الكردي السوري والعام 2008م
الكردي السوري والعام 2008م
إبراهيم درويش*
ودّع العالم عاماً ميلادياً ويستقبل عاماً ميلادياً جديداً، نسأل الله تعالى أن يكون عام خير ورحمة وتحقيق للأماني العظام لشعبنا الكردي المسلم المظلوم، ولأمتنا الإسلامية المبتلاة بأعداء داخليين وخارجيين، لا يراعون إلاًّ ولا ذمة، كل منهم يسابق الآخر في إلحاق أكبر قدر من الإيذاء والإذلال في الإسلام وأهله، في محاولة حمقاء رعناء لإعلان حرب على الله خالق الأرضين والسموات ومليكها!!
ونحن على أعتاب هذا العام الجديد، من واجبنا أن نطرح على أنفسنا أسئلة تهمّ أبناء شعبنا الكرديّ بخاصة، وأبناء أمتنا الإسلامية بعامة، وأن نسهم في الإجابة عنها أيضاً:
مراجعة وتقويم لا بد منهما لعام 2007م:
أين أصبنا؟ وأين أخطأنا في عملنا النضالي والسياسيّ؟ هل نحن راضون عن أدائنا؟ أكان بالإمكان أن يكون أداؤنا أفضل؟ كيف؟ كم من الأنصار كسبنا لصالح قضيتنا العادلة؟ وبماذا؟ وكم من الأنصار خسرنا؟ ولماذا؟ هل عندنا رؤية واضحة نحن ملتزمون بها حقاً فيما يخص ترتيب الأولويات؟ ما طرحناه خلال هذا العام أكان منسجماً مع ما هو سائد في الساحة الإعلامية والسياسية ومع ذوق المتابعين من قرّاء ومشاهدين ومستمعين؟ أم أننا نجترّ عبارات ونعلك مصطلحات ونلوك تعابير قد أصبحت من مخلفات مراحل وظروف لا تمتّ بصلة إلى واقعنا الذي نحياه؟ إلى أيّ حدّ ينسجم ما نطرحه مع قضية شعبنا وأمتنا ويخدمها؟ هل من الحكمة والصواب أن نصطدم مع مقدسات شعبنا " وخطوطه الحمر" كالإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم...بزعم أننا نريد بناء مجتمع حديث على غرار ما يعمله الأوربيون وغيرهم؟ وكأنّ بناء المجتمع الحديث لا يتمّ إلا بالكفر والزندقة والإلحاد والاستهزاء بالدين، في محاولة وقحة للاصطدام بأوسع قطاع من الشعب، الذي لا يهون عليه أن يتعرّض أحد كائناً من كان لمقدساته بسوء، وفي فقدان غريب للبوصلة المحدِّدة للاتجاه!!! هل تخلى الأوربيون وغيرهم حقيقة عن دينهم ومقدساتهم لمّا بنوا مجتمعاتهم؟ وقبل ذلك: هل ما ينطبق على دينهم ينطبق بالضرورة على ديننا وقيمنا؟ ألا يمكن للتقليد إلا أن يكون أعمى؟ ألا يمكن فتحُ نوافذنا لِما يهبُّ علينا بالقدر الذي يسمح بتغيير جوّ البيت، دون أن يؤدي ذلك إلى تحطيم البيت وأثاثه؟ قبل أن نطالب بجعل ديننا في متاحف التاريخ هل عرفنا ما فيه؟ أم أننا أخذنا تصوراتنا عنه من سلوكيات ومزاعم وتخرّصات لا تمتّ إليه بصلة؟ هل الأسس التي نعتمدها في بناء تصوراتنا عما حولنا صحيحة سليمة؟ ما المرجعية في ذلك؟
لقد تواترت الدعوات المطالِبةُ بضرورة أن تختصر الأحزاب الكردية في سورية إلى عدد أقلَّ مما هي عليه الآن،فهل خطى المعنِيّون خطواتٍ جادّةً على هذا الصعيد؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تسجيلاً للمواقف وخطفاً لها؟ أين وصلت تلك الجهود؟ وأين وصلت المساعي بخصوص إيجاد مرجعية لكرد سورية؟ وعلى أي أسس تنبني؟ مَن المخوّل في إيجاد هذه المرجعية؟ وما رأي الشعب فيها؟ بل كيف تم التوصل إلى معرفة رأي الشعب؟ وما موقف المطالبين بهذه المرجعية من الإسلام، القاسم المشترك الأعظم للشعب الكردي، مع المحافظة التامّة على حقوق الأقليات الدينية والعرقية التي تعيش بين ظهرانيه؟
وطموحات متواضعة خلال عام 2008 م:
هل سيكون هذا العام أفضل من سابقه بالنسبة للكرد السوريين بخاصة والكرد في سائر كردستان بعامة، فيحصلون على حقوقهم مواطنين لهم كامل حقوق المواطنة؟ يتمتعون بكامل حقوقهم السياسية والثقافية والاقتصادية التي وهبهم الله وحرمهم منها بشر مثلهم؟ وهل سيكون تجاوز المصالح الشخصية والفردية أبرز سمات النشاط السياسي الكردي هذا العام، على طريق توحيد الأحزاب والهيئات السياسية ذات التوجّه الواحد أو المتقارب؟ وهل ستشهد الحركات الكردية في هذا العام بداية انحسار حالة الاغتراب المزدوج التي تعيشها، بسبب استعارة بعضها لقوالب جاهزة من الإيديولوجيات الغريبة على طبيعة شعبنا، أو تنكّب بعضها الآخر لأبرز وأهمّ عوامل القوة لدى شعبنا وهو الإسلام العظيم؟ وهل ستتسلّم هذه الحركاتُ زمامَ المبادرة على الساحة الكردية، بعد ردم الهوّة بينها وبين الجماهير الكردية، بعد أن كانت سياساتُها طوال المراحل الماضية ـ إلا ما ندر ـ عبارة عن ردود أفعال لإجراءات النظام القمعية، والتي أثبت الواقعُ أنّ الجماهير الكردية تسبق هذه الحركات بأشواط؟! وهل سيتوقّف مسلسلُ التخوين وتوزيع التهم الجاهزة جزافاً على كل مَن لا يوافق خطُّه خطّي، فيضيع الجهدُ الكرديُّ ويتشرذم الصوتُ الكرديّ وتستمرّ معاناة أبناء شعبنا أكثر فأكثر؟ هل ندرك أن كلّ ساعة تأخير في تضامننا الكردي ـ الكردي، والكردي ـ السوري، معناها الإطالة في عمر النظام الدكتاتوريّ الذي لم تسلم من أذاه أيّ شريحة وطنية سورية؟
آمل أن يجيب كلٌّ منّا على هذه الأسئلة بينه وبين نفسه، في لحظة مصارحة ونقد ذاتيّ، ليبدأ عهد جديد طالما عملنا له وتمنّيناه لأنفسنا وشعبنا؛ فـ " إنّ اللهَ لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتّى يغيّروا ما بأنفسهم ". صدق الله العظيم.
*المشرف على موقع وحدة العمل الوطني لكرد سوريةsyriakurds.com