بيان الاتحاد الأوروبي جاء بلا أسنان

محمد فاروق الإمام

محمد فاروق الإمام

[email protected]

كل الدلائل تشير إلى تورط الموساد الصهيوني بعملية اغتيال محمود المبحوح في دبي اعتماداً على ما جاء في تحقيقات شرطة دبي المدعومة بصور تحركات الفاعلين من ساعة دخولهم إلى مطار دبي وخروجهم منه بعد تنفيذ جريمتهم الجبانة، إضافة إلى صورهم الشخصية وجوازات سفرهم الأوروبية التي دخلوا بها الإمارة وخرجوا بها.

إضافة إلى شهادة بعض وسائل الإعلام الصهيونية، ومن بينها صحيفة (يديعوت أحرونوت) التي أكدت تورط الموساد الإسرائيلي في عملية اغتيال المبحوح في دبي. فقد كشفت الصحيفة الاثنين الماضي أن أحد أعضاء فريق الاغتيال المدعو (مايكل بودنهايمر) الذي حمل جوازاً ألمانياً اختفت آثاره في إسرائيل بعد أن كان قد أستأجر مكتباً في (هرتسليا).

وشهادة صحيفة (صينداي تايمز) البريطانية التي نشرت يوم الأحد 21 الجاري خبراً يؤكد على علم رئيس وزراء العدو الصهيوني نتنياهو بما سيقوم به الموساد وأعطى موافقته على تلك العملية. وجاء في الصحيفة أن (رئيس الموساد مئير داغان استقبل نتنياهو في مقر جهاز الاستخبارات وأطلعه على المخططات لقتل المبحوح بعد أن تلقى معلومات استخباراتية تؤكد أنه يخطط لزيارة دبي دون حراسة). وأضافت الصحيفة أن ( رئيس الوزراء أعطى موافقته على المهمة باعتبارها غير خطرة أو معقدة). وما جاء في الصحيفتين شهادة موثقة يجب اعتمادها في التحقيقات الجارية بشكل جدي ودون إهمال.

وإذا ما أسفر اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عن إصدار بيان أدان بشدة استخدام جوازات سفر أوروبية مزورة لدول أعضاء في الإتحاد الأوروبي وبطاقات ائتمان تم الحصول عليها عبر سرقة هويات مواطنين أوروبيين. فإن البيان لم يتطرق إلى مسؤولية الكيان الصهيوني في اغتيال المسؤول في حماس.

وهذا يعني أن الكيان الصهيوني سيبقى في منأى عن الإدانة والمحاسبة، وهو الذي يصر على اتباع سياسة الكتمان كإستراتيجية رابحة في ميدان حرب الظل التي يخوضها ذراعه الإستخباراتي، ساعياً إلى احتواء الإحراج الذي وقع فيه نتيجة استخدام جوازات سفر أوروبية لارتكابه جريمة على أرض دولة ذات سيادة تبعد عنه آلاف الأميال.

هذا الإحراج الذي وقع فيه الكيان الصهيوني - بحسب نائب وزير خارجية العدو الصهيوني- لا يعني أزمةً دبلوماسية، إلا أنه بات ضرورة تريحُ الجانبَ الأوروبي الذي بات بدوره مطالباً بموقف ينفي عنه تهمةَ التواطؤ أو العلم ِالمسبق، وهي التهمة التي أشارت إليها صحف أوروبية الأسبوع الماضي.

وجاءت تصريحاتُ رئيس الإتحاد الأوروبي وبعض أعضائه لتصب في موقف أوروبي متسامح يتوافق مع معادلة صهيونية أطلقها رئيس كيان العدو الذي قال (إن العلاقات السرية بين المنظمات الأمنية أكثر انفتاحاً وأكبر مغزى من العلاقات الدبلوماسية).

وفي حمأة الضجة الإعلامية التي توحي بلوم أو عتب أوروبي نتيجة سلوك الموساد، استبعد خبير صهيوني بارز أن تتعرض سمعة الكيان الصهيوني لخطر بارز أو أن يتم كشف نشاطاتها الإستخباراتية تحت الأضواء.

التحرك الأوروبي الخجول والناعم، ما كان ليتم لولا أن هناك جوازات سفر وبطاقات إئتمان تخص رعاياه، تمكن الموساد الصهيوني من الحصول عليها واستخدامها من قبل عناصره في ارتكاب جريمتهم في دبي.

وبالرغم من أن هذا التحرك الأوروبي الذي نتج عنه بيان بلا أسنان، عندما تجنب الحديث عن العدو الصهيوني أو توجيه الاتهام إلى جهازه الإستخباراتي، قوبل بصمت عربي رسمي من قبل كل العواصم العربية، فيما أشار الإعلام الرسمي إلى تلك الجريمة إشارة عابرة تتضمن في بعضها عبارات الشجب والتنديد.

فإذا ما جاء الموقف الأوروبي بلا أسنان، فبماذا نصف الموقف العربي؟!