اللاعب الوهمي ولعبة الحاسوب
لعبة الكمبيوتر... والخصم الوهمي
محمد الرمادي
فينا - النمسا
الدول بساستها تقوم بوضع الخطط/البرامج وتختار فريق عمل ليفعِّلها ويوجدها على أرض الواقع؛ لرعاية شؤون شعوبها، ورجال الفكر والنخبة من كافة الطوائف تشارك بغزير فكرها وتطرحه بشكل قابل للتطبيق ولو بعد حين، فهم قلب المجتمع النابض؛ وعقل الأمة الواعي؛ وضميرها الحي الذي يراجع ويحاسب ما يقع في مجتمعه قبل محاسبة غيره له، وكل المجتمعات الساكنة على المعمورة لها احتياجاتها وقضاياها ومسائلها/مشاكلها، والسؤال ليس هل توجد مشاكل!!؟ بل السؤال الحقيقي : كيف تحل المشاكل الموجودة!!؟، ومِن مَن يتكون فريق العمل المكلف من صاحب الصلاحية في إيجاد الحلول الناجعة؛ بل وكيف نحمي المجتمع من أخطار مشاكل مستقبلية أي قبل حدوثها، إذ نحن أمام واقع حالي معاش بما فيه وأمام مستقبل ينظر إليه بعيون الغد.
مجتمعات الدرجة الثالثة ـ وفق التقسيم الغربي المعمول به حتى كتابة هذه السطور، وإن تحسنت التسميّة وفق التعبير الدبلوماسي المتداول بين أروقة المؤسسات الرسمية؛ إلى : الدول/ الشعوب " النامية " ـ هذه المجتمعات تفتقد آلية طرح المسألة/ المشكلة بحجمها الطبيعي على طاولة البحث؛ وظاهرة « البرادعي » مثال، فهو مرشح "وهمي" وفق الدستور المصري المعمول به حتى هذه اللحظات ولم تتغير المادة ذات العلاقة كما أعلن الحزب الحاكم، وهو " لاعب " / " خصم " خيالي في الإنتخابات الرئاسية القادمة، تماماً كألعاب الكمبيوتر سواء لعبة سباق الدراجات/ السيارات أو الحروب الوهمية، وهذه من مساوئ الكمبيوتر أي : بيع الوهم، والنظام الحاكم في مصر المحروسة "أم الدنيا" يرغب بشدة إيجاد أمثال هؤلاء اللاعبين الوهميين لتهدر وتضيع الطاقة الجبارة المخزونة في جينات الشعب المصري والقادرة على التغيير، فبدلا من العمل وفق المتاح لتغيير الوضع الذي يراد تغييره، نبعثر الطاقة في صراع وهمي كلاعبنا الخيالي، والحالة "البرادعية" ليست خطوة في الطريق الصحيح، فتغيب القوى الشعبية مجتمعة وتقسيمها لطوائف يبدو عليها أنها تقاوم بعضها بعضاً مع إشراكها في صراعات داخلية فيما بينها أو مصطنعة مع الآخر؛ وهذا كله يطيل عمر النظام القائم وتفوت الفرصة على المخلصين والذين يعملون ويرغبون في غد مشرق وردي لأبنائنا.
أقول هذه المجتمعات تفتقد آلية طرح المسألة/ المشكلة بحجمها الطبيعي على طاولة البحث ومن ثم ينقصها إيجاد فريق عمل متخصص (في المسألة/ المشكلة الواحدة)، وليس هذا من باب جلد الذات بل من باب وضع الأصبع على مكان الداء، ليسهل لنا استصناع الدواء، ففي الغرب يوجد فريق عمل متخصص يحمل بين ثنايا عقله/ذهنه/ تفكيره خبرة؛ بها، وببرنامج إنتخابي معلن يلامس جلد المواطن العادي ليقود الحملة الإنتخابية لمرشحه، وعمل الدعاية الإنتخابية اللازمة وتغيير بعض المصطلحات والتعابير والتي وردت في الخطاب الترشيحي وفق آراء الجمهور وعمل إستطلاع دائم عن مدى تأثير الناخب الفعلى على رجل الشارع؛ أي الناخب، اي خطة مدروسة/ موضوعة واضحة ومراجعة/ محاسبة دقيقة للجزئيات والفواصل بين لحظة وآخرى.. هذا الفريق المتخصص يقوم بأستعراض حدود وأبعاد وكنه المسألة/ المشكلة، ووضع نقاط محورية أساسية والتباحث في الحلول الناجعة لمشاكل المواطن المطحون، وليس كما نرى فوضى خلاقة في عدة نواح إقليميا وعالمياً : كــقضية فلسطين/ العراق/ أفغانستان أو الملفات السياسية (كـــانتخابات العراق ـ أنتهت / السودان ـ نتائج بدأت تظهر ـ / مصر ـ تطبخ على الطريقة العربية ـ ) والملفات الإجتماعية، أو ما نسميه الوضع الإجتماعي الراهن للاقلية في النمسا، وحالة الفوضى الخلاقة التي أصابتها، فنساء الجالية؛ مثلاً نسبة منهنَّ يعيشنَّ في بيوت النساء ( مدينة فيينا بمفردها يقدر عددهنَّ بأكثر من 100 امرأة ونسبة آخرى تبقى في منازلها في إنتظار الطلاق أو إنفصال مقنن، وضياع جيل ثالث من أجل حفنة من اليورو ) حتى مسألة الهوية والإنتماء؛ هي أيضا أصابتها فوضى، فنحن لا ندري بوعي:
- هل نحن من أهل الغرب أم فقط نحمل الجنسية الغربية؟؟ ، بمعنى هل نحن نحيا وفق المعايير والمقاييس الغربية دون ضياع الأسس والمفاهيم والقناعات والقيم ، أم فقط
- نستفيد من الأوضاع الجيدة مقارنة بدول العالم الثالث!!؟، تلك الدول التي أتينا منها، فإذا كنا من أهل الغرب فــ
- كيف نفعّل دورنا الإنتخابي ونثمن صوتنا في إنتخابات الرئاسة/ البرلمان (على سبيل المثال وليس الحصر 25 أبريل 2010 : انتخابات رئاسة الجمهورية النمساوية )، بل قل من هو الشخص الذي يخدم الأقلية ويباشر هذا الدور ونحاسبه على ما اعطى لنا من وعود وعهود، و
- كيف نقوي وجودنا في المجتمع الغربي ونؤثر بسلوكنا الإيجابي في الحياة العامة بل نثريها
- كيف نحافظ على المكتسبات ونعمل على استثمار مَن يقف معنا، لنرفع من سقف مكتسباتنا ثم
- كيف نحمي أنفسنا والمجتمع الذي نعيش فيه من انتكاسات تصيبه من جراء " جعجعة " الأصوات اليمينية ...
لا يعقل أن تصيبنا جميعاً حالة الفوضى الخلاقة (وهو تعبير وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة)، كما لا ينبغي لنا أن تصيبنا حالة من التنفيس عن ما بداخل النفس البشرية المكلومة من مشاعر مكبوتة، كما يظهر على السطح من حين إلى آخر، وإفتعال قضايا وهمية، وإيجاد إجتماعات صورية تضيع الطاقة الحيوية في بحث القضايا الوهمية كسراب يراه الظمآن ماء، فبهذه الطريقة سالفة الذكر.. نحن لا نضع الأصبع على جوهر وأساس المسألة/ المشكلة بل نبحث فروعها وما يصاحبها من أعراض تدل على اصل المشكلة ووجودها. ولن يأتي حل مشاكل الأقلية من جمهور الملاعب "الغفير" مع احترامي الشديد لهم فهم غالبية لا يستهان بها أو جنرالات المقاهي الشعبية الغارق بين دخان " الشيشة " و بين شراء " المعسل الأصلي " بطعم التفاح وما يملكون من أختراعات وابتكارات، وليس من رجل " البزنس " الذي يتمكن من شراء ضمائر الجوعى أو أصحاب الوجوة التلفزيونية الذين يزاحمون على الظهور، كما وليس من الموظفين فهم عبيد المأمور... بل لا يوجد مانع من استثمارهم جميعا كمشجعين لتحميس الجماهير وفق الخطة العامة المدروسة والموضوعة وتغيّر الرأي العام لصالح اللاعب الحقيقي، فنحن جميعا في قارب واحد .