حرب واتا و طواحين الهواء
حرب واتا و طواحين الهواء
منير مزيد
نحترف الخطابة
و لغة البيان
و لا نعرف كيف نقرأ قصيدة...
نقف على المنابر
نطلق الصواريخ من افواهنا
اصابت المريخ و زهرة و زحل
و طالت الشمس في عليائها
و لم تقتل ذبابة او بعوضة...
حقيقة ، ما دفعني إلى كتابة هذا المقال هي حالة الحرب التي تستعد لها الجمعية الدولية للمترجمين و اللغوين العرب لخوضها ضد الولايات المتحدة الامريكية و قد استطاعت حشد العقول العربية لمجابهة حاملات الطائرات و طائرات الشبح و القنابل العنقودية و الصواريخ ... و تأكد الجمعية أن النصر أت لا محال واننا في الأيام القليلة القادمة سنحتفل معا في النصر المبين و بنفس الوقت تدعو الجمعية الشعب العربي بثورة برتقالية كما حدث في أوكرانيا، الا هناك اختلاف كبير بين الثورتين ، فالثورة البرتقالية في أوكرانيا قامت على اساس ترسيخ مفاهيم الحرية و الديموقراطية و عملية إصلاح في النظام الدولة لمحاربة الفساد و القضاء على الرشوة بتخفيض عدد المسؤولين في الدوائر العامة في أوكرانيا ورفع أجور أولئك الذين سيحتفظون بمراكزهم . اما الثورة البرتقالية التي تدعو لها الجمعية الدولية للمترجمين و اللغوين العرب فهي مغايرة تماما عن كل الثورات...ثورة حرب على الولايات المتحدة و حلفائها في العالم... و ترسيخ قمع الإبداع
و تسطيح العقل العربي و كأنه يحتاج مزيدا من التسطيح..
إلا أن السؤال الأهم من هي تلك العقول التي تتفاخر بها الجمعية الدولية للمترجمين و اللغوين العرب و حشدتها لحربها ضد الولايات المتحدة الامريكية...
هل هي نفس العقول التي اعتدت على قصائدي و حذفتها من متطرفين و عنصريين و مروجين لثقافة الموت أم العقول المريضة بجنون العظمة و باتت تعتقد واهمة أنها تستطيع فعل المعجزات...؟
و بدلا أن تتحول واتا إلى جمعية تساهم في ترسيخ الوعي عند المواطن العربي ، نراها تساهم في تسطيح و تجهيل العقل العربي بشكل سخيف مناف للعقل و المنطق و تدفع المواطن العربي بطريقة غير مباشرة إلى إنتحار ذاتي ، إرضاءاً لمجموعة لا تزال تعيش في كهوف طورا بورا...
ان حربنا الحقيقة ليست ضد الولايات المتحدة الامريكية ، و هذا لا يعني أن الولايات المتحدة الامريكية بريئة من جرائم كبيرة اقترفتها بحقنا ، إلا ان هناك الكثير من القضايا تكشف عمق المشكلات و التحديات التي تواجه الوطن العربي ، ويمكن تلخيصها بأن العرب يواجهون الآن تحديا مصيريا يتشعب في المجالات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و العسكرية و الثقافية ، يهدد كيانها بالتفكك و الضياع ويستلزم منا الوقوف عندها و تسخير طاقاتنا وإيجاد الحلول لها :
- الأمن الغذائي ، فواقع الأمن الغذائي في البلدان العربية وصل حد مرحلة الخطر و حسب مفهوم الألوان عند واتا ، يشير إلى اللون الأحمر القاتم. فالإنتاج لا يوازي الاستهلاك ، بسبب تزايد عدد السكان، فعلى سبيل المثال تستورد دول الخليج العربي أكثر من ثلثي احتياجاتها الغذائية.
ـ الأمية ، توقعت المنظمة العربية للثقافة والعلوم أن عدد الأميين في العالم العربي سيصل إلى سبعين مليون شخص خلال سنة 2005 ، وقد ورد هذا الرقم في التقرير الذي قدم في اجتماع مجلسها التنفيذي الأخير..
- تحديات التنمية البشرية و حجم المديونية في العالم العربي ، بلغت حجم المديونية 422 مليار دولار. اما بالنسبة الى الآثار السياسية للمديونية، فيلاحظ انها اكثر مدة من غيرها لأنها تعرض حرية صانع القرار السياسي الى مزيد من الضغوط والتدخل الأجنبي، ما يؤثر بالطبع في سيادة الدولة فتكون مثل الشرطي الذي يعطي تعليمات بتوجهات معينة يجب على الدول تنفيذها، وهو ما يشكل اختراقاً لسيادة الدولة التي هي في الاساس مخترقة..
اذن ، لا مناص من الاعتراف هنا بأن مشكلاتنا الكبرى لا يمكن مداولتها إلا باسلوب
العصر و لغته ، إذا أراد العالم العربي ألا يظل قابعا على هامش العصر ، أو لاهثا
خلف الأحداث و يتشدق بشعارات جوفاء تسهم في القضاء على أي بصيص امل
من اتشالنا من هذا النفق ، و اللغة المطلوبة هي لغة العصر و هي البحث العلمي
المربوط بأحداث اليومية و معضلاتها...
و ختاما ، اتمنى على واتا و على القائمين عليها الكف عن ترديد شعارات لا تغنى و لا تسمن من جوع بل تزيد و تفاقم من مشاكلنا و خاصة و أن الشعوب العربية اعتادت السكون، و بداخلها ميراث كبير من الخوف ، لم تجد يوماً حاكماً يكسر هذا الوهم.. ولم تجد يوماً عالماً أو مغامراً يتحدى ويصل إلى الناس.. يهدف إلى الحرية وإلى كسر حاجز الخوف.. دون أن يلقى مصيراً بائساً!.