نهر النيل في دائرة الخطر

م. هشام نجار

اعزائي القراء

لقد كان احد هداف الكيان الصهيوني من شن الحرب الكارثه على الدول العربيه عام ١٩٦٧ هو السيطره على مصادر المياه المتوفره من المياه الجوفيه في الضفه الغربيه ومياه نهر الأردن الذي يبلغ طوله حوالي ٨٠ كلم ويتكون من ثلاثة روافد هي بانياس القادم من سوريا واللدان القادم من شمالي فلسطين وحاصباني القادم من لبنان ويفصل النهر بين فلسطين والأردن إلى ان يصب في مياه البحر الميت  . فجاءت هذه الحرب لتوقف مشروع تحويله والذي كان قد بدء في تنفيذه في اوائل عام  ١٩٦٧ بناءآ على قرار من مؤتمر القمه العربي أنذاك مما جعلهم يسيطرون على جميع منابع نهر الأردن وروافده العليا

نستطيع القول اعزائي القراء ان الكيان الصهيوني يريد توسعآ لأراض عربيه مع مياهها سواءآ كانت جوفيه او كانت انهارآ خالصة بدون شعوبها . فالحاجه للمياه لاتنتهي بل هي بتزايد مستمر فهي الحياة بوصف القرآن الكريم

فسرقة مياه اوطاننا تعني ببساطه  قتلنا وإبادتنا وتدمير حياتنا. ومن تأمل منكم عَلَم الكيان الصهيوني لوجد فيه شريطين ازرقين العلوي يرمز لنهر الفرات والسفلي لنهر النيل مرفوعٌ على سارياتهم وابنيتهم الحكوميه وسفاراتهم في العالم جهارآ نهارآ ,اي ان شعار هذه العصابه هو سرقة المياه امام أنظار العالم حتى آخر قطره تجري في شرياني هذين النهرين, ولقد كتبت مقالة منذ اشهر معدوده في حلقتين كان عنوانها "المياه والخطر القادم" اعطيت اهميه فيه لسرقة مياه نهر النيل نظرآ لنقاط الضعف العديده على هذه الجبهة 

  ولا بأس ان اعيد في هذه المقاله بعضآ مما كتبته آنذاك:"...باعتقادي ان اللص الإسرائيلي يملك اوراق قوه على جبهة مصر يستطيع من  خلالها ان يتسلل الى نهر النيل مع الأسف لإسباب عديده اذكر منها

   منابع هذا النهر موجوده في دول افريقيه عديده ضعيفه وطيّعه مثل اثيوبيا واغوندا وغيرهما وهي دول تستطيع إسرائيل والولايات المتحده ان تمارسا الترغيب والترهيب معها ببساطه تفهم منه مصر ان الغايه من ذلك عقد اتفاقية مياه مع إسرائيل لإيصال مياه النيل الى النقب بواسطة مواسير ضخمه تمر تحت قناة السويس وهو مشروع بالإمكان تنفيذه فنيآ

 اما السبب الثاني وهو مع الأسف الشديد وجود قياده مصريه قد لاتحتاج  إسرائيل الى بذل جهود كبيره عليها لتنفيذ هذا المشروع, بل اكثر من ذلك اتساءل أحيانآ بينى وبين نفسي اذا كانت هناك إتفاقيات سريه مع إسرائيل لتزويدها بالمياه إسوة بتصدير الغاز لها بسعر التراب ؟انا شخصيآ لا استبعد ذلك -الفت نظر القراء الكرام انه من سنوات قليله هددت اثيوبيا ووراءها سرائيل طبعآ بإقامة سد كبيرعلى اراضيها علمآ بانها لاتحتاجه ولكنها كانت رساله لمصر للإفراج عن ملف المياه  

الإخوه والأخوات

واليوم تبدو الصوره اكثر وضوحآ مما كانت عليه بالأمس بل اكثر قابلية للتنفيذ من أي وقت مضى للأسباب التاليه  

اولآ- إنكشاف النظام المصري من خلال العلاقه المتميزه مع الكيان الصهيوني   بحيث اصبح من الصعب إيجاد تبريرات للدفاع عن تصرفاته,فإلتزام النظام المصري ببيع الكيان الصهيوني للغاز المصري بأسعار تفضيليه ولزوم دخول الرأس المال الإسرائيلي بنسبه عاليه في المشاريع المصريه الحيويه وإغلاق بوابة رفح امام المواد الضروريه للمعيشه وامام تنقل الفلسطينين مما يوصف بإلإباده الجماعيه ولكن بدون إستخدام سلاح ناري والإتفاق على تفاهم مع الإسرائيلين على تصفية خط المقاومه كإستراتيجية لتحرير وطنهم مع بناء جدار معدني الغايه منه وضع عراقيل جديده امام الغزاويين لإغلاق اي شريان للحياة امامهم إضافة لمنع كل المساعدات الدوليه من الوصول لغزه كل هذه الدلائل ستسهل للكيان الصهيوني القفز على نهر النيل لجره للنقب متبعين سياسة الترغيب والترهيب مع النظام المصري

ثانيآ- تفكيك السودان وهي خطوه خطيره جدآ جدآ ستحقق للصهاينه السيطره على نهر النيل في ارض عربيه. فلقد كتب الأستاذ احمد الغريب في مفكرة الإسلام مايلي"ولا يخفى على أحد صعوبة الأزمة التي قد تواجهها مصر في المستقبل المنظور نظراً لما يتعرض له السودان من ضغوط دولية تصل إلى حد المؤامرة بتمزيق وحدة أراضيه وهو الأمر الذي يعد بمثابة أكبر خطر يتهدد الأمن القومي المصري في الوقت الحاضر ، خاصة أنه وإذا ما سقط السودان في بحر التمزق فإن الهدف الأول الذي سيسعي إليه الطامعين وعلى رأسهم  إسرائيل هو الاستحواذ على مياه النيل ، وهو الأمر الذي حذر منه أكثر من خبير وعلى رأسهم الدكتور رشدي سعيد عالم الجيولوجيا المصري الذي أبدى تخوفه من التحولات السياسية التي تحدث حاليا في جنوب السودان جراء النزعات الانفصالية، وما يمكن أن يسفر عنه الاستفتاء حول مصير الجنوب من إنشاء دولة جديدة مبديا قلقه من علاقات قد تربط الدولة المزمع إقامتها مع إسرائيل  

   رابعآ-التحركات الدوليه المشبوهة والتي تعتبر بمثابة خطه إحتياطيه تنفذ في حال فشل الغرب من تفكيك السودان وعدم تمكن النظام المصري من تأمين إستمراريه لنظامه بعد غياب الرئيس مبارك, تتلخص هذه الخطه الإحتياطيه

حسب ما اوردها الدكتور المصري علي الغتيت إستاذ القانون الدولي وأحد أبرز المحكمين الدوليين‏ من ان الأمم المتحدة تعكف على إعداد دراسه لإبتكار إتفاقيه دولية لتنظيم استخدام الأنهار في غير أغراض النقل‏,‏ وتنص علي تعريف دولة حوض النهر بأنها الدولة التي تقع علي النهر أو هي دولة ليست من دول الحوض‏,‏ ولكن تربطها بدولة من دول الحوض اتفاقيات مشاركة وتنمية اقتصادية‏,‏ وفي هذه الحالة تصبح كل دولة من دول الحوض لها حقوق في مياه النهر مثلها مثل الدولة التي تقع علي حوض النهر!!!‏

مارأيكم اعزائي القراء بهذا التهريج الدولي المفصّل على قياس علاقة النظام المصري مع إسرائيل, هل مر على العالم قديمه وحديثه عهرآ سياسيآ اكثر من ذلك, وماذا إذا جاء لحكم مصر نظامآ وطنيآ وهو قريب إن شاء الله والغى معاهدات التعاون الإقتصادي مع دولة التلمود , فهل بإستطاعة مصر إيقاف ضخ ماء النيل إلى مستعمراته ام ان تكبيلها بقيود هذه الإتفاقيات التي يعطوها صفة الدوليه ستبقى فى معصم مصر إلى يوم يبعثون؟  

 إخوتي وأخواتي

في يوم ٢ إيلول / سبتمبر الماضي قام افيجدور ليبرمان وزير خارجية الكيان الصهيوني بزياره خاصه جدآ إلى بعض الدول الإفريقية  تشكل تهديدا خطيرا لمستقبل مصر ، حيث يُعتبرهذا التحرك هو الأول من نوعه منذ ٢٥ عاما ويعد بمثابة تمهيدا لحرب المياه في الشرق الأوسط التي تبدأ في قلب القارة الإفريقية. بدأ الوزير الإسرائيلي بزيارة إثيوبيا وكينيا وأوغندا أولآ لأنها تشكل دول منبع النيل ،وجاء في الأنباء من ان ليبرمان مارس ضغطآ على إثيوبيا لبناء سدود على نهر النيل خاصة وأن ٨٠ بالمائه من المياه التي تجري في مصر تأتي من النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا.صحيح ان مصر تقوم بجهد متواضع بتمول حفر الآبار في كينيا لتنظيف البحيرات الأوغندية, ولكن إسرائيل تساهم في الوقت ذاته في بناء السدود في إثيوبيا وثلاثة مشاريع جديدة في أوغندا وهي بمثابة إغراءات تمارسها إسرائيل تتجاوز حدود المنافسة  الدبلوماسية مع مصر لأن الموضوع بالنسبة لإسرائيل هو الوصول إلى مياه النيل . نحن اليوم اعزائي القراء مع الأسف الشديد لسنا في موقف نقول فيه نسمح او لا نسمح, فلم يعد أعداؤنا يولون إهتمامآ لمواقفنا اللفظيه فالمكتوب ظاهرٌ من عنوانه, فحالة التفرقه والضعف والعماله تحكي حالنا للقاصي وللداني  

ليس المهم ان يقول النظام المصري انه لن يسمح بتحويل نهر النيل الى صحراء النقب المحتله,ولكن... اعزائي القراء متى سمحنا نحن العرب لإسرائيل بإحتلال فلسطين! ومتى سمحنا نحن العرب بتحويل نهر الأردن الى إسرائيل! ومتى سمحنا نحن العرب بتهويد القدس العربيه! ومتى سمحنا نحن العرب بإحتلال العراق وتحويل كل دول الخليج إلى حاملة طائرات أمريكيه

اعزائي القراء

 الكيان التلمودي يقترب من تنفيذ مخطط سرقة شريان الحياة لمصر وشعب مصر , ولا حل لوقف سرقته الا بتوحيد المواقف مع السودان للمحافظه على امن مصر فأمنها من أمن السودان, ولا حل لوقف سرقته الا بإستغلال كل  قطرة من نهر النيل في ارض مصر وليس بإستثمارها في البحر الأبيض المتوسط, وفوق ذلك  تفعيل إستراتيجية ثابته للأمن القومي العربي , ولكن مانراه اليوم مع الأسف هو إنشغال النظام المصري بإتحاف شعبه بتفاهات الحديث عن ضم مثلث حلايب تارة وإغار صدر الشعب المصري ضد الشعب السوداني مدعيآ وقوفة مع المشجعين الجزائريين اثناء مبارة كرة القدم بين الفريقين في الخرطوم, بينما عدونا يعمل على اكثر من جبهة في آن واحد من المغرب وحتى دبي , فمتى نعمل لمصلحة شعوبنا واجيالنا القادمه ومتى نحافظ على كرامتنا, ومتى ندافع عن عقيدتنا ومتى نحيل صحارينا وبوادينا إلى جنات خضراء ترويها مياه انهارنا؟

مع تحياتي