الخروج من الواقع الحالي للمعارضة السورية
والصيغة البديلة
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
يتوهم الكثيرون من الناس في انعدام وجود البديل للنظام السوري وافتقاد القوى التي تريد التغيير في سورية الإمكانيات اللازمة لذلك البديل . والمتمثل في ضعف المعارضة السورية وتشتتها واختلا ف مشاربها الثقافية والحزبية والإيدولوجية .
لمناقشة ذلك علينا أن نمشي خطوات قليلة إلى الوراء ومن بعدها يمكن أن نغوص بعمق في التكوين الممكن إنجازه فيما لو كانت قيادات المعارضة صادقة في توجهها المعلن والمسجل في أهدافها وإديولوجياتها المختلفة .
في السبعينات من القرن الماضي ومنتصف الثمانينات اعتمدت بعضها أسلوب التغيير بالقوة عن طريق محاربة النظام وجها لوجه .
وكانت النتيجة دماء بريئة كثيرة أرهقت وكوارث بشرية مازالت آثارها وجراحاتها موجودة في الزمان والمكان والنظام لم يكف عن أسلوبه المعهود في البطش والقتل والتعذيب والسجون .
والوضع الإقتصادي في تدهور مستمر والبطالة تزداد يوما بعد يوم والثروة تركزت بأيدي حفنة من النظام والمحسوبين عليه .
وتشكلت أحزاب وجمعيات ومنتديات كلها تنادي بالإصلاح والتغيير .
وقد استعمل النظام واستخدم جميع الوسائل الممكنة لديه , في قمع تلك الأصوات وإسكاتها مهما بذل في سبيل ذلك من موارد الوطن المادية والتي تنعكس سلبا على دخل المواطنين من ذلك الإنفاق .
ويستخدم في التأثير على الشعور العام والخاص في الداخل والخارج ,لاتفكروا بالبديل فالبديل قادم مظلم مدمر لكم وللوطن فهذا العراق أمامكم , والوطن بخطر إن لم تكونوا مع هذا النظام الإستبدادي .
المعارضة وقفت كلها تقريبا موقفا واحدا وتبنت ايديولوجية واحدة وهي :
لا للتغير بالقوة
لا للتغيير بالإنقلابات
لا للتغيير بالتعاون مع عدو خارجي .
وتبنت أيضا معظم أحزاب وتكتلات المعارضة السورية
الدولة المدنية والمواطنة والأسلوب الديمقراطي في المرحلة التي تعقب التغيير .
مع التأكيد على أن يتم رفع الأحكام العرفية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وقانون ال49 والسماح بحرية تشكيل الأحزاب السياسية .
الأحزاب الشمولية والإسلامية والليبرالية كلها تبنت النهج السلمي الديمقراطي في التغيير , مع وجود الكثير من الأشخاص المشككين في تبني ذلك النهج الديمقراطي لفئات وأحزاب وجمعيات من المعارضة كانت لاتؤمن بالعملية الديمقراطية ولا بتطبيقاتها المختلفة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية .
هنا يكمن السؤال المهم:
هل المعارضة بإمكانياتها العلمية والثقافية والسياسية وكوادرها المختلفة قادرة على أن تكون بديلا للنظام المستبد في سورية ؟
وهل لها القدرة في حال التغيير على منع الكوارث الإجتماعية التي يحذر منها النظام في حال نجاح المعارضة بإزاحة ذلك النظام ؟
إن قوة فصائل المعارضة السورية موجودة في توحيد أجندتها المتنافرة فيما بينها والوصول لأجندة مشتركة بين الجميع .جدول عمل مفهوم وله تطبيقات على الواقع الملموس , وليس بالكلام فقط .
الدولة الحديثة بمفهوم المعارضة السورية
1-تشكيل القيادة السياسية والمتمثلة بقادة الأحزاب والمنتديات والجمعيات
2 – مهمة القيادة السياسية تشكيل لجنة لكتابة مسودة دستور للبلاد من المختصين والخبراء القانونيين والسياسيين وذوي الإختصاصات المطلوبة لكتابة مسودة الدستور .
3-بعد كتابة الدستور يطرح للتصويت بمشاركة عناصر المعارضة في الخارج, والداخل عن طريق استطلاع الرأي في المواقع العنكبوتية .
4- تنتخب القيادة السياسية رئيسا مؤقتا لها يكون ملتزما بنص الدستور الذي تم اعتماده .
5- تتقدم القيادة السياسية بمشروع عمل حكومي يتم طرحه على الجمهور المعارض العلني والمخفي لتبيان أهمية المشاريع التي ستتبناها المعارضة في حال سنحت لها الظروف وتمكنت من الإطاحة بالإستبداد .
فلو استطاعت المعارضة السورية تحقيق النقاط المذكورة آنفا , تكون بذلك قد خطت خطوات كبيرة إلى الأمام , وتساعد على الخروج من عقدة النقص الذي ذرعها في النفوس أعداؤها , أو المقتنعين بداخلهم
لا تملك المعارضة السورية بديلا للنظام المستبد
لقد أصبحت كتابات ومواقع المعارضة السورية مواقع عزاء ومؤاسات ومنظمات حقوق الإنسان والتنديد باعتقال أعضائها وغيرهم من المعتقلين ومحاربة الفكر وعلى النية والتي يمارسها النظام .
هؤلاء المظلومين والمقهورين والمشردين لايريدون من المعارضة السورية التنديد أو المواساة أو العزاء
يريدون عملا حقيقيا على أرض الواقع , يريدون دليلا على صدق نوايا المعارضة وأهدافها وأجندتها .
وأنها البديل المنقذ للوطن وليس ذلك الطوفان المدمر والذي إذا جاء, تحولت البلاد لحروب أهلية لا يعلم عواقبها إلا الله