استحقاقات مجلس الحرب الذي عقد في دمشق

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

يوصف اللقاء الذي تم في دمشق وجمع كلاً من محمود أحمدي نجاد وبشار الأسد وحسن نصر الله على أنه اجتماع مجلس حرب، في مواجهة التهديدات الصهيونية التي تدق طبول الحرب منذ مجيء نتنياهو إلى الحكم في تل أبيب، واختياره لليبرمان العنصري الأحمق وزيراً للخارجية، وجسّد نتنياهو قرع طبوله هذه باغتيال الموساد للقائد العسكري الحمساوي محمود المبحوح وإعلان ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال إلى التراث الصهيوني المغتصب لفلسطين.

نحن لسنا ضد انعقاد مثل هذا الاجتماع الذي كنا نتمنى أن تدعى إليه كلاً من لبنان والدول العربية صاحبة الشأن، رداً على التهديدات الصهيونية وممارساتها الإجرامية وغير الأخلاقية بحق الفلسطينيين ومقدسات المسلمين في الخليل والقدس، وإدارة ظهرها لكل مبادرات السلام التي قبلها العرب أو قدموها.

وهنا لنا كلمة طالما أن الاجتماع تم وقيل ما قيل فيه وكُتم ما كُتم مما قيل وراء الكواليس.. ما أريد أن أقوله في سياق هذا الاجتماع أن هناك أمور ثلاث، أعتقد أنها إن لم يأخذها المجتمعون في حسبانهم فإن هذا الاجتماع قد أفرغ من محتواه ومضمونه، وأنه لا قيمة له ولا شأن ولا صدى لدى الشارع العربي الذي مج سماع الكلمات الخاوية والنبرة العنترية المضللة، وقد اكتوت المنطقة بما فاق حد التصور من خراب ودمار وقتل ودماء ونهب وفساد، وهي لم تعد تحتمل مزيداً من هذه المفردات!!

الأمر الأول يهم سورية والشعب السوري التي ستكون مربط الفرس في كل عدوان صهيوني وأمريكي كان مبيتاً لها ولم تحالفهم الفرصة لتحقيقه.. فالسوريون يرفضون تغييبهم عن مثل هذا القرار (قرار الحرب) الذي يقرر مصير الوطن والشعب السوري، وقد دفعت سورية والشعب السوري الثمن غالياً منذ عقود وحتى الآن، لأن الشعب السوري كان مُغيباً عن كل القرارات المصيرية التي كانت تُتخذ من وراء ظهره ودون استشارته ومشاركته.. وهذا يتطلب وحدة وطنية حقيقية وتمثيلاً صادقاً لجميع الأطياف السورية الوطنية دون إقصاء أو نفي أو إهمال أو استبعاد، سواء في العرق أو الدين أو المذهب أو الاعتقاد الفكري.. فهوية الوطن ليست حكراً لأحد دون أحد، ومصير البلاد لا يمكن أن يرتهن بيد لون معين من نسيج هذا الشعب دون كل الفسيفساء التي تلون المجتمع السوري الذي عاش في بوتقته لقرون طويلة عيشاً سلمياً فريداً.

الأمر الثاني وهو يتعلق بالسيد حسن نصر الله الذي عوّد اللبنانيين على اتخاذ القرار الصعب الذي يهم كل اللبنانيين من وراء ظهرهم، والذي كان من المفترض أن يكون بيد الحكومة اللبنانية التي تمثل كل أطياف الشعب اللبناني بما فيها طيف السيد حسن نصر الله، وكون السيد حسن نصر الله ليس له أي  صفة رسمية أو قانونية فإنه ليس من حقه أن يتقمص الدور السيادي لدولة لبنان والتكلم باسمها واتخاذ القرارات المصيرية دون علمها أو موافقتها أو أخذ رأيها!!

الأمر الثالث وهو الأهم ويتعلق بإيران والسيد أحمدي نجاد الذي كان على الدوام يقابل دق طبول الحرب من تل أبيب بدق طبول حرب أعلى وتيرة وأشد وقعاً وصدى، مما جعل العدو الصهيوني يحشد سلسلة من المتعاطفين معه ممن لم يكونوا محسوبين على صف حلفائه وفي مقدمتهم روسيا التي كانت تقليدياً حليفة للعرب ونصيرة لقضاياهم.. فيما ابتعدت كثير من الدول المهمة والفاعلة التي كانت إلى جانب قضايانا العربية كالهند على سبيل المثال.. إذن ما المطلوب من إيران وأحمدي نجاد من استحقاقات على خلفية اجتماع الحرب الذي عقده في دمشق مع بشار الأسد وحسن نصر الله؟!

المطلوب من إيران بداية اتخاذ إجراءات تطمئن العرب وخاصة دول الخليج المجاورة لها، وإيران تعرف ما عليها فعله حتى يطمئن العرب لها ولطموحاتها النووية، والمتمثلة بلجم مسؤولييها عن التصريحات المعادية للعرب ودول الجوار العربية الخليجية التي تسمع بين الفينة والأخرى ما يخيفها من أطماع إيران فيها ونيتها في ابتلاعها وخاصة دولتي الكويت والبحرين، اللتان تعتبرهما محافظتين فارسيتين، وإخلاء جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى وإعادتها إلى الإمارات العربية المتحدة، والتوقف عن التدخل في العراق ووقف المسلسل الدموي الذي تنفذه فيالقها بحق علماء العراق وشيوخ عشائره وكبار ضباط جيشه، وإثارة النعرات الطائفية فيه، وأن تقف على مسافة واحدة من كل مكوناته السنية والشيعية والكردية والتركمانية والمسيحية.

وأخيراً نريد من إيران ضمانة صريحة وواضحة وموثقة بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال قيام العدو الصهيوني بالعدوان على سورية أو لبنان كما فعلت عام 2006 عندما استباحت إسرائيل لبنان أرضاً وبحراً وسماء، ودمرت وأهلكت لبنان طولاً وعرضا، ولم نجد أي فعل لها إلا التنديد والتصريحات النارية التي لم يتجاوز لهيبها سماء طهران!!