رحلة: "البحث عن مخرج"
رحلة: "البحث عن مخرج"
أروى عبد العزيز
.. عجوزٌ مسن .. يرفع أكف الضراعة .. ويبتهل إلى الله .. في عرض البحر .. " اللهم أعدنا إلى فلسطين " ..
على سفينة تتلاعب بها أمواج الأعداء .. وأعوانهم ..
لم تكن تلك هي الرحلة الأولى .. ولن تكون الأخيرة .. فهذا الشعب الذي صهرته المحن .. وكوتهُ نيران العدو .. يعاني من القتلِ .. والتشريدِ .. والسجن .. منذ ما يقاربُ ستين عاماً .. ومنذ ذلك الوقت وهو" يبحثُ عن مخرج " ..
حكايةُ شعبٍ .. رابضٍ على حدود الصبر .. بانتظار الفجر ..
شعبٌ قويٌ .. جُبِلَ على الصبر والتحمل .. برغم الحصار ..
فهذه غزة .. وأهلها .. يعانون من الحصار منذ أربعة أشهر .. بعد أن نجحت حماس بالسيطرة على قطاع غزة .. وإخراج العملاء .. والخونة منها .. أذلةً صاغرين ..
فكان الثمن .. حصارٌ .. ومنعٌ للدواء .. وقطعٌ للكهرباء ..
لم يكتفِ العدو الصهيوني وحلفاؤه بذلك .. بل رفض خروج الحجاج من غزة .. لتأدية فريضة الحج .. مئات الحجاج اعتصموا أمام " معبر رفح " بلباس الإحرام .. مطالبين بالسماح لهم بالذهاب للأراضي المقدسة .. غير أن أيام الانتظار طالت .. وما من مجيب .. فاندفع الحجاج نحو المعبر "بالتكبير والتهليل" في خطوة كانت هي الأولى من نوعها في كسر الحصار عن غزة بعد أشهر .. كما عبر بذلك رئيس الوزراء .. " إسماعيل هنية " ..
لكن يبدو أن الشعب الفلسطيني .. قد شرب كأس الألم حتى الثمالة .. فكتب عليه في كل خطوة يخطوها ..
فهاهم " حجاج غزة " يبتهلون في وسط البحر .. تتقاذف الأمواج سفينتهم .. وفيهم المريض .. والعاجز .. وذوي الإعاقة .. في جو بارد قارس ..
أيام مضت .. وهم على ما هم عليه .. فمصر ترفض دخولهم عبر " معبر رفح " إلا بعد التوقيع على تعهد بدخول الأراضي الفلسطينية عبر معبر " كرم أبو سالم "
الإسرائيلي ..
خطوة غريبة من " مصر " .. التي تعتبر نفسها " أم الدنيا " غير أنها ومن حيث لا تعلم .. بأن أرض مصر ليست لأهلها .. وأن الرأي ليس لحكامها .. بل للعدو الصهيوني .. الذي يتحكم بهم وهم لا يشعرون .. أو لعلهم يشعرون .. ولكنهم لا يملكون من أمرهم أي شيء..
كيف لـ " مصر " أن تتخاذل وتذل للعدو الصهيوني .. فتنفذ ما يمليه عليها " أبناء القردة والخنازير "
وكيف لها أن تلقي بالحجاج بعد أيام من الحصار بلا طعام أو دواء .. على "معبر كرم أبو سالم " الإسرائيلي وهي تعلم .. أنهم سيتعرضون فيه للمضايقات وربما السجن لكثير منهم ..
آن لمصر أن تثبت للعالم كله .. أن السيادة على أرض مصر لها وحدها .. وأن تعلم أن ما أقدمت عليه ليس امتهان للحجاج وحدهم .. بل لكل مسلم على وجه هذه المعمورة ..
وآن لكل مسلم غيور .. أن ينتفض .. أملاً في فجر جديد .. وبحثاً عن مخرج .. يكون هو السبيل .. والطريق إلى " فلسطين " ..