المآسي الإنسانية في المُعتقلات والزنازين السورية

المآسي الإنسانية في المُعتقلات والزنازين السورية

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

(لا شك إن الإنسان الذي كرّمه الله وفضله على كثير من مخلوقاته ، جعل الله له أحكام لصيانته والحفاظ عليه ، كائنا من كان هذا الإنسان ، وجعل له حُرمة وعُصمة وجعل الإعتداء على النفس الإنسانية من أكبر الكبائر، وهذا ماأكدت عليه جميع الرسالات السماوية والقوانين الأرضية ، ومنها الإسلام العظيم الذي حض على حفظ النفس ، والتي اعتبرها مُلكاً لله سبحانه ، فلا يجوز التفريط بها حتى من صاحبها ، فكيف الحال من المُعتدي الآخر، سواءاً بالإيذاء الجسدي أو المعنوي أو إزهاق الروح ، وفي هذا قال نبي الإسلام "لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون من قتل المسلم" وقال في غير المسلمين " من قتل معاهداً لم يُرِحْ رائحة الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً " والعلاقة القائمة حالياً بين شعوب العالم على التعاهد والمواثيق الدولية باحترام الأنفس والحفاظ عليها ، وبالتالي لايجوز تناول أو استهداف غير المعتدين إن حصل ، ولا دخل للمدنيين بأي صراع يحصل بين الدول ، لأنه ولا تزرُ وازرةٌ وزره أُخرى ، فاستهداف المدنيين في العراق لقتل مُجنّد أمريكي غير جائز ، وعليها فقس ، وهذا كله في الإطار العام ، أما في الخصوصيات التي نعني من وراءها كل أنواع الإعتداء ومنها الاعتقالات التعسفية والقهر والتعذيب والإستبداد والإغتيال فهي محور حديثنا في هذه الموضوع ، ولن أتقصّد فئة من الناس ، بل كل من تجرع الهوان من نظام الدكتاتور بشار وأبوه الإرهابي الأكبر ومن لفّ لفهم )

ففي سورية كما هو معروف ، تكاد سجون ومُعتقلات الطغمة الحاكمة لاتخلوا من المُعتقلين من معظم الجنسيات العربية ، من أقصى الغرب الى أقصى الشرق ، ففيها الموريتاني والمغربي والجزائري الى اليمني والسعودي ، ولكن العدد الأكبر من هؤلاء من اللبنانيين الذين أخُتطفوا من لبنان على أيدي الإستخبارات العسكرية السورية ، والذين يبلغ عددهم مايُقارب الألف مفقود هذا عدا عن الآلاف الذين تم تصفيتهم ابان احتلال لبنان ، بينما المعتقلين الأردنيين يبلغ عددهم 235 منهم 12 فتاة أما عن العراقيين فكل الإحصاءات تؤكد على وجود الآلاف منهم في أقبية السجون، وكذالك الأمر بالنسبة  للفلسطينيين وأعدادهم بالمئات ، وسُمي أفظع وأخطر وأوحش وألعن فرع يُمارس فيه كل صنوف التعذيب بإسمهم نسبة لهم ، وأما المُعتقلين من أهل الخليج والسعودية وغيرهم ، فلا تزال الأعداد غامضة ، ولم يُفصح عن الأرقام الحقيقية لغاية في نفس يعقوب ، ولكي لاتُستغل القضايا الإنسانية في المُشاحنات السياسية، بينما يبلغ عدد السجناء السوريين المُغيبون في تلك المُعتقلات التي هي في معظمها تحت الأرض بسبعة ادوار مايقارب العشرون ألف بحسب الإحصائات الرسمية والدولية لحقوق الإنسان ، والمُعتقلين الجدد منذ عهد بشار بالآلاف أيضاً ، وكل هذه الأرقام هي من الجنس البشري العربي دون سواه ، لذلك فإن مسؤولية إنقاذ هؤلاء هي أولاً وأخيراً مسؤليتنا كسوريين ، ومسؤولية العرب كذلك ، لأنه لو كان هناك أيّ سجين غربي لقامت الدنيا ولم تقعد على هذه الحفنة الحاكمة ، وبالتالي لابد من الموقف العربي الحاسم للوقوف بجانب الشعب السوري وما يتعرض له من الإحن والآلام والجراحات  

ولا شك إنّ موقف الأردن حكومة وشعباً هو في غاية الأهمية ، فالملك عبدالله بن الحسين ساير النظام ، وتماشى معه ، ومثلما يقول المثل الحق الكذّاب على باب الدار بغرض الإفراج عن مُعتقلي بلده، ولمّا انقطعت الآمال أُطلق العنان لأهالي الأردنيين الذين نحن نعيش مع مأساتهم ونشعر بشعورهم لعمل اعتصامات أمام السفارة السورية في عمّان ، وبالمُقابل نفّذ المعتقلون الأردنيون اضراباً عن الطعام السبت الفائت ، وهو مستمر الى يومنا هذا في مُحاولة للفت أنظار العالم الى مأساتهم ومحنتهم ، كما فعل اللبنانيون ، وياحبذا يكون هناك تنسيق بين الدول لمثل هذه الإعتصامات ، وأن يُدعى وفد حقوق الإنسان السوري للمشاركة معهم بصفة رسمية لكشف الأعداد أمام الملأ من المُغيبيين من أبناء شعبنا الحبيب ، لإيصال صوت المظلومين والمقهورين والمقموعين والمطحونين والمُغيبين للعالم أجمع

وأخيراً أنقل موضوع اجتهادي فيما قيل بخصوص الظلم والكفر وما يترتب عليهما ،  فقال البعض في الكفر والشرك أنهما  قضيتان : الأولى انهما يعنيان معا الظلم والاعتداء وقد وصف الله تعالى الشرك بالله بأنه ظلم عظيم ، فأعظم الظلم أن تظلم الخالق جل وعلا وتتخذ الها معه ، وهو خالقك ورازقك، وهذا طبعا فى العقيدة والتعامل هنا مع الله. وبين العبد وخالقه ، وهو المُحاسب

والثانية : التعامل مع البشر إذا تطرف أحد الناس فى ظلمه بالقتل والقهر والاستبداد ومصادرة الحقوق الأساسية للانسان فى المعتقد والفكر ، أصبح هذا ظالماً مشركا كافرا بسلوكه،وتصرفه وتعامله مع البشر ، ويكون ذلك حُكماً على جرائمه الظاهرة من قتل للابرياء واعتداء على الآمنين وقهر للمظلومين . أما عقيدته وعقائدنا فمرجع الحكم فيها الى الله تعالى يوم القيامة مالم يُجاهر بالإعتداء على الدين .والقرآن يؤكد على تأجيل الحكم على الناس في اختلافاتهم العقيدية الي يوم القيامة وعلى ذلك نستطيع البناء ، أنه في الكفر الأول أمره الى الله ، والثاني أمره الى الناس ، ولابدّ من إنزال القصاص العادل فيه في الدنيا والعقوبة التي يستحق ، وأن تجتمع الملّة البشرية لإنقاذ المظلوم أيّاً كان جنسه أو دينه ، ومالم تفعل ذلك معناه أنّ الزمن الذي نعيشه على الرغم من التطور العلمي والتقني هو في قمة الإنحطاط الأخلاقي.