ليل غزة

عابد مخلص برزق

ترى هل يجيء الضياء بعد الظلام وهل تشرق الشمس بعد الغروب على قطعة من الأرض صغيرة جدا خيم عليها ظلام دامس  وغابت عن محياها شمس الصباح وغرقت في غيابات الظلم.

تلك الأرض التي لا تتجاوز الكيلو مترات ضُيّق عليها الخناق وصفّدت بالقيود ممن حولها.. حوصرت لثباتها وقوطعت لشموخها وصمودها في وجه الظلم والطغيان .

تلك الأرض التي نبذت من خانها وحاول تضييعها فأصبحت لا تضم إلى صدرها إلا من آمن بحبها ودافع عنها فغدت شعلةً تحرق الظلمة والطغاة في كل مكان حتى تحركوا لقتلها وخنقها بشتى الوسائل.

فالصهاينة قد أوقفوا إمدادها بالوقود ومنعوا عنها الغذاء وقطعوا عنها الدواء كل ذلك لأنها رفعت راية الحق والدفاع عن الوطن.

حتى تحولت إلى مدينة موحشة ليس فيها كهرباء فتوقفت الآلات في المشافي عن العمل وبدأت المنية تنال من مرضى هذا الحصار الظالم.

أمست غزةَ بلا غذاء حتى أخذ الأموات يتساقطون بسبب الجوع ويا لها من موته مؤلمة وقاسية.

أمست غزةَ بلا دواء فقد نفد الدواء من الصيدليات وأخلد المرضى إلى انتظار الموت.

وهاهم عملاء الصهاينة والأمريكان ممن فروا من أرض غزة يمنعون وصول الأموال إلى أبنائها فأمسوا بلا أموال لا يقدرون على شراء غذائهم ولباسهم وعلاج مرضاهم.

لكن ورغم ذلك ورغم هذا الظلم الذي تغرق فيه غزة وتعيش في ظلماته لابد لليلها أن ينجلي ولا بد لقيدها أن ينكسر ولابد لشمس الصباح أن تشرق فيها.

فغزة التي عجز الاحتلال عن السيطرة عليها ثم انسحب منها وحاول كسر إرادتها وإضعاف صمودها وفشل في ذلك لم تمت فهي حية تنبض بعروق أبنائها المجاهدين الذين صمدوا على أرضها وقاوموا عدوها.

هي ذا غزة تلد كل يوم بطلاً جديداَ ومجاهداً صنديداً ليقف في وجه من يحاربها ويهاجمها, وما معركة المغازي الأخيرة التي قتل فيها جندي صهيوني وجرح فيها سبعة آخرين إلا دليلاً على أن غزة لم تمت ولم تتأثر بحصار أهل الظلم لها بل زادها قوة وثباتاً وإرادة.

وهاهم أولاء أبطال غزة من أبناء القسام يتصدون لطائرات العدو الصهيوني في أول مواجهة جوية.

وسيأتي اليوم الذي ستأكل فيه الأرضة وثيقة حصار غزة كما أكلت وثيقة حصار شعب أبي طالب, فالله لن يضيع غزة وستصبح غزة منارة يهتدي إليها الضالون والحائرون.

فغزة لا ترقب موتاً أو انكساراً وإنها على موعد مع نصر قادم قريب بإذن الله (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ).