في الذكرى الـ20 لانطلاقة حماس

في الذكرى الـ20 لانطلاقة حماس:

غزة تشهد أكبر مهرجان تأييد في تاريخ فلسطين المعاصر

فلسطين مباشر - متابعات (محمد شمس)

سجّل الحضور الجماهيري الحاشد لمهرجان ذكرى انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" العشرين في قطاع غزة، السبت (15/12)، والذي اعتبر من أكبر المهرجانات التي جرت في الأراضي الفلسطينية، العديد من الرسائل السياسية، لا سيما فيما يتعلّق بشعبية الحركة، التي زعمت بعض استطلاعات الرأي المسيّسة تراجعها بشكل كبير.

 إلا أن حضور الأمواج البشرية إلى المهرجان، والتي قدّرت بمئات الآلاف من المواطنين من مختلف الفئات العمرية، أكد مدى ارتفاع القاعدة الشعبية للحركة، بالرغم من الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ستة أشهر، ومدى تأييد هذه الجماهير للخطوة التي قامت بها الحركة بإنهاء حالة الفلتان الأمني عبر القضاء على الإقطاعيات الأمنية التي كانت تسرح وتمرح في القطاع دون رقيب أو حسيب.

مصادر حركة "حماس" تؤكد بأن مهرجان انطلاقتها العشرين في غزة كان الأكبر منذ انطلاقتها على الإطلاق، بل إن هذا المهرجان هو الأكبر على الساحة الفلسطينية عبر التاريخ الحديث. وقد قدّرت وكالة رويترز وعلى موقعها الإليكتروني عدد الحشور بما بين 300 ألف إلى 500 ألف مشارك، فيما قدّر موقع هآرتس الصهيوني العدد بما لا يقل عن 300 ألف، وذهبت تقديرات وكالة الأسوشيتدبرس ورامتان إلى ما يقارب الــ 400 ألف مشارك.

استفتاء على سياسة الحركة وثباتها

ويرى العديد من المحللين السياسيين أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أكدت على وجودها في المعادلة السياسية، داخلياً وخارجياً، وأنه لا يمكن تجاوزها أو تهميشها، كما تحاول سلطة محمود عباس العمل على ذلك داخلياً.

كما يوضحون أن الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة منذ شهر حزيران (يونيو) الماضي حقق نتائج عكسية، حيث تأمل فارضوا هذا الحصار والداعمون له حدوث انقلاب شعبي على حركة "حماس"، لكن مهرجان الانطلاقة أثبت توسعاً ملحوظاً في القاعدة الشعبية للحركة.

وما يؤكد ذلك أيضاً ما سجّله المراقبون من أن المكان المخصص لهذا المهرجان المركزي الكبير والذي جاء بعنوان "فجر الانتصار من قلب الحصار" قد امتلأ بشكل كامل قبل ثلاث ساعات من بدئه، وأن المواطنين الذين قدموا بعد ذلك قد انتشروا حول تلك الساحة نظراً لامتلاء المكان.

المشاركة الكبيرة جداً في مهرجان الانطلاقة وجهت رسالة واضحة، كما يرى المحلل السياسي إبراهيم أبو الهيجاء، بأن حماس قوية ليست بسلاحها ولا عسكرها، ولكن بشعبيتها في الشارع الفلسطيني، كما أن تلك المشاركة هي رد على ادعاءات الذين قالوا إن شعبية "حماس" قد تراجعت وأصبحت عبارة عن أقلية مستبدة، كما يحاول فريق السلطة في الضفة الترويج له.

وأضاف أبو الهيجاء أن هذه الحشود الكبيرة والتي كانت من قطاع غزة ذاته، الذي يقع تحت سلطة حماس، يرسل رسالة بأن الروايات والادعاءات التي ادعت بتدني شعبية حماس هي روايات غير صحيحة وتحتاج إلى فحص وتمحيص.

واعتبر أن هذه المشاركة هي رسالة أيضاً لحماس في ذاتها بأن هذه الجماهير الملتفة حول ثوابتها وسياستها يجب أن تبقى عليها ثابتة وأن تحافظ على ثوابتها، مضيفاً أن هذه الجماهير تشير إلى نجاحات حماس الكبيرة على المستوى السياسي والميداني وبأنها نجحت في أن تجمع بين السياسة والمقاومة.

الحصار زاد من شعبية "حماس"

من جانبه؛ اعتبر الدكتور عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، أن هذه المشاركة والحشود الكبيرة في مهرجان "حماس" بغزة "تدل على أن الحصار لم يؤثر في عزيمة الفلسطينيين، وأنهم مازالوا على العهد ومتمسكين بمواقفهم".

وأضاف أن ذلك يدلل أيضاً على أن ما يروجه الإعلام العالمي والفلسطيني (الخاضع لسلطة محمود عباس) بتدني شعبية حماس ومحاولات رسم صورة سيئة عن غزة "ليس دقيقاً على الإطلاق، بل هو دعاية يهدف منها زيادة الحصار على القطاع، لكن واضح أن الناس على وعي تام بما بجري وأن لديهم الاستعداد لتحمل الألم والمعاناة والأحزان، وهذا يعطي زخماً وقوة كبيرة لحماس".

ورأى قاسم أن تجديد "حماس" لدعوتها بعودة الحوار الداخلي بدون شروط، يؤكد بأنها مع الحوار ولكن بعد أن يتحرر رئيس السلطة محمود عباس من الإرادة والأموال الأمريكية، معتبراً أن حماس "أوصلت رسالة بأن قوتنا هي التي تنفعنا وأن أحداً لا يكون قوياً إلا بشعبه وكل المحاولات لشراء الناس لن تجدي نفعاً".

وأكد أن مهرجان حركة "حماس" الحاشد أعطاها قوة من خلال دعوتها بعودة الحوار وأنها لم تغلق الباب، لكن في الوقت ذاته يجب أن يتحرر عباس من أخذ الإذن من أمريكا ودولة الاحتلال".

محاولات النيل من المهرجان فشلت

والمتابع لمجريات المهرجان والاستعدادات التي بدأت له منذ أسابيع؛ يلحظ مدى قدرة حركة "حماس" على تنظيم هذا المهرجان الضخم، الذي حاول المتربصون من أتباع التيار الانقلابي في "فتح"، الذي بقيت بعض ذيوله في القطاع، النيل منه.

إذ إن حادثة اعتقال اثنين من هذا التيار قرب ساحة الكتيبة في غزة- مكان انعقاد المهرجان- وذلك قبيل ساعات قليلة من بدء الفعاليات، وهما يحملان بحوزتهما عدداً من القنابل اليدوية، وهي من صنع صهيوني، يثبت مدى السعي الحثيث لهذه الجهات للنيل من هذا المهرجان.

وقد أكدت مصادر أمنية أن أجهزة الأمن المكلفة بحراسة وحماية ساحة المهرجان رصدت عنصرين "مشبوهين" يتبعان التيار الانقلابي المندحر في حركة "فتح"، وألقت القبض عليهما، ظهر السبت (15/12)، وتبين أنهما يحملان قنابل متفجرة صهيونية الصنع مضادة للأفراد، يبدو أنهما كانا ينويان إلقائها وتفجيرها وسط الجماهير.

وكان إعلام حركة "فتح" قد مهّد لتبرير أعمال تفجيرات محتملة في مئات الآلاف من الجماهير المحتفلة بانطلاقة "حماس". وزعم موقع "فلسطين برس" التابع لجهاز "الأمن الوقائي"، الخاضع لإمرة محمود عباس، وغيره من مواقع "فتح"، نقلاً عما أسمته مصادر أمنية إن حركة "حماس" تخطط لتنفيذ سلسلة من التفجيرات وعمليات إطلاق نار تجاه المشاركين في مهرجانها المركزي بغزة.

وأوضحت مصادر وسائل إعلام "فتح" أن "عناصر حماس قد تقوم بهذه التفجيرات في صفوف المشاركين معها في المهرجان للتغطية على ما أسمته "الجرائم التي ارتكبتها في قطاع غزة"، حسب تعبيرها.

إلا أن تمكّن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والشرطة الفلسطينية في حكومة تسيير الأعمال الشرعية بحفظ الأمن لهذا الحشد الضخم من المواطنين، وانفضاض المهرجان دون أي حوادث، يعد نقطة إيجابية تحسب للحركة، التي تمكّنت من إعادة فرض الأمن والأمان إلى القطاع بعد سنوات من الفلتان.