العلاقة مع خدام أصبحت جزءاً من التاريخ

محمد فاروق الإمام

الاقتتال الداخلي فتنة

علي صدر الدين البيانوني

محمد فاروق الإمام

[email protected]

في مقابلة أجرتها (يونايتد برس انترناشونال) ونشرتها جريدة القدس العربي يوم الخميس 29 نيسان الفائت مع فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية الأستاذ علي صدر الدين البيانوني، وضع فضيلته وبكل صراحة وشفافية وصدق وشجاعة النقاط على الحروف حول سياسة الجماعة الحاضرة والمستقبلية وبرنامجها المعتمد، فقد أكد على أن (العودة إلى العمل المسلح أمر محسوم ومنته منذ فترة طويلة)، و(أن الجماعة تعتبر الاقتتال الداخلي فتنة داخلية هي أبعد الناس عنها، ولا تجيز رفع السلاح في مواجهة الحكومة، وهذا مبدأ عام في كل جماعات الإخوان المسلمين وليس فقط السوريين)، كما أكد (أن الجماعة ترفض استخدام السلاح داخل البلد، والسلاح هو فقط للعدو الخارجي).

وأضاف فضيلة المراقب العام (أن برنامج جماعة الإخوان المسلمين بالنسبة للمعارضة قديم ومستمر ولم يتغير وما زال قائماً، وكانت لنا مشاركة قبل أيام في اعتصامات السابع عشر من نيسان/أبريل - بمناسبة ذكرى عيد الجلاء - كما نقوم في كل مناسبة بالنشاط الذي ينسجم مع مواقفنا ومع هذه المناسبة).

ونفى فضيلة المراقب العام إجراء أي اتصالات بين إخوان سورية ونظام بلادهم، وقال (لم تحصل أي اتصالات مباشرة بيننا وبين النظام وليس هناك أي جديد في هذا المجال، لكن عدداً من الجهات الرسمية والشعبية الإسلامية والعربية تحركت باتجاه النظام بعد قرارنا تعليق أنشطتنا ومطالبتنا النظام السوري بالمصالحة مع شعبه، وكل هذه الجهات ومن دون استثناء سمعت كلاماً طيباً ووعوداً طيبة، لكن لم يحدث أي شيء واقعي على الأرض).

وأضاف أن هذه الجهات (تحفظت عن ذكر أسمائها، ونحن بالتالي لا نريد أن نحرج أي طرف منها).

وحول إعادة طرح موضوع الطائفية، قال فضيلة المراقب العام (سياستنا محددة منذ زمن حول ذلك ولدينا ورقة معتمدة بشأن الطائفية والتنوع المجتمعي في سورية، ولا جديد في هذا المجال وعندما نشير إلى بعض الخلل في المعادلة السورية، هذا لا يعني أننا نطرح موضوع الطائفية، لكن التنبيه إلى بعض جوانب الخلل في التعامل في سورية لأن هذا الأمر قديم ومستمر حتى الآن، ونحن ما زلنا متمسكين بهذه الورقة ولا نتعامل بمنطق الطائفية ومشروعنا السياسي يؤكد على مبدأ المواطنة والتعامل مع كل أبناء الوطن معاملة واحدة من دون استثناء وبدون تمييز وهذا هو موقف الجماعة).

وعن موقف الجماعة من التقارير التي زعمت أن فصائل من المعارضة السورية حصلت على تمويل من إسرائيل، قال فضيلة المراقب العام (نعتقد أن هذه التقارير لا مصداقية لها، ولا نعلم بأن هناك جهات مخترقة في المعارضة السورية أو تتعامل مع إسرائيل).

وأضاف (نحن كجماعة أخوان مسلمين موقفنا من هذا الموضوع واضح ومعلن ولا نقبل أي تدخل خارجي ولا نتعامل مع جهات خارجية، وأبعد الناس عن الجهات المعادية كإسرائيل، أما الآخرون فهم مسؤولون عن نفي ذلك أو تكذيبه).

وقال (إن تعاملنا مع إعلان دمشق (المعارض) في الداخل ما زال قائماً وإن كان هذا الإعلان شبه مجمد نتيجة الاعتقالات التي طالت قادته، لكننا لم نتعامل مع إعلان دمشق في الخارج ونعتبر تشكيل أمانة مؤقتة باسمه لم يكن نظامياً وصحيحاً ولم نتعامل معه ولا صلات تربطنا به).

وحول العلاقة مع خدام، قال فضيلة المراقب العام (بعد انسحابنا من جبهة الخلاص في نيسان/ أبريل 2009، لم تكن هناك أي علاقة مع خدام لا من جهتنا ولا من جهته وأصبحت الجبهة بالنسبة لنا جزءاً من التاريخ).

ولم يستبعد فضيلة المراقب العام احتمال أن يكون هذا الانسحاب قاد إلى تفكك الجبهة (باعتبار أن جماعة الإخوان المسلمين في سورية كانت تشكل مكوناً أساسياً من مكوناتها).

واعتبر أن الانفتاح العربي والغربي على سورية (له أسباب خارجية وتم بناءً على توجيهات توحي بأن هناك انفتاحاً دولياً وعربياً وتعتيماً على أخبار المعارضة السورية للدلالة على أن هذا النظام مرضي عنه دولياً).

وقال (النظام يحاول دائماً إصلاح علاقته مع الخارج ولا يهتم بموضوع الداخل والشعب).

وسئل فضيلة المراقب العام عما إذا كان هذا الانفتاح استند إلى ضعف أداء المعارضة السورية، فأجاب (الجهات الدولية لا تتعامل مع الأنظمة من مقياس حقوق الإنسان أو الديمقراطية أو المعارضة بل من مقياس مصالحها فقط، واعتقد أن مصلحة هذه الدول هي في الانفتاح على النظام السوري الآن).

بهذه الصراحة والوضوح يكون فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين السورية الأستاذ علي صدر الدين البيانوني قد أجمل صورة الواقع وحقيقته لما هي عليه الجماعة، وحقيقة ما يشاع عن اتصالات بينها وبين النظام في سورية، وغمز بعض الأطراف عن علاقة مشبوهة لها مع بعض الجهات المعادية، مؤكداً أن يد الجماعة ممدودة لكل الأطراف الوطنية المعارضة التي تنبذ العنف وتعمل على التغيير والإصلاح من خلال القنوات والأساليب السلمية بعيداً عن أي علاقة مشبوهة مع أعداء الوطن بكل مسمياتهم.

من هنا فإنه قد آن للنظام، والبلاد تتعرض لهجمة معادية تنذر بحرب شاملة، أن يخطو خطوة نحو المعارضة الوطنية ويمد يده إليها بهدف التأسيس لجبهة وطنية حقيقية تحصّن الوطن في مواجهة نوايا الكيان الصهيوني العدوانية، بعيداً عن الإقصاء أو النفي أو الإبعاد أو ازدواجية الانتقاء والمعايير، ولا تنتقص من قيمة أي طيف سياسي في الوطن أو تتجاهله، فالوطن للجميع وهويته من حق الجميع، والجميع مستهدفون إذا ما وقع العدوان لا سمح الله.