الخريف لورقة صفراء

الخريف لورقة صفراء

يسري الغول*

[email protected]

ألوان وألوان، لكل منها تفسير وتأويل، ولكل منها في بلادنا حكاية وقصة، ليس ذلك فقط، بل زد على ذلك الأمثال الشعبية التي نستعين بها في كلامنا وحديثنا. واللون في مفهومنا الإنساني هو تفسير للحالة الإنسانية القائمة التي يعيشها شخص ما، أو حتى تنظيم أو دولة ما، واللون يعطينا انطباعاً عن تلك النفوس وطبيعتها التي جبلت عليها، والموضوع الذي أريد به هذا الحديث هو أن لكل تنظيم في بلادنا راية، ولكل راية لون، ولكل لون حكاية، فحركة فتح ذات اللون الأصفر والراية الصفراء العاصفة، تعصف بها اليوم رياح الخريف فتوشك أن تسقطها كورقة ذابلة، تلك الراية التي كان يرفعها أبا جهل في حربه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهي نفس الراية التي تحارب راية أنصار النبي r وراية أصحابه اليوم، فحماس ذات الراية الخضراء التي كانت تحملها كتيبة النبي r يوم فتح مكة  والتي أدهشت أبو سفيان رضي الله عنه حتى أنه سأل في صيحة: سبحان الله يا عباس، من هؤلاء؟! فرد العباس بن عبد المطلب في عزة المؤمن: هذا رسول الله في كتيبته الخضراء، كتيبة المهاجرين والأنصار.

ولنعد مرة أخرى إلى تلك الراية الصفراء الجاهلية التي تعكر صفو المؤمنين والموحدين من خلال حربها الشعواء خلف أبو جهل وأتباعه، ونقول: ألم يحن وقت انتزاع تلك الراية، كي تحل محلها راية الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. ألم يحن قطاف تلك الورقة الصفراء الذابلة في هذا الخريف البائس، لتحل محلها ورقة خضراء قوية، يانعة، وأقول جازماً، بأنه ستأتي تلك اللحظة التي يحلم بها كل غيور على وطنه ودينه، وسيأتي الربيع لتينع الورقة الخضراء ذات الأصل الثابت والفرع القوي المرتفع في السماء.

فتح اليوم ومن خلفها الأبواق العلمانية والاشتراكية والقومية والجهات التي تنتهج نهج الخوارج تسعى حثيثة للقضاء على حماس والفكر الإسلامي الرشيد الذي يتمثل اليوم بجماعة الإخوان المسلمين المباركة، وفتح اليوم تعول على مؤتمر الخريف. تظن بذلك أنها ستجني أرضاً ما برح الاحتلال يعدهم بها منذ سنين، ولم ولن يتسنى لهم أن يحصلوا عليها لأن اليهود يحملون مشروعاً عظيماً، من النيل إلى الفرات، فكيف بهؤلاء القوم يرضون التنازل أو التفريط عن أي شبر من فلسطين. لذلك فإن فتح لن تجني شيئاً، وستخسر في هذا المؤتمر كل ما جنته من عمرها النضالي الطويل، ليس ذلك فقط بل إنها ستضيف إلى سجلها الهزيل من المفاوضات مهازل أخرى، حتى أنها ستصل في نهاية المطاف إلى التنازل عن قضايا ثابتة مثل حق العودة، و ذلك سيعجل بانتهائها، ولا زلت أقول أن ريح الخريف جاءت لأصحاب هذه الراية - الراية الصفراء ذات اللون صاحب الذباب وأطياف الحشرات الضارة –  لتُسقِط فتح كما تَسقط الورقة الصفراء في شهر الخريف.

ومن هنا فإنني أرى بأنه ليس لهؤلاء القوم سوى العودة الحميدة إلى الشعب، والى خيار المقاومة، لا أن يقفوا إلى جانب المحتل ضد قضيتهم وشعبهم ليظهِروا لأمريكا بأنهم عبيد يحسنون السمع والطاعة، وعلى أولئك السذّج الصغار الذين تلعب بهم موجات من  الأفكار العلمانية المريضة أن ينتبهوا جيداً إلى أن القادم خطير، وأن راية أبي جهل ستسقط أمام راية أهل مكة، وراية أهل الجنة الذي يحلون باللون الأخضر. وليعودوا إلى ربهم ووطنهم قبل أن يجرفهم التيار فلا يجدوا من يغيثهم، فيندموا ندماً شديداً وقت لا ينفع الندم.

وفي الختام، لقد انتهت فتح القوية الشريفة، انتهت وماتت لأنها تخلت عن رجالتها الشرفاء، وبقي بعض الذيول هنا وهناك، وستسقط عما قريب وستتناثر تحت أرجاء الشجرة الخضراء في فصل الربيع لأنها رضيت لنفسها بالذل والهوان.     

               

*عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين

غزة – فلسطين