل سات التي يملكها الشعب العربي المسلم ، ويستطيع من خلالها وبوساطة مذيعين من إعلام الريادة أن يقول ما يشاء ، وسبق له أن أذاع في قناته حلقة أو أكثر من حلقة حول علاقة الإعلام بالمال قادها رئيس ما يسمى قطاع الأخبار ، وحضرها المذكور بشخصه ، وقال فيها ما أراد ، دون أن يعبأ بواقع اجتماعي أو دور ثقافي أو سياق إنساني .
وأتصور لو أن أحدا من علماء الإسلام أو المنتسبين إليه صدرت عنه اللغة البذيئة التي اعتمدها رجل القروض الطائفي المتعصب ، وأطلقها عبر تلفزيون الريادة .. ترى ماذا سيكون رد الفعل لدى أهل التقدم والاستنارة وكتاب لا ظوغلى المحترمين ؟
لا ريب أنهم كانوا سيقيمون الدنيا ولا يقعدونها وسيتنادون من أدني الأرض إلى أقصاها لمواجهة التطرف الإسلامي الأحمق المتخلف الرجعي الذي يهدد الوحدة الوطنية ويثير الفتنة الطائفية ويغرق البلاد والعباد في نار مؤصدة ، وسيطالب اليسار المتأمرك ؛ بنصب المحاكم العسكرية ومحاكم التفتيش في الضمائر لردع هؤلاء الجامدين السلفيين المخبولين حتى لا يتأثر التقدم الحضاري الذي تحرزه مصر العلمانية المستنيرة في شتى الميادين والحارات والأزقة وجزر الكاريبي !
للأسف لم نسمع لهؤلاء أو أولاء صوتا ولا حركة .. بل إن بعضهم ذهب إلى جمعية رجل القروض الطائفي المتعصب الخيرية (!) ، ونال منحته الكبيرة ، وجوائزه العظيمة التي تقدر بعشرات الآلاف تقديرا لأعمالهم الأدبية والفكرية ( الرديئة من وجهة نظر النقد الأدبي ) وتلعب بالورقة الطائفية الرائجة ن وتدين الإسلام والمسلمين المعتدين الذين لا يعرفون التسامح ولا التعددية ولا المواطنة ، ويتمسكون بالمادة ( السخيفة ) الثانية من الدستور !
أحدهم خرج عن صمت القبور ، و"طبطب" ، أي ربّت – على كتف رجل القروض الطائفي المتعصب ، وقال له : ليتك لزمت الصمت يا عزيزي .. الصمت مفيد وكله خير وبركة .. فأنا أحبك ، وبيننا احترام متبادل ، وإن كنت لا أتمتع بصداقتك وصدقاتك ، وتجمعنا الليبرالية اللاظوغلية ، التي ستحول مصر إلى أرض خضراء تكف عن استيراد القمح والينسون والبفتيك واللبن والمهلبية والملوخية !!
هذا الصوت المنفرد كان نشازا في غابة الصمت الأبدي الذي خيم على كتائب التقدم والاستنارة التي لا تكف ليل نهار عن إدانة الإسلام والمسلمين ، وترى أن الخروج من الإسلام هو الحل !
ماذا قدم رجل القروض الطائفي المتعصب للمجتمع ؟ سواء على مستوى أعماله التجارية أو الخيرية؟
وهل يمكن مقارنته برجل كان اسمه " عثمان أحمد عثمان " بنى ما هدمه الصليبيون الاستعماريون الإنجليز في السويس ، وما دمره الغزاة النازيون اليهود في مدن القناة جميعا ومن قبل ومن بعد بنى السد العالي ، ودشم الصواريخ وحظائر الطيران ، وفقد خمسمائة مهندس وعامل من أفضل رجاله تحت القصف النازي اليهودي قبل حرب رمضان ، وفتح آلاف البيوت على الحقيقة وليس على الورق ، وأقام عشرات المصانع والمزارع والمستشفيات والمدارس والمساجد ، وأهدى الوطن أكبر مؤسسة للتعمير في العالم العربي كله ، وتقوم السلطة الآن – للأسف – بتخريبها وتدميرها ، حتى شعارها الذي عرف به المقاولون العرب على مدى عقود طويلة تعلن عن مسابقة لتغييره كراهية منها للنجاح والتقدم الفعلي ؟!!
هل صنع رجل القروض الطائفي المتعصب شيئا من ذلك ؟ أم إنه يقترض المليارات من أموال المسلمين الذين يريد تغيير دينهم وثقافتهم وهويتهم كي يشعر أنه في وطن مستنير ، ثم يبيع لهم الهواء الذي يقيم بعائده شركات في المنطقة الخضراء ببغداد الأسيرة –عاصمة الرشيد التي علمت الهمج الغزاة الصليبيين كيف يستحمون !- ودولة الغزو النازي اليهودي ، وفي الجزائر حيث أصدقاؤه الفرنسيون ، ويكسب عشرات المليارات بعد أن يبيع الشركات التي اشتراها بثمن بخس ، ويبيعها للأجانب دون أدني مراعاة لمصلحة من أقرضوه ومنحوه التسهيلات وفرصة الدخول ضمن العشرة الأوائل من أغني أغنياء الدنيا ؟
لقد اشترى رجل القروض الطائفي المتعصب حفنة من العوالم والغوازي والمشخصاتية وأشباه الكتاب والصحفيين ، ليشيدوا بأفضاله وأمجاده (!!)، وفي الوقت نفسه لا يبالي بإطلاق جلاوزته ليضربوا المصورين الصحفيين الذين يغطون حفلات ألف ليلة وليلة التي يقيمها ، ورقصاته الحارة مع نجمات الزمن الرديء؟
ويبدو أن الرجل يتعامل على أنه رئيس جمهورية ( سوبر ) ، لا يجوز لأحد أن يقف في طريقه أو يقول له عيب !أو قف عند حدك ! وقد طبق ذلك عمليا من خلال جهاز دعاية يملكه الذين يريدون تغيير دينهم وثقافتهم وهويتهم .. والدليل على ذلك أن السادة المسئولين والمستنيرين والعلمانيين واليساريين المتأمركين وأهل التسامح والتعددية وغيرهم ممن يقودون الوطن البائس التعيس الآن ؛ لم ينطقوا بكلمة واحدة باستثناء الليبرالي الذي لا تجمعه به صداقة .. واكتفي ب "الطبطبة " .. وتعيشي يا مصر ياأم العجائب والنوائب !!