حماس وتجربة الحكم
عبد مقدسي
· هل تورطت حماس في الحكم؟
· هل فقدت حماس قاعدتها الشعبية مصداقيتها النضالية ؟
· حينما وافقت على دخول التجربة الديمقراطية ؟
· أم انها استفادت بالقدر الذي أرادته من خوض هذه التجربة ؟
ضمن فلسفة التغذيات الراجعة في نقد الذات ... قد يتيح لنا المنطق الموضوعي أن نتساءل – في حرص ووعي ، لا تشكيك وشماتة - عن نتائج التجربة السياسية التي خاضاتها الحركة الإسلامية في فلسطين - خلال عام ونيف - .. لنقف وقفة متأن ، يستخلص العبر ويرتب الأوراق مقارنا ومفندا ، مقربا ومستثنيا .. علنا نقدم - في منتصف الطريق - بعض أبجديات الإنعاش في تجربة التغيير والإصلاح الشامل ، بعدما أصيبت ببعض الوعكات المبلبلة - أو نعيد بعض جدر الذات المترنحة أمام ضغط الواقع ، أو نثمن - إن جاز لنا أن ننظر للواقع بغير العين التي يصور بها العالم . ما الت اليه التجربة التي عبر عنها عند حدوثها بالزلزال الحمساوي ؟
ربما تمنى البعض على الحركة الإسلامية أن لو أنها نأت بنفسها عن مستنقع السياسة العفن ، وبقيت في المربع الطاهر الذي حفظ لها ديمومة التميز ؛ مربع المقاومة والاستشهاد مربع العياش والياسين - مفترضين تحولا في مسارات الحركة بعد ذهاب قيادات الصف الأول أمثال الرنتيسي وياسين " ، وربما وجد هؤلاء سندا لأمنياتهم - حينما يستنطقون الواقع فينطق محملا بكل اهات الخذلان ، فيقولون : ويكان الحركة الإسلامية في فلسطين قررت ولوج عالم الانتحار والتصفية -
أقول ربما كان هذا التصور - من قبيل الحرص - قد لاقى استحسانا عند عامة المتعاطفين مع مشروع الحركة الإسلامية ، ولكن هل جل الحقيقة تكمن في مثل هذا النمط الاستقرائي المبني على قراءة الحدث التسجيلي المبني على حسابات الربح والخسارة في الرجال والأنفس والأموال ؟ ربما وهل هذه الخسارة - ان صحت - تعني فيما تعنيه فشلا كليا لمشروع الاصلاح والتغيير ؟ وان كان نعم ، فهل لهذا الفشل من مشابه تاريخي في عهد النبوة او الصحابة والتابعين ؟ وان كان نعم - وقد نجد- فهل لنا أن نناقشهم في منهج الاستعجال لنطرح بعض التساؤلات المضادة وفق رؤية تحليلية أكثر عمقا ؟
أولا: هل الحركة الإسلامية في الواقع التغيري مرهونة بالنتائج السريعة أم انها رهينة التصور الرباني في الارداة والامتثال؟ ز
ثم هل الواقع السياسي بمده وجزره قد رسم معالم مرحلة نهائية للمشروع الاسلامي النهضوي ..
ثم هل لنا أن نتامل في طبيعة الصمود الاسطوري ونتابع حركة تحقيق الانجاز على مستوى التمثيل والقيادة في المربع المختار اعني مربع المقاومة لنضع التساؤل التالي : " هل حقا تراجع الخط المقاوم امام قرصنة التفريط مع التجربة السياسية لحماس ام ان العكس هو الذي حصل ؟ الم تكشف التجربة الحمساوية طبيعة المواقف وتضع القضية الفلسطينية وتجلية واضحة أمام الناخب الفلسطيني ليختار أي الفريقين يريد ، ثم الم نلحظ ذلك التغير الملموس في واقع الحركة الميداني ؟ ، دعك من الضفة ؛ فحركة فتح فيها محمية بالدبابة والطائرة الصهيونية ، أما مشروعها الانهزامي - القائم على التفريط فلم يعد خطابا سياسيا على الإطلاق ، وإنما تحول إلى خطاب تهافتي مريع .
وهذا يعني : ان التجربة الحمساوية في الحقيقة قد جردت الواقع الفلسطيني من واقع الوهم وأعادت معادلة الصراع إلى نقطة الصفر بعد أن كادت تنسخ المراحل النضالية مع أوسلو ، فقد اثبتت حكومة المقاومة أن هناك إمكانية - لو توحد الشعب – من لعب دور المحاور المقاوم صاحب الحق الباحث عن موقعية تليق بجلال القضية ، وأسقطت وهم التبعية المطلق من خلال فرضيات هزيلة تحت مسميات واقعية الحل السياسي
. لقد بدا واضحا للعيان بعد حكومة حماس أن أي تحرك ضمن فرضية الحل السياسي لا يمكن ان تتم الا ضمن خيارات الارتهان والتساوق مع المحتل ، وهذا يؤكد عدم مصداقية التوجه السياسي لمن ينحاز لهذا الخيار ؛ فقد رسخت حماس ثوابت التحرك السياسي من خلال وضع قانون مبدئي للانتماء ومحدد للولاء أن أي تحرك سياسي خارج نطاق المقاومة لا يصب إلا في مصلحة المحتل.
ومن هنا ، نقول كان لا بد لحماس أن تقوم بهذه التجربة السياسية المهمة ، لتكسر واقع الوهم والتفرد لدى الفصيل الأقل مصداقية وحضورا - فتح - لترتيب أبجديات التصور الوطني من خلال هذه المزاوجة العملاقة بين الحراك السياسي المتزن ، والعمل المقاوم الشريف
وهذا ما تحتاجه فلسطين تحت الاحتلال ، فلسنا بحاجة إلى سلطة تمثل في اعلى مستوياتها دور شرطي المرور أو بائع الحلوى.