نعم للخطوات الإيجابية

وفصل أحد عناصرها

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

في تطور مُلفت للنظر فصلت قيادة حزب التجمع القومي المُوحد لأحد عناصرها، والذي تطاول على الهامات العالية في المُعارضة الوطنية، وكان ذلك بعد أن أنهيت حديثي في البرنامج عن توحيد المعارضة في محطة ال ANNالإخبارية ، والذي تناول الفصيل الإخواني الاسلامي من المعارضة الوطنية، وكذلك تناول الأستاذ المناضل هيثم المالح ، بعدما حاول مُقدم البرنامج  جاهداً أن يُخرسه إلا أنه يبدو لم يكن لديه الصلاحيات لقطع الخط عليه ، ولأنه لم يكن مُتوقعاً لهذا النكرة من داخل حزبه أن يتجاوز قياداته ، فاستمر في غيّه وافتراءاته ، مما اضطرهم الى قطع البث عليه ، ثمّ حاولت جاهداً الإتصال للرد إلا أن الخطوط جميعها كانت مشغولة ، وفي اليوم التالي قاموا مشكورين بالإتصال بي لإكمال ماانتهينا منه بالأمس ، فاعتذرت من الإجابة عن السؤال الموجه لي قبل أن أرد على هذا الأحمق الذي لايعرف كيف يقرأ الأحداث وتطورات المرحلة ، وعلى إثر ذلك صدرت من التجمع القومي الموحد أربع  بيانات من قياداتها ، الأول يشجب مافعله الأبله  ، ثم تبعه البيان الثاني بمحاكمته، والثالث بفصله من حزبهم وطرده واتهامه بالعمالة للمخابرات العسكرية السورية ، والرابع بقرارمنع أي شخص بالتطاول أو السباب لأيّ كان ، وهذا ما اعتبرته موقفاً ايجابيا باتجاه توحيد المعارضة وإليكم التفاصيل)

فعلى إثر الإتصال الذي كان منقطع بيننا منذ أشهر مع محطة ال ANN بعد أن تجاوز بعض المتصلين في تلك الفترة على رموز المعارضة وكتابتي لمقالة " مايؤسف له" والتي على إثرها انقطع التواصل بيننا، فكان هذا اللقاء وعلى مدار حلقتين متواصلتين حول فكرة توحيد المعارضة

فرحبت بمُقدم البرنامج الإستاذ ممتاذ الخلوق ، وأجبته بأن فكرة تناول توحيد المعارضة  جيدة،لأنه لايمكننا أن نواجه نظام الطُغيان والجبروت والإرهاب إلا اذا اجتمعنا، ونسينا أحقادنا وراءنا واتفقنا على فتح صفحة في العلاقات قائمة على البرامج التي تُحقق لنا التعايش السلمي بأبهى صوره ، وأنصع حلله ، مُبتعدين عن التناحر بيننا ، لتكون غايتنا ازالة الكابوس -النظام السوري- لنلجمه ونُحجمه ونقتلع شروره من جذورة ، مُتخذين في ذلك مثلاً  بحركة 14 أذار اللبنانية للإحتذاء بها ، عندما اجتمعت برغم الدماء التي كانت بين أطرافها ، مؤثرين مصلحة البلد عن الخلافات الشخصية والضغائن والأحقاد القديمة، لأنها تُعمّق الجراح ، فتوحدوا على  طرد الشيطان " النظام السوري" من بينهم وعادوا لصوابهم ورشدهم وتآلفهم من بعد خصام شديد وعنيف، حتى صار هذا النظام كمثل الفتانه التي توقع بين الناس ، لتفُرقهم ويتعلقوا بها ، فتنجح حيناً ثم سرعان ماينكشف أمرها فتصبح منبوذه مكروهة، وكذلك هذه الأسرة الحاكمة صارت بينهم منبوذاةً كما انتُبذت في الداخل السوري وعربيا وعالمياً ؛ بعدما انكشف أمرها ، وبان بأنها وجه المصائب في كل مايدور في المنطقة من البلاوي، وأنها هي من  تزرع الفتنة بين الطوائف اللبنانية والأحزاب السياسية ، وهي التي قتلت وسجنت وأخفت وسحقت الناس لهذا الهدف ، واستخدمت سياسة فرق تسد لتبقى مُسيطرة على لبنان، ولما انكشف الغمام عن الأعين ، أُزيلت عبر انتفاضة شعبيه عارمة ؛ تناسى فيها الفرقاء الأحقاد وتساموا فوق الجراح لمصلحة الوطن، ونجحوا في طرد شيطانهم  ودحره

وهكذا علينا نحن في المعارضة السورية أن نكون وأن نجعل توجهنا باتجاه هذا النظام المُستبد لإزالته ، علينا أن نتجاوز مرحلة الماضي ولنتطلع الى الأمام والى المستقبل ، ومن غير المعقول أن يكون الوحش أمامنا ونحن نتعاتب فيما بيننا على التعدّيات التي كانت،وفي مثل هذه المواقف العصيبة يستدعي الأمر النسيان لمواجهة  الخطر الداهم ، وفيما بعد سيكون النسيان بقدر التضحيات التي سيقدمها كُلٍ منّا نحو الأخر ،وبقدر المصداقية في المواجهه ، والتفاني لمصلحة الوطن الغالي ، سيكزن النسيان حتمي كما فعل الأشقاء الأحرار في لبنان.لأن الخلاف بين المعارضة لايستفيد منه الا النظام

ولكي لاأبتعد كثيراً عن الواقع فأقول :  لو أنّ النظام القمعي المُستبد دعانا الى التصالح مع كل مافعله من انتهاكات فهل سنقبل أم لا ؟ لاشك سيكون الجواب بالإيجاب ضمن شروط لمصلحة الوطن وسنتجاوز لتقليل الأضرار عن المواطن الذي يئن من تسلط هذه الطغمة ونسبة الخسائر

وتكلمت بكل صراحة عن  العلويين من أنهم ليسوا بمعظمهم مع النظام ، وأنّ الكثير منهم متضرر من بقاءه ، وأن مُعارضتهم مقموعة مثل باقي فئات شعبنا ، بل عقوبتهم مضاعفة في كثير من الأحيان كما الدكتور نعيسة وغيره

ثمّ شبهت وضعنا وتفرقنا ومعارضتنا وذهنيتنا الى التوهان مابين ذكريات الماضي وما نعيشه في هذا الحاضر ، وأن مشكلتنا تكمن في عدم تغلبنا وتجاوزنا على مُخلفات الماضي وسيرنا الى المستقبل ، وأنه لا خيار امامنا سوى طريق الأمل وزرع المستحيل للوصول للغايات الحميدة ، وأنه يجب علينا أن نكون يداً واحدة للتخلص مما يتهددنا في الوقت الحاضر ويمنعنا من التطلع الى الأمام والى الأفاق

وبإشارة واضحة الى الطرف الآخرمن المُعادلة ، أنّ عليه أن يتفهم إشكالات المرحلة ،ويحاول ان يلج الى هنا وهناك بهدء وذكاء وروية وبالخطاب الحسن ، الذي يدفع بالتي هي أحسن ، حتى تستقيم الأمور ، ونحن نعلم أنّ هناك الكثير من المُعطلين الذين لايجوز الإلتفات اليهم ، بعضهم من المدفوعين من السلطة الغاشمة ، والبعض الأخر ممن يصعب عليهم فهم المرحلة

وختمت حديثي باللقاء الأول : بأن هناك جيلاً أخر ظهر الى عالم الدنيا ، لم يكن فيهم وبينهم من مشاكل أو تناحر ، وهم أبنائي وأبناء جميع الشعب السوري ، وممن لم تتلوث أياديهم بالدماء والصراع، وأنه لايجوز أن ننقل لهم ماجرى بيننا من الخلاف ليتوارثوه ، ليستمر نزيف الدم الى غير نهاية ، بينما خصمنا "النظام" المجرم يتطلع الى تفرقنا واختلافنا بعين الرضا ، بل ويمد خلافاتنا بالوقود ليزيد اشتعال النيران فيما بيننا ، فليس علينا إلا أن نُسارع للدعوة الى الحوار والتلاقي لمواجهة المرحلة الصعبة ولنتفاهم على المرحلة المقبلة ، وعلى مستقبلنا كيف نصنعه بايدينا وايدي شعبنا ، بحيث لايستبعد فيه أيّ مخلوق سوري او فئه بالداخل وبالخارج ، فنشجع الداخل على المواجهه ، ونحن علينا ان نحميه ولن يكون ذلك الا بتضامنا جميعاً ، ووقوفنا الى جانب بعضنا البعض

بعد الإنهاء من مُداخلتي ، تحدث الأخرون  في هذه الحلقة من بعدي ، وجميعهم أثنو على كلامي ، بل ووجدت حماسا بهذا الإتجاه مُنقطع النظير، إلا واحداً تناول الأخوان وطلب اعتذار المرشد عن أحداث الثمانينيات ، وتطاول على الشامخ هيثم المالح ، فحاولت الإتصال للرد عليه ولكن كانت جميع الخطوط مشغولة ، ولم أتمكن من ذلك

وفي اليوم التالي اتصلت بي محطة ANN مشكورين وطلبوا مني مواصلة الحديث الى ماانتهينا اليه ، وكان السؤال عن برنامجي الإنتخابي الرئاسي لحل الإشكالات العرقية والطائفية ، وتلبية حاجات المجتمع ، فلم أُجيب عن السؤال قبل الرد على متحدث الأمس ، الذي تطاول على الشامخين في المُعارضة ، والذين كانوا الأكثر تضحية من غيرهم والأكثر مُعاناةٍ وألاماً وقهرا، ، وأن ماجرى من أعمال العنف لم يكن للإخوان يدٌ فيها ، وانما هي مابين النظام والطليعة المقاتلة التي لاتمت بأي صلة مع تنظيم الأخوان المسلمين؛ الذي استنكر كلّ هذه الأعمال في حينها ، وأدان حادثة المدفعية ببيان رسمي لازلت أحتفظ بنسخة منه ، والذي لم يشفع لهم ذلك ليُزجوا في معركة لاناقة لهم فيها ولاجمل ، وقلت من المُعيب أن يُسمح لهذا المتداخل بتناول المرشد ، مُطالباً إيّاه بالإعتذار عمّا لم يكن له ولجماعته دخل فيما جرى ، بل كانوا جميعاً المجني عليهم ، لأنه تم الخلط بينهم وبين الأخرين

ثم دافعت عن الإستاذ الكبير هيثم المالح الذي لاأعرفه وأُكن له كل الإحترام ، لأنني أعتبره العملاق الصلب المقاوم في وجه الطغيان ، وأنّ علينا أن نشكره على مواقفه الشجاعة، ونشجعه على الثبات ، ونسأل الله أن يمُدّ بعمره ليلقى ثمرة تضحياته في الدنيا والأخرة إن شاء الله

ثمّ دحضت مالفقه المُتداخل على عالم الإسلام إبن تيمية ، الذي كان شيخ زمانه ، وكانت بعض فتاويه التي أُعتبرت نارية مُلائمة لذلك العصر، وهو لم يهادن الطغاة ولم يُجاريهم لذلك مات شهيداً بين جدران السجن

ثم تابعت حديثي عن فكرة توحيد المُعارضة ووجوب التنسيق مع الداخل والخارج وكل القوى الفاعلة لمنع الطغاة من ايقاع الاذى بأي فرد من أبناء شعبنا المُصابر ، وإفهامهم أن جرائمهم لن تمرّ بعد اليوم بلا عقاب ولا مُحاسبة ، ولا حتى الإعتقال التعسفي بات مقبولا، ولا المُحاكمات الجائرة ممكن السكوت عنها، والتي تصدر اسبوعياً على العديد من الأحرار مابين الست والإثنا عشرة سنة ، بتهم واهية لاتستند الى قانون سماوي أو أرضي أو الى شريعةٍ سوى شريعة الغاب

وقبل أن أنهي  حديثي أكدتُ عن ضرورة توّحد المعارضة واجتماعها على كلمة واحدة ، لنبني سوريا الحرّة والكرامة والعلم والحرية وسوريا المُهابة وليست الإرهابية ، وسورية المتضامنة مع العرب والمسلمين وليست التي تستجلب العداوات والأزمات معهم ومع غيرهم ، وتتحالف ضد مصالح أُمتنا ، وتفتح بلادنا للأذناب والأتباع والحُثالات لتتخذ من بلادنا الطاهرة منبراً يهاجم الأشقّاء ويسمح لهؤلاء التطاول على الحكومة الشرعية اللبنانية المنتخبه والحكومات الاخرى

وختمت حديثي  عن مطالب المعارضة والأحزاب السياسية والمجتمعية المدنية والإنسانية المشروعة من السلطة الغاشمة ، بأن تكون منفتحة للحوار ، تمهيداً للانتخابات الحرّة والنزيهة واشاعة أجواء الديمقراطية وتبييض السجون ، وعودة المنفين من بوابة الوطن الأوسع وليس عبر البوابات الأمنية ، وتبييض السجون من كل معتقلي الرأي ، والتعويض على المتضررين ، وإلغاء حالة الطوارئ والقوانين الإستثنائية والمحاكم والأحكام الجائرة ، ورفض التبعية لحلف طهران ، والتمسك بالأحلاف الإستراتيجية العربية والإسلامية، وبناء جسور الثقه مابين الحاكم والمحكوم ، تمهيداً لانتقال السلطة السلس لمن يختاره الشعب دون الداعي لإراقة الدماء، والاجتماع الى طاولة الحوار الوطنية لتلافي تبعيات الماضي ، ليسلم بلدنا وشعبنا من أي خسائر تضر بالوطن وأبنائه

وفي اليوم التالي ، وبنفس البرنامج ، وصل الى مقدم البرنامج عدّة بيانات ، أُزيعت بأسم التجمع القومي الموحد

الاول محاكمة أحمد سباهي الذي خرج عن الخط وتطاول على المُعارضة والأشخاص والهيئات في محكمة الحزب لتعديه لسياسة الحزب وتجاوزه للخطوط الحُمر

الثاني بعد قليل بفصل أحمد سباهي من حزب التجمع واتهامه بالتعامل مع المخابرات العسكرية السورية

وبعد قليل الثالث بمنع أياً كان بالتطاول أو التجاوز أو السماح لأي كان من اتخاذ منبر ال ANN للتطاول والسباب والشتائم  على الأخرين ومنع المندسين وقطع الخطوط عليهم ، وكل هذا اعتبرته إشارات ايجابية يجب الإشادة بها ، ولم يكن ذلك بفعل تأثير كلامي وإنما لقناعة ذاتية لدى الحزب بهذا الإتجاه.