معايدة على الطريقة الأسدية

معايدة على الطريقة الأسدية

د.خالد الأحمد *

اعتاد المواطنون في كل دول العالم على صدور عفو بمناسبة الأعياد ، عفو يخفف بعض الأحكام ، أو يطلق سراح الموقوفين لأسباب سياسية ، والعيـد مناسـبة تجتمع فيها الأسـرة الكبيرة ، ويعايد الأولاد أباهم وأمهم ، وأشقاءهم وإخوانهم ، وخالاتهم وعماتهم ، ويمتلأ بيت الجـد والجـدة بالأحفاد والأسباط يلبسون الثياب الجديدة من أجل العيـد ....

أمـا العيـد على الطريقـة الأسـدية فشيء آخر مختلف تماماً ، العيد الأسدي اعتقال ، وتفـريق ، ونشـر الذعـر والإرهاب بين الأحفاد والأسباط ، عندما يأتون لمعايـدة جـدهم أو جـدتهم فلايجدونهما في البيت ، لأن وحدات الأمن الأسـدية التي تركت جواسيس إسرائيل يدخلون حتى ديـر الزور ، يمرحون ويسرحون ويصورون أنفسهم عند لافتات هامـة يعرفها القاصي والداني ، كوثيقة إثبات أنهم وصلوا حيث شاءوا في سوريا ، كما وصلت طائراتهم حيث شاءت ، أقول وحدات الأمن الأسدية من مخابرات عسكرية وغيرها ؛ تركت مهمتها الأصلية ، وانشغلت بالمواطنين ، بالمعارضة ، لأن النظام الأسدي سبق أن كرر آلاف المرات أن ( الرجعية أخطر من إسرائيل ) واليوم ، وبعد أن قضى على المعارضة الإســلاميـة ، وقتل وسجن وشـــرد عشرات الألوف ، صار ينادي ( المعارضة أخطر من إسرائيل ) لذلك تنشغل الوحدات الأمنية العسكرية بالمعارضة ، وتترك العدو الصهيوني يسرح ويمرح في سـوريا الأسيرة .

هكذا كانت حالة الشعب السوري المقهور في العيـد ، عيد الأضحى المبارك ، حيث يتابع السوريون حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة ، وأعياد الميلاد المجيدة عند المواطنين المسيحيين . فقد أثار اعتقال النظام السوري سبعة من قادة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي صدى سيئاً وآثاراً سلبية لدى المجتمع السوري بكافة أطيافه , وخاصة وأن اعتقال امرأة هي الدكتورة فداء الحوراني في شروط وظروف غامضة ومن مدينة حماة الّتي لم تندمل جراحها بعد , يعتبر بحد ذاته مخالفاً للشهامة العربية والأعراف الدينية  .

لقد عبّرت بعض الشخصيّات الإسلامية والروحية ومنهم فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم السلقيني المفتي العام لمدينة حلب , وفضيلة الشيخ جودت سعيد , وغيرهم من علماء دمشق الأفاضل , عبّروا عن استيائهم لهذا التوقيف غير المبرر وخاصة وأنه تمّ خلال عيد الأضحى المبارك وعيد الميلاد المجيد .

كان المواطنون في سوريا ينتظرون في العيد إطلاق سراح المعتقلين لأسباب سياسية ، من مفكري ربيع دمشق : مثل الدكتور عارف دليلة , والمفكّر والكاتب ميشيل كيلو , والمفكّر الأستاذ أنور البني , والكاتب محمود عيسى وغيرهم من الناشطين الديمقراطيين، والشباب الذين اعتقلوا على خلفية دينية أومزاعم سلفية تكفيرية ، وبعضهم أعادت السلطة الأسدية اعتقالهم بعد أن قضوا قرابة عقدين في السجون والمعتقلات الأسدية ، واتهمهم بالسلفية أو (الوهابية ) وهي حجـة صار النظام الأسدي العميل يطلقها على كل من يناهض انتشار التشيع في سوريا  .

إن هذا يعيد الأذهان والذاكرة الأليمة إلى أحداث ومآسي عام 1980 وما بعدها ومسبباتها , كما أنّ تمرير النظام عبر عملائه المقولة الكاذبة عن اتّصال هؤلاء القادة بالخارج إنما هو تدليس خطير وافتراء واضح , نحذّر من أن تكون دوافعها هو استمرار توغل السلطة في عملية القمع والاعتقال وإعطائها ذريعة الصفة القانونية الزائفة  .

 هذا هو النظام الأسدي ، يؤكد للسوريين ، وللعرب ،وللعالم ، أنه يأبى الإصلاح ، ولايصلح معه غير التغيير الجذري ، وإننا لمنتظرون ....

               

    * كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية