بيان اللجنة المركزية
بيان حول تشكيل "لجان التعبئة الشعبية من أجل الإصلاح والتغيير السلمي في سورية"
في الوقت الذي أخفقت فيه جميع مبادرات المصالحة الوطنية في سورية، وفي ظل فشل وعدم جدية البرامج والوعود الإصلاحية التي أطلقها الرئيس بشار الأسد، ومع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتأزم الواقع السياسي الداخلي، والتداعيات السلبية لكل ذلك على سلامة ومستقبل الوحدة الوطنية..
ومن منطلق الغيرة والقلق على مستقبل وأمن بلدنا، نعلن لجماهير شعبنا عن تشكيل "لجان التعبئة الشعبية من أجل الإصلاح والتغيير السلمي في سورية"، بهدف العمل على استعادة الإرادة الشعبية المسلوبة، والزج بالجماهير في معترك التحرر والإصلاح والتغيير، وإشراكهم في رسم مستقبل وطنهم، وذلك عبر حشد الطاقات والقوى الشعبية بكافة شرائحها وأطيافها، استعداداً للخروج في تظاهرات سلمية عارمة، لتشكل قوة ضغط مساندة لجميع قوى الإصلاح والتغيير الوطني السلمي.
ها قد أوشك أن ينصرم عقد كامل من حياة الوطن في عهد الرئيس بشار الأسد، وجماهير شعبنا تنتظر تحقيق وعود الإصلاح والتطوير والتحديث، فتطورت وسائل الفساد، وتجددت أساليب الاستبداد، وتكرس الاستئثار بمقدرات الوطن، واستنزفت خيراته وموارده من قبل زمرة أنانية فاسدة، فتسارعت وتيرة تدهور الأوضاع المعيشية، وازداد تراجع الحريات، وقمع قوى الإصلاح، وكم أفواه الأحرار والعقلاء، بل وزاد على كل ذلك مؤخرا المغامرة بمستقبل السلم الأهلي عبر سياسة فتح الحدود أمام الإيرانيين دون قيد أو شرط، وإجراءات تجنيس أعداد كبيرة منهم سراً وبشكل مخالف للقانون، الأمر الذي يدعو لدقّ ناقوس الخطر، والتنبه للمخططات التي تعبث بسلامة الوطن ومستقبل اللحمة الوطنية والانسجام المجتمعي.
بالرغم من أننا، كنواة مؤسِّسة في "اللجنة المركزية"، دون ادعاء بتمثيل غير شخوصنا، نثمن جميع الجهود الوطنية المخلصة، ونؤيد جميع المطالب العادلة التي توافقت عليها كافة القوى والتيارات والنخب السياسية والثقافية، وخاصة كما تجلت في مبادئ "إعلان دمشق"، إلا أننا نؤمن أن فشل المحاولات الإصلاحية، وإخفاق المبادرات التصالحية، ترجع لأسباب موضوعية.
على رأس تلك الأسباب يأتي إهمال النخب والأحزاب السياسية المعارضة لدور القوى الشعبية، وتهميش العناصر الشبابية والطاقات الطلابية. والسبب الثاني هو اتخاذ العمل العلني كوسيلة أساسية وخيار استراتيجي وحيد، مما جعل النخب التي انشغلت بتشكيل الأطر التنظيمية، وإطلاق البيانات والمطالب السياسية، في غياب قاعدة شعبية عريضة تستند إليها، هدفاً سهلاً ولقمة سائغة أمام قوى القمع والطغيان، فكانت النتيجة الطبيعية هي تغييب رموز الإصلاح والتغيير الديمقراطي داخل ظلمة الزنازين وخلف قضبان المعتقلات، أو تهجير المزيد من الكوادر الوطنية المخلصة إلى المنافي وحرمان الوطن من طاقاتهم وجهودهم.
من هذا المنطلق الواقعي، وفي سياق المتغيرات التي تفرض على قوى الإصلاح والتغيير مراجعة جادة لوسائل عملها وبرامجها، وإيمانا منا بأن قوى القمع والطغيان لن تتراجع أو تسلم لمطالب المعارضة المكبلة بكافة أشكال القيود، أردنا أن نتعلم من تجارب الماضي، وأن نستلهم دروس التاريخ وعبرته، فبادرنا بوضع استراتيجية جديدة، تمكن قوى الشعب من أن تأخذ زمام أمرها بنفسها، دون تعويل على وعود سلطة جائرة، أو على نخب وأحزاب لا تمتلك أوراق ضغط فاعلة، فبادرنا بالدعوة إلى تشكيل لجان مصغرة في المحافظات والمناطق المختلفة، راجين أن تعمم التجربة بنجاح على امتداد الوطن.
إن مبادرتنا وانتهاجنا العمل السري السلمي ليس دعوة إلى ترك العمل الديمقراطي العلني الذي تبنته غالبية النخب والقوى السياسية، بل هو مرحلة مؤقتة ضرورية لبناء قاعدة جماهيرية تدعم مطالب قوى الإصلاح والتغيير وتشد أزرها وتحمي ظهرها. من هنا فإننا نعلن التزامنا وتمسكنا بالعمل الجماهيري المستقل عن كافة الأطر التنظيمية والانتماءات الحزبية والتحيزات الايديولوجية، وسنكون سنداً لكافة قوى الإصلاح والتغيير الديمقراطي السلمي، سواء جاءت من داخل صفوف حزب البعث وقواه المهمشة، أو من قوى المعارضة على كافة تياراتها دون تمييز أو انحياز لأي طرف.
لذلك نتوجه بالدعوة إلى جميع أبناء الشعب السوري بكافة شرائحهم وخلفياتهم وانتماءاتهم إلى البدء بتشكيل لجان شعبية مصغرة، يفضل ألا تتجاوز الخمسة أعضاء، في كافة المحافظات والمناطق والنواحي والقرى عبر امتداد الوطن، من جنوبه إلى شماله، ومن شرقه إلى غربه، وذلك من أجل البدء في تعبئة الجماهير لأخذ المبادرة في استرداد إرادتها، واستعدادا لانطلاق المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات السلمية، لممارسة الضغوط الحقيقية على السلطة الحاكمة، ولدفع عجلة المصالحة والإصلاح والتغيير، وصولا إلى الانتقال السلمي المتدرج من الاستبداد إلى دولة القانون والمؤسسات، ودولة العدل والمساواة التي يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات. ونؤمن أن المدخل إليها يمر عبر إلغاء حالة الطوارئ والمحاكم الاستثنائية والأحكام العرفية، والقانون رقم (49/1980)، والإفراج الفوري عن جميع سجناء الرأي، وتسوية كافة الملفات الإنسانية، وخاصة فيما يتعلق بعودة المهجرين والمنفيين، وحل قضية الأكراد ومنحهم كافة حقوقهم الدستورية والثقافية.
اللجنة المركزية
لجان التعبئة الشعبية من أجل الإصلاح والتغيير السلمي في سورية
13 ربيع الثاني
3114ه
الموافق 29 آذار 1020م