نُشِرَ سابقاً

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ

(3)

د. محمد بسام يوسف*

[email protected]

(توماس فريدمان) والأخلاق الأميركية الحقيقية!.. (نُشِرَت في 23/2/2003م)

الصهيونيّ الأميركيّ (توماس فريدمان)، يمثل أحد منظّري السياسة الأميركية العرجاء، وأحد أساطين الحقد والاستعداء ضد العرب والمسلمين.. ولولا جهل قرّائه (الأميركيين منهم) بشكلٍ خاص، ولولا استخذاء بعض الزعامات العربية والمتأمركين من المثقفين المسلمين.. لما استطاع (فريدمان) هذا، أن يجد لكتاباته التي ينفثها عبر صحيفة (النيويورك تايمز).. أي صدىً يُذكر!.. ليس لأنها كتابات تمتلئ حقداً وغطرسةً وعنجهيةً فحسب.. بل لأنها من النوع المتناقض الغبيّ.. فهذا الصهيونيّ اليهوديّ يسوق -دائماً- أدلّته الغبية على ما يبوح به من حقائق مزعومة.. من غير أن يدريَ بأنّ أدلّته تلك -عند خضوعها لقليلٍ من التمحيص- لا تشكّل، سوى أدلةٍ على جهله وغبائه وغفلته!.. ولعلّ الجهل العارم الذي تتمتع به الإدارة الأميركية (بزعامة بوش) ورجالها هذه الأيام.. هو أحد المظاهر المنعكسة عن فكر (فريدمان) وأمثاله، من منظّري الشرّ والخراب الأميركيّين!..

يزعم الخبيث (فريدمان)، [أنّ فريق الرئيس الأميركي (بوش) يمتلك مبرّراً قوياً، لشنّ حربٍ على العراق واحتلاله والسيطرة على نفطه، لكن ذلك يجب أن يترافقَ مع طمأنة العالَم، بأنّ هذا الاحتلال وتلك السيطرة على مصادر النفط، إنما هي لتوفير الإمدادات النفطية لشعوب العالم كله بأسعارٍ معقولة، وليس لاستمتاع أميركة وحدها به]!.. ويجب على الولايات المتحدة -كما يزعم فريدمان- [أن لا ينتهي بها المطاف -عندما تحتلّ بغداد- إلى منح الشركات الأميركية النفطية وحدها، امتيازات التنقيب عن النفط مجاناً في محطة الوقود التي تُسمى العراق!.. لأنّ أميركة إن فعلت ذلك.. فإنّ العالَم سينظر إليها، على أنها تمارس قضيةً غير أخلاقية]!.. (نيويورك تايمز-5ك2/2003م).

أي إنّ وقوع النفط العراقيّ في أيدي أميركة التي ستحتلّ آباره.. خيرٌ وحلال!.. أما أن يكون النفط بأيدي أصحابه العراقيين، فهو شرٌ وحرام!.. لذلك فإنّ أميركة تريد تحرير العراق من احتلال أهله له، وتحرير نفط العراق من سيطرة أصحابه عليه!..

احتلال العراق وسرقة نفطه وآباره وثرواته لحساب أميركة فحسب.. أمر غير أخلاقيّ.. أما احتلاله وسرقة نفطه لحساب أميركة، وحساب أصدقائها من دول الغرب.. فهو أمرٌ أخلاقيٌ لا غبار عليه!..

النفط بأيدي أصحابه العراقيين أمر خطير وخطره داهم.. أما السيطرة عليه من قبل قطّاع الطرق الأميركيّين.. فأمرٌ من شأنه أن يزيل الخطر الذي يُهدّد العالَم!..

هذا هو الفكر الصهيونيّ اليهوديّ الخبيث المنحرف، الذي يُحرِّض الإدارة الأميركية، ويُنظّر لها سياساتها الحمقاء الظالمة.. وهذه هي الأخلاق الأميركية الحقيقية: غطرسة ولصوصية، واحتلال واستيلاء على مقدّرات الشعوب ونهبها بوضح النهار!..

لا يكتفي المجرم الصهيونيّ الأميركيّ (فريدمان) بذلك.. فعنده دائماً المزيد من الوقاحة والأفكار اللئيمة.. وهو يحثّ الإدارة الأميركية على مصارحة شعبها، بأنّ [الحرب على العراق واحتلاله، ليس من أجل خرافة أسلحة الدمار الشامل، بل لتحرير العراق من نظام حكمه!.. لأن الشعب العراقيّ يستحق أن يكون حراً]!.. وأنّ [احتلال العراق يجب أن يستمرَّ لسنوات، بهدف إنشاء دولةٍ متقدمةٍ فيه، تشجّع على إجراء إصلاحاتٍ في العالَمَيْن العربيّ والإسلاميّ، تتماشى مع وجهة النظر الأميركية للإصلاح، حتى لا تواصل هذه المنطقة تفريخ شبابٍ غاضبين، يتحوّلون إلى أسلحة دمارٍ شامل، عند التحاقهم بالتيارات الراديكالية]!.. (نيويورك تايمز-19 من شباط/2003م).

الشعب العراقيّ الذي فَقَدَ أكثر من مليونين من أبنائه، بسبب عدوان أميركة عليه وحصارها الظالم على شعبه.. يستحق -برأي المجرم فريدمان- أن يحرّره الجلاد الأميركيّ الأثيم نفسه!.. والقضية ليست أسلحة دمارٍ شاملٍ كما يعترف.. بل قضية فرض نظامٍ أميركيٍ بالقوة والسيطرة على الثروات، وبفرض الثقافة الأميركية، لمنع نشوء أسلحة دمارٍ شاملٍ حقيقية، تتمثل في الشباب المسلم الغاضب!.. غاضبٍ ممّن؟!.. من أنظمة حكمه فحسب، وليس من أميركة رأس الشرّ أيضاً!..

(فريدمان) هذا.. بعد أن يفضيَ بكل أفكاره الخبيثة بكل هذه الوقاحة.. لم يكمل لنا حكاياته المملّة، بأنّ أنظمة الحكم التي تفرِّخ منطقتنا بسببها شباباً غاضباً.. إنما هي -في معظمها- من صنع أميركة!..

(فريدمان) اليهوديّ، يراوغ ويداور عندما لا يعترف بأنّ هؤلاء الشباب الغاضبين، لم يولَدوا إلا رداً شرعياً مباشراً، على السياسات الأميركية القهرية الظالمة تجاه العرب والمسلمين، تلك السياسات التي يُنظِّر لها ويُعدّها ويُقدّمها هذا الغبيّ مع أمثاله من المنظِّرين، لصالح إدارة بلده الأشدّ منه غباءً وحماقةً، وستُبدي لهم الأيامُ صوابَ ما نقول!..

              

*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام