خطيئة الأنظمة العربية أصبحت مطية لتخاذل الجميع

خطيئة الأنظمة العربية

أصبحت مطية لتخاذل الجميع

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

في القرن الماضي كان قضية العرب الأساسية هي فلسطين, والتي بدأت منذ وعد بلفور 1917 والذي أعطى ذلك الوعد المشؤوم الحق في إقامة الدولة الصهيونية على أرض فلسطين .

وكانت المقاومة التي بدأت في فلسطين وتكللت بالثورة الفلسطينية 1936 والتي لو استمر لها الدعم والإستمرار لكان المخطط الصهيوني فشل منذ ذلك الوقت.

وانتهى الإستعمار بوجوده العسكري على الأراضي العربية وخلف لنا موروثا ثقافيا جديدا على الأرض العربية في قيام الكيانات الوطنية المستقلة , وتعدد الوطن الواحد وأصبح بديلا عنه ثلاث وعشرون دولة .

وجرت بين تلك الدول المجزأة والكيان الصهيوني حروب رئيسية ثلاثة :

حرب ال48 والتي كان نتيجتها التقسيم , وحرب ال67 والتي أدت لضياع القدس وأجزاء كبيرة من الأراضي العربية , وحرب ال73 وكان من نتائجها خروج مصر من دائرة الصراع الصهيوني العربي .

وفي مطلع هذا القرن خسرنا بلدا يمثل العمق الإستراتيجي للأمة العربية والدعم القوي لها هو العراق .

وذهبت الحكومة الأردنية في اتفاق السلام الموقع بينه وبين الكيان الصهيوني .

وجعلت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني بعد أن كانت القضية الفلسطينية شاملة لكل العرب .

وبين فترات وأزمنة تلك المراحل كانت المساومات والضغوطات والسيطرة العسكرية المطلقة على الدول العربية المتمثلة في دول الخليج العربي بعد أزمة الكويت .

بالإضافة إلى تلك الأزمات كان الصراع المرير بين الأنظمة وبين شعوبها والذي أدى إلى تصفية الساحات العربية من الكوادر المفيدة والنافعة , عن طريق القتل والسجن والتشريد .

وأما م أعين الجميع المذابح المستمرة في فلسطين والعراق , وتهويد القدس وتدمير المعالم الإسلامية في فلسطين والمخططات الصهيونية لتنفيذ السيطرة المطلقة على فلسطين بكيان يهودي خالص خالية من أي معلم إسلامي فيها .

الحسابات المادية على الأرض , ذات المدلول الرياضي تقول :

والمعبرة عن إمكانية الأنظمة العربية في وقوفها المضاد لتلك المخططات الصهيونية والغربية تقول:

لايوجد مقارنة بين القوتين , وهم ضعفاء وليس بالإمكان أكثر مما كان .

وكما يعبر الكثير عن أن سورية هي الدولة الممانعة الوحيدة , ولو أن ذلك ظاهره وباطنه هو الكلام فقط , ولكن لو نظرنا للواقع من ناحية توازنية بين القوى .

ماهي إمكانية الدولة السورية المادية والعسكرية تجاه إسرائيل ؟

لوجدنا الجواب القاطع , لاتوجد مقارنة ويكفيها القول فقط وليس الفعل لأنها لاتملك فعلا , ويكفيها أن تحافظ على ماهي عليه .

هذه الأخطاء المتراكمة للأنظمة العربية , والمدعومة من القوى الشعبية لبلدانها , أوصلنا للنتائج التي نحصدها الآن وفي المستقبل .

معظم الناس تتباكى على فلسطين وعلى المسجد الأقصى وقبة الصخره , ولو يعلمون أن التركيز على هذا الأمر ليس إلا إلهاء الشعوب في التركيز على قضية المسجد ونسيان الأهم من ذلك بكثير .

لاأقصد من ذلك أن المسجد الأقصى ليس مهما عندي , أو عند أي مسلم في شتى بقاع الأرض , ولكن المهم هو دم المسلم وكيفية الحفاظ عليه , ورخص ثمن المسلم حتى عند المسلمين أنفسهم .

صحيح أن الأنظمة العربية تتحمل إثما كبيرا على ماآل إليه واقع الأمة من الوهن والذل وتدمير الممتلكات وهدم كيان الدول والظلم والتشرد والفساد والتخلف .

ولكن تتحمل الشعوب العربية والإسلامية إثما أكبر من ذلك بكثير , لأنها فقدت الثقة بذاتها , وفقدت مقومات الحياة , وفقدت التفكير واستسلمت لواقعها المر , وأصبح عنوان حالها يقول (مالقيصر لقيصر ومال الناس للناس ) المهم أن يبق الرأس سالما , بغض النظر , أكان الرأس منحنيا أم ساجدا .

الأنظمة العربية مختلفة في الشكل والمضمون , وهذا انعكاس لواقع الشعب العربي في تشتته واختلافه في الشكل والمضمون أيضا .

من أين نبدأ كشعوب عربية ؟

ولكي يعبر النظام عن أهداف شعبه , على الشعب مراعاة أمور وأسس وقواعد , ينطلق منها لكي يمثله النظام ولن يكون ذلك إلا:

1-أن يعي كل مواطن أن له حقوق وعليه واجبات ,لايمكنه التنازل عنها أبدا

والساكت عن الحق شيطان أخرس

2- كل مواطن مهما قل شأنه بالمجتمع , أن ينظر لنفسه أنه إنسان ذو تأثير كبير , وعنده الثقة بالذات عالية جدا .

3- على مفكري ومثقفي الأمة توحيد الجهود والخروج من الدائرة المفرغة والتي دأبوا عليها منذ زمن بعيد, في كيل الإتهام للطرف الذي يناقض رأيه , والسعي وراء ذلك, وضياع مبدأه في خضم تلك المساجلات ,والتي لاتغني ولا تسمن جوع .

4-يبقى شيء مهم عندنا ألا وهو :

انتزاع الحق والحصول على حرية العمل وإقامة التوازن بين الحرية الموهوبة لنا من الله تعالى , وبين تطبيقها على الواقع .

فلو استطعنا نزع الخوف من نفوسنا , ولم نركن إلى الإستسلام للواقع المذل والمهين الذي نعيشه , وشعر كل مواطن , بأن الحقوق لاتعطى مجانا وإنما تنتزع انتزاعا .

عندها لن يتجرأ النظام على ارتكاب الخطيئة تلو الخطيئة , ولن يسكت عن ضياع حق حتى يسترده , لأنه يعلم أن وراءه شعب لايرضى بالذل أبدا ولا يغفر خطيئة حاكمه .

يمكنني القول أن المذنب الأكبر هو الشعوب العربية , والتي جعلت من خطيئة حكامها حجة تتوارى وراءها , لتعبر عن خيبتها في تقويم منهجها وتقويم حاكميها .

فلو شعر كل مواطن بأنه مسؤول عن التردي كالحاكم ذاته , ماكانت إسرائيل تتجرأ على فعل ذلك وتحدي مشاعر المسلمين في العالم أجمع .