فاروق «الشرخ»

طارق حميدة

tariq_hamida@hotmail.com

ما أن يتحدث نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، في السياسة، إلا ويحدث شرخا في العلاقات العربية العربية. لغة فاروق الشرع السياسية لا تشبه الساسة أبدا، ولا تنتمي مفرداتها إلا إلى قاموس نجوم «الكوتشينة» من نظام صدام حسين البائد. ولذلك يستحق عن جدارة لقب فاروق «الشرخ».

ففي عرضه الأخير أمام اجتماع فروع الجبهة الوطنية التقدمية، تحدث فاروق «الشرخ» عن مسألة تقسيم العراق، ومعارضة بلاده وإيران وتركيا لها، حتى قال إن الدول الخليجية بما فيها السعودية لا تريد التقسيم حيث أن تقسيم العراق، بحسب الشرع، قد يقود إلى تقسيم المنطقة وبالتالي فإن «منابع النفط ستصبح خارج مناطق تحكمها الأسرة المالكة السعودية». هكذا بكل بساطة.

الشرع يتحدث عن مناطق تحكمها الأسرة المالكة وكأن المملكة العربية السعودية ليست كيانا سياسيا، ودولة، وشعبا. لغة مستهترة.. متعالية لا تشبهها إلا لغة طه ياسين رمضان، في مؤتمره الصحافي الأخير، قبل سقوط نظام صدام. يتحدث الشرع بهذا الشكل الفج عن دولة تعتبر نموذجا وحدويا لا شبيه له في المنطقة العربية كلها.

ما قاله فاروق «الشرخ» من غمز ولمز بحق السعودية، ليس الأول، ولا أعتقد أنه سيكون الأخير، لكنه لا يساعد بكل تأكيد على رأب الصدع بين الدول العربية. والقضية ليست فيما قاله عن السعودية قبل أيام، أو قبلها، فحديثه عن لبنان يظهر الفرق بين فكر الشرع، وبين ما يفعله السعوديون من أجل استقرار لبنان.

السعودية لا تنظر للدول العربية على أنها ساحة فوز وخسارة، ولا تريد أن تكون قوية في أي بلد، بل تسعى إلى استقرار لبنان، والعراق. والسعودية أول من حذر، ووقف عائقا ضد تقسيم العراق. ولو أن كل ما يعلم يقال لذكرت أسماء من سوف أروي عنهم القصة التالية، لكنني سأحترم اتفاقا بيني وبين مصدري.

قبل أيام روى لي مسؤول عربي عن تبدل قناعاته حيال تقسيم سيحدث في المنطقة. تقسيم تريده إسرائيل، وتباركه أميركا في كثير من الدول العربية. يقول المسؤول تغيرت قناعاتي بعد أن شرح لي زميل في بلد عربي مطلع على تفاصيل ما يدور في المنطقة حين قال لي:

«قبل عامين كان هذا الكلام ممكنا، لكن ما فعلته السعودية، وما تفعله سياسيا، جعل فكرة التقسيم مستحيلة، فالسعوديون وقفوا ضد فكرة تقسيم العراق، وفلسطين ولبنان بعمل سياسي متواصل وجهد كبير».

السعوديون لم ينجروا للعبة التحزب الطائفي، وسعوا لنزع فتيل الاصطدام مع إيران، ولم يصبوا الزيت على نار المواجهة بين طهران وواشنطن، ويسعون لاستقرار لبنان دون نقطة دم.

وهذا تصرف نظام سياسي سعودي رصين، ينطلق من أرضية دولة متكاملة تسعى إلى لم الشمل العربي، واستقراره، وقبل هذا وذاك دولة ليس في قاموسها ما يشبه لغة فاروق «الشرخ».